أعاد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العامالنقاش حولإحالة عدد كبير من النواب البرلمانيين إلى المحاكمة، في الآونة الأخيرة، بتهم متعددة، وأهمية تعزيز نزاهة العمل البرلماني في ظل التحديات التي تعترضه بالسنوات الأخيرة.
قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إن 30 برلمانيا متابعا أمام القضاء على خلفية قضايا الفساد ونهب المال العام، وهي تهم مشينة وخطيرة في سابقة من نوعها في تاريخ البرلمان المغربي وفي برلمانات العالم.
بدوره، أشار رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي، أن هناك شبكة تم تفكيكها متورطة في أعمال قذرة، وضمنها قياديين حزبيين، وبعض الأحزاب والنقابات متورطة في اختلاس أموال عمومية موثقة بتقرير المجلس الأعلى للحسابات، وترفض أن ترد تلك الأموال إلى الدولة لأنها تريد نصيبها من المال السايب.
ولفت إلى أن هناك برلمانيين ورؤساء جماعات ترابية ممنوعين من مغادرة التراب الوطني، بسبب تورطهم في قضايا الفساد (تبييض الأموال،إصدار شيكات بدون رصيد ،تزوير وثائق للسطو على العقارات ،الرشوة،اختلاس وتبديد أموال عمومية)، ووزراء في الحكومة يستغلون مواقعهم لخدمة مصالحهم الخاصة.
وفي تدوينة أخرى،انتقد الغلوسي كيف أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي يسعى بكل ما أوتي من أجل التضييق على نشطاء حماية المال العام، ويتوعدهم بعقوبة سجنية تصل إلى عشر سنوات، ويتهرب من تجريم الإثراء غير المشروع ويحول هذه القضية إلى مجال للتندر والتهريج.
وسجل أن الأمر وصل ببعض رؤساء الجماعات إلى بيع ممتلكات الجماعة وتفويتها ضدا على القانون، كما أنهم يقعون تحت طائلة التنافي دون أن تعزلهم وزارة الداخلية.
واعتبر الغلوسي أن الحكومة تكشف عن توجهها المعادي للحقوق والحريات، ورئيسها ووزير العدل يتضايقان من حرية الرأي والتعبير، أما في الدول الديمقراطية يصبح فضاء الرأي والتعبير شاسعا، إلى حد أن المسؤولين هناك يتحولون إلى مادة للسخرية والتهكم بمختلف أشكال التعبير دون أن “يجرجروا” أحدا أمام المحاكم.
وأكد أنه على ماتبقى من الحقوقيين والديمقراطيين والصحفيين، أن لايتركوا هذه الحملة والهجوم على تعبيرات المجتمع تمر ، وعلى كل الأحرار أن يفضحوا خلفية هذا التوجه القمعي الذي يسعى إلى خنق كل الأصوات المشاكسة والرافضة للفساد والريع والرشوة.
ويبلغ عدد البرلمانيين المتابعين أمام القضاء المغربي، حوالي 30 نائبا ينتمون لأحزاب الأغلبية الحكومية وأحزاب المعارضة.
وهي التجمع الوطني للأحرار الذي يقود رئيسه عزيز أخنوش الحكومة رفقة حليفيه حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، إضافة لحزب الاتحاد الدستوري الذي يعد من تحالف الأغلبية رغم أنه لا يملك أي وزير.
أما عن المعارضة فيتابع برلمانيون من أحزاب الحركة الشعبية، الاتحاد الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية، والحركة الديمقراطية الاجتماعية.
وتم اعتقال ومتابعة أغلب البرلمانيين بتهم التورط في اختلالات مالية وإدارية واختلاس وتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والارتشاء والنصب والتزوير في محررات رسمية إضافة لمتابعة برلمانيين في قضية تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات.
وعن أسباب وخلفيات تزايد حالات اعتقال ومتابعة البرلمانيين، قال القيادي بحزب العدالة والتنمية (معارض) عبد العزيز أفتاتي، إن تزايد هذه المتابعات “نتيجة طبيعية للتدبير الممنهج والحكم بالفساد”.
وأضاف أفتاتي لـ”الاستقلال“، أن الجميع يعرف خلفيات وظروف وشروط تأسيس حزب الدولة الجديد في إشارة لحزب الأصالة والمعاصرة الذي يترأسه وزير العدل عبد اللطيف وهبي في حكومة رجل الأعمال أخنوش.
وفي 7 أغسطس/آب 2008، أشرف الشخصية النافذة فؤاد عالي الهمة (مستشار جلالة الملك محمد السادس) على تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة امتدادا لـ”حركة لكل الديمقراطيين”، قبل أن يقدم استقالته منه سنة 2011 ويُعيَن مستشارا للملك.
وأكد أفتاتي، أن تأسيس هذا الحزب جاء “بقصد التحكم في الحياة السياسية واستتباع المؤسسات والقضاء على الأحزاب الحقيقية”، مضيفا أن هذا الأمر “تطلب “الاستثمار” في الكائنات الفاسدة”.
وسجل أنه “لما مرت عاصفة 20 فبراير/شباط 2011 وخاصة مع اقتراب 2015 و2016 (انتخابات الجماعات والجهات والبرلمان) تمت العودة لتطعيم أحزاب الدولة الإدارية بالمفسدين مجددا”.
وأضاف أن هذه العودة “شجعت عتاة الفساد بمختلف أشكاله إلى اقتناص الفرصة والدخول لهذه الأحزاب لتقديم خدمة للتحكم وقضاء المآرب من اختباء في هذه الأحزاب وكذا حماية مكتسبات الفساد والمتحصل منه”.
ولفت إلى “تورط الكثير في بشاعات تدبيرية، وبعضهم لم يكن ممكنا التستر عليهم من فرط جرائمهم، وبحكم بعض المبادرات كذلك الناتجة عن نشطاء مناهضة الفساد”.
ورأى أن وصول هذه العينة من المفسدين للبرلمان والجماعات الترابية يأتي في السياق المشار إليه، حيث تسابقت “أحزاب” معروفة وخاصة حزب (الأصالة والمعاصرة) و”الرديف” (حزب التجمع الوطني للأحرار) وكذا حليفهم (الاستقلال) المشكل معهم للحكومة الحالية في استقطاب واحتضان بارونات الفساد.
وتابع أنه “مادام الوضع القائم يشجع على ذلك بهدف مواجهة حزب العدالة والتنمية تحديدا” فإن “الانتخابات البرلمانية لـ 8 سبتمبر/أيلول 2021 كانت مناسبة لاستقدام أي كائن فاسد وبصرف النظر عن وسائله بما فيها الوسائل المافيوزية كما اتضح مما تفجر لحدود الساعة”.
وفي 22 ديسمبر/كانون الأول 2023، أمر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بإيداع البرلمانيين عن حزب الأصالة والمعاصرة سعيد الناصري، وعبد النبي بعيوي، السجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء ومتابعتهم في حالة اعتقال في قضية تاجر المخدرات المالي المعروف إعلاميا بـ”إسكوبار الصحراء”.
بدوره، رأى رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي، أن هناك شبكات فساد ونهبا للمال العام لها امتداد في الدولة وتستغل مواقع المسؤولية للتغطية على أنشطتها الإجرامية، محذرا من أن هذه “المافيات تدفع الدولة والمجتمع نحو المجهول وتقامر باستقرار الوطن”.
وقال الغلوسي، في تدوينة عبر فيسبوك، إن “الملفات الأمنية والقضائية ذات الصلة بالفساد ونهب المال العام كشفت أن الأمر يتعلق بشبكات لها امتدادات في المجتمع والدولة، وأن هذه المافيات تمددت واستعملت أساليب مختلفة ضمنها الاحتماء ببعض المواقع العمومية للتغطية على أنشطتها الإجرامية”.
وأكد أن “أفراد هذه الشبكات يحرصون على الظهور في بعض الأنشطة بمظهر الدفاع عن المصلحة العامة مع التسويق لتلك الأنشطة إعلاميا حتى يظهروا للجميع بأنهم يدافعون فعلا عن المصلحة العامة”.
وأردف أن “منهم من يقوم بتمويل بعض الجمعيات وتوزيع بعض الإعانات في فترات مختلفة ليشيد الناس بسلوكهم وأخلاقهم المثلى !!كل ذلك بهدف التمويه والتغطية على انحرافهم”.
وأشار إلى أن هذه “المافيا تتاجر في كل شيء لتجمع الثروة وتغتني على حساب آهات ومعاناة الناس وحقهم المقدس في التنمية والعدالة وتضع الوطن برمته أمام أزمات وتوترات اجتماعية”.
ووصفها بكونها “شبكات متمددة ومعقدة لا تجد أي إحراج في ترك الوطن في مواجهة الاحتقان الاجتماعي وغلاء الأسعار والفقر والبطالة والتضخم والجفاف”.
وفي تدوينة أخرى، أشاد الغلوسي، بقرار قاضية التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالرباط المكلفة بجرائم الأموال عقل (منع التصرف) أموال وممتلكات البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار محمد السيمو على خلفية شبهة تبديد أموال عمومية.
وعد الغلوسي، “عقل ممتلكات المتهمين في قضايا الفساد المالي تحولا إيجابيا في تعاطي السلطة القضائية مع جرائم المال العام”.
وتابع “يبدو أن هناك توجها جديدا في مقاربة قضايا الفساد المالي إذ إن القضاء قد استشعر أخيرا خطورة الفساد وتداعياته الخطيرة على المجتمع والدولة بعدما كان يكتفي في وقت سابق بمتابعة المتهمين في حالة سراح دون إجراءات وتدابير قوية تحت ذريعة غياب نص قانوني يتيح للقضاء عقل ممتلكات المتهمين!!”.