أكد المرصد المغربي للثقافة، في ورقة توصل “المغرب الآن ” بنسخة منها، إن الدعم الحكومي للكتاب ومشاريع القراءة، ولكل المشاريع التي لا تهدف إلى تحقيق ربح مادي أو ذات أساس وهدف تجاري، وتؤدي في المقابل دور الصمام في حفظ الهوية والثقافة التي تشكل لبنة المجتمع وأساس اجتماع أطيافه، وبناء دولة حديثة قائمة على مؤسسات ترتكز على الإشراك والتعددية والتدبير العقلاني والحكامة الجيدة، وتساهم في إرساء قيم الحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، استنادا إلى مبدأ التلازم بين حقوق وواجبات المواطن.
وإذا كانت المؤسسات المسؤولة عن الثقافة والفنون في الدول الديمقراطية اليوم في كل بقاع العالم، تسارع وتجتهد في الرفع من نسبة الدعم للمشاريع المهتمة بالفعل الثقافي والفني، وخاصة في نشر الكتاب وتوزيعه وضمان توسيع مساحة مقرؤيته بموازاة اهتمامها بتسويقه إعلاميا، لوعيها بأهمية ذلك في حفظ الهوية ومقاومة العنف ومناصرة الحريات وضمان التعددية والاختلاف في ظل وحدة الهوية والانتماء، فإن المؤسسات المسؤولة عنها في بلدان مثل المغرب تسارع الزمن في مقاومة الأصوات الرافضة لزحفها عن القوانين وحصرها للكتاب بصيغ مختلفة، وتفريغ آخر قلاع الاهتمام به، والاحتفال بنشره تقديما وتوزيعا من أهدافها.
إن دعم الكتاب نشرا وتوزيعا وقراءة، ودعم الفعل الفني التعبيري بكل أشكاله وأنواعه، ليس هبة من أحد؛ فردا كان أو جماعة، وليس هبة مؤسسة بعينها، بل هو حق يكفله الدستور وتنص عليه القوانين، بدعم هذه القطاعات من المال العام.
وإذا كان ما قد عرفه المعرض الدولي للكتاب خلال هذه السنة من ارتجالية واضحة للبعيد قبل القريب في البرمجة الزمنية وفي المشاركة، وفي التدبير، وقبل ذلك في نقله غير المبرر من الدار البيضاء، قلب المغرب النابض وملتقى مدنه/ إلى الرباط. إلى جانب تغييب الكتاب المغربي والثقافة المغربية، بتغليب التغريب بأشكاله المختلفة، مثلما سجلت الكثير من الأصوات الحرة والمقاطعة، فإن من عجائب وغرائب وزارة الثقافة في المغرب، والتي تؤكد على مصداقية المقولة التي تقول “ما دمت في المغرب فلا تستغرب”، أولا دعم كتب لم يقدمها أصحابها للدعم، ومؤسسات لا هوية لها، ودعم كتب سبق نشرها. تخفيض وزارة الثقافة من القيمة المالية لدعم نشر الكتاب على هزالتها، في الوقت الذي ارتفعت فيه تكلفة نشره في العالم، والتخفيض الكبير من عدد الكتب المدعمة في الوقت الذي تسارع فيه دول العالم إلى الرفع من أعداد الكتب المنشورة والموزعة في كل حقول المعرفة الإنسانية والدقيقة وفروعهما، وأن تسكت عن ابتلاع المؤسستين الخاصتين بتوزيع الكتاب في المغرب.
ويكفي أن نقارن بين مرحلتين من تاريخ دعم الكتاب ونشره في وزارة الثقافة بالمغرب، بين تولي محمد الأمين الصبيحي للوزارة (2012) وبعده محمد الأعرج (2016) حيث تم فتح طلبات مشاريع دعم الكتاب دورتين، ومهدي بنسعيد (2021) الذي كاد أن يلغي الدورة الوحيدة التي أبقى عليها، وأن يعيد النظر في الدورة السابقة التي أعلن عن نتائجها ولم تصرف مبالغ دعم النشر بعض الجمعيات إلى اليوم.
وللمقارنة وجه ثان إذ نُشر بدعم من وزارة الثقافة في سنة 2016من مجموع الكتب المقدمة للدعم، 459 كتابا، وفي 2018 نال الدعم 296 كتابا ، وسنة 2019 تم دعم 233 كتاب، أما وزارة بنسعيد هذه السنة فقد قررت أن لا تمنح الدعم إلا 141 كتابا فقط، تعكس هذه الأرقام تراجع عدد الكتب المدعمة للنشر وقيمة الدعم في المغرب بين وزارة محمد الأمين الصبيحي وبنسعيد .
وإذا كان من أدبيات الدعم بالمال العام للمشاريع غير المربحة، نشر أسماء اللجنة المكلفة بدراسة المشاريع، ونشر المعايير والنصوص القانونية التي يتم الاستناد إليها في انجاز هذه العملية التي تقوم على الإشراك والوضوح، فإن وزارة الثقافة إلى اليوم لم تقرر ولم تكلف نفسها تقديم توضيح أو حتى الإعلان عن نتائج الدعم والدعاية لها في الصفحات الاليكترونية للأخبار أو في الجرائد اليومية.
وتبعا لكل ما تقدم، واستمرارا للمقاطعة والاحتجاج تأكيدا على رفضنا للسياسات الفاشلة والتدبير الارتجالي لقطاع الثقافة:
*نؤكد أن دعم الكتاب والمجلات والجمعيات الثقافية حق مشروع وليس “عصا وجزرة” في يد الوزير.
*نطالب بنشر لائحة بأسماء اللجنة المكلفة بدراسة مشاريع دعم الكتاب؛
*نشر المعايير المعتمدة لتحديد الكتاب المستفيد من الدعم؛
*نشر لائحة بمجموع الكتب المقدمة للدعم؛
*إيفاد الجمعيات التي لم تستفد الكتب التي قدمتها للدعم، بتقرير يوضح أسباب عدم استفادة كل كتاب من الدعم؛
*الإشراك الفعلي في الدورات اللاحقة للجمعيات المهتمة بنشر الكتاب وتوزيعه، وللفاعلين الثقافيين في كل المدن المغربية؛
* ندعو كافة المثقفين والجمعيات الثقافية ودور النشر الصغيرة إلى تشكيل جبهة لإسقاط الحيف والريع والارتجالية والقتل الثقافي.