المعارضة الاشتراكية تحذّر من تداعيات الغلاء..الوزيرة نادية فتاح تقر مجدداً “التلاعبات بالأسعار في الأسواق”

0
331

يبدي الشارع المغربي تذمرا من ارتفعت أسعار المنتجات الغذائية بشكل جنوني في المغرب، خاصة الخضر والفواكه التي يتم تصديرها بكميات كبيرة إلى الخارج، وبينما عزّت الحكومة سبب الغلاء إلى المحتكرين والوسطاء يتلاعبون بالسوق ويهددون السلم الاجتماعي، حيث يعيش المغاربة على وقع احتقان اجتماعي ينذر بالإنفجار، جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في عهد حكومة رجل الأعمال عزيز أخنوش.

حذّر نواب المعارضة في البرلمان في جدوى التطمينات التي تقدمها حكومة عزيز أخنوش بشأن السيطرة على الوضع الاقتصادي بالبلاد، في ظل استمرار ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، والذي بات يلقي بظلاله على شريحة واسعة من المواطنين، وأقرت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، بغلاء المواد الأساسية ووجود تلاعبات بالأسعار في الأسواق.

من جانبها نبّهت النائبة البرلمانية، خدوج السلاسي،عن حزب الاتحاد الاشتراكي (معارض) خلال جلسة أسئلة شفوية، أمس الاثنين، إلى “الارتفاعات الصاروخية” في أسعار المواد الأساسية وشعور المواطنين بـ”التذمر والقهر” إزاء ذلك، منتقدة فشل المحاولات الحكومية وغياب أثرها الإيجابي على انخفاض الأسعار.

وحذرت السلاسي من “مخاوف أن تصبح الحكومة مضطرة لمعالجة تداعيات الغلاء من خلال الخضوع للإكراهات الموجودة على مستوى الشارع كما يحدث اليوم في مجال التعليم”، متسائلة عن الحلول المبتكرة للحكومة لمواجهة جشع الوسطاء والمحتكرين وإمكانية المراقبة المنتظمة والجدية للأسعار.

ودعت البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية (معارض)، مليكة أخشخوش، الحكومة لاتخاذ إجراءات لحماية المغاربة والتخفيف عنهم من “فوضى الزيادة العشوائية في الأسعار وغياب الضبط والمراقبة”، منتقدة رفض الحكومة “استعمال مقتضيات القانون التي تسمح بتسقيف المواد التي تعرف ارتفاعا فاحشا واستعمال الآليات الجبائية للرفع من القدرة الشرائية التي تدهورت بشكل مقلق”.

وفي نفس الجلسة البرلمانية أمس، أقرت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي بارتفاع أسعار المواد الأساسية، أوضحت في ردها، أن “الحكومة بذلت مجهودات منذ بداية ولايتها وتفاعلت مع جميع الأزمات”، مسجلة أنه رغم مجهودات الحكومة في دعم المواد الأساسية والفلاحة وسلاسل الإنتاج والنقل إلا أن هناك “تقلبات مرتبطة بالمناخ”.

وبشأن التلاعبات في الأسعار، ذكرت الوزيرة أن “جميع القطاعات الحكومية المكلفة بمراقبة الأسعار تبذل مجهودات مهمة حيث تمت مراقبة أكثر من 312 ألف نقطة بيع خلال السنة الجارية”، مضيفة أنه تم ضبط 15 ألف مخالفة و3300 مخالفة كانت موضوع إنذارات.

وفي غضون ذلك، تتعالى الأصوات المنددة بغلاء المعيشة داخل المملكة، وحتى إذا خلا البرلمان وكذلك وسائل الإعلام الرسمية من نقاش جاد حول أسباب الوضع المعيشي الصعب، فقد انتشرت على نطاق واسع على الشبكات الاجتماعية تحذيرات المغاربة من أن الوضع المعيشي لم يعد يحتمل، ولم تعد مقبولة تلك الأسباب التي تتحجج بها الحكومة مثل الجفاف والبرد وغلاء البذور والمحروقات وتلاعب في الأسواق.

وفي هذا السياق، أفادت المسؤولة الحكومية أن وزارة الداخلية أضافت هذه السنة حوالي 100 مراقب للتصدي للتلاعبات التي تعرفها أسعار المواد الأساسية بالأسواق، مستدركة أن “هذه التلاعبات تستوجب حلولا هيكلية في الإنتاج ومن أجل الحفاظ على الأسعار”.

وخلف ارتفاع أسعار مجموعة من المواد الغذائية في الآونة الأخيرة من بينها الخضر والفواكه واللحوم، استياء واسعا على منصات التواصل الاجتماعي وغضب مهنيي القطاع الفلاحي والنقابات والجمعيات الحقوقية التي اشتكت موجة الغلاء وتضرر قدرة المواطنين الشرائية، مؤكدين أن هذه الزيادات “تهدد الاستقرار الاجتماعي” وتستوجب تدخل الحكومة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين.

أزمة غلاء المعيشة هي أكبر المخاطر التي تحدق بالمغرب خلال السنتين القادميتن، حسب تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، يواجه البلد مخاطر أخرى ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية، هي التضخم السريع والمستمر، والصدمات الشديدة في أسعار السلع الأساسية، والأزمات الحادة في المعروض من السلع الأساسية بالأسواق.

ولا تزال الأسر المغربية المتواضعة والأكثر احتياجا تعاني أشد المعاناة من آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من الأسعار، حيث أوضح البنك الدولي أن معدل التضخم السنوي كان أعلى بنسبة الثلث تقريبا بالنسبة لأفقر 10% من السكان، بالمقارنة مع أغنى 10% من السكان، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى آثار زيادة أسعار الغذاء التي تستحوذ على نسبة أعلى من إنفاق الأسر الأكثر فقرا.

وفي هذه الأجواء، تواجه حكومة رجل الأعمال عزيز أخنوش مؤشرات احتقان اجتماعي متصاعد، بعدما لم تتفاعل بالاستباقية اللازمة، أضحت تتخذ إجراءات لاحقة لكنها تبدو متباطئة، في حين أن المغاربة يريدون تأثيرات ملموسة، أو بعبارة أخرى فهم خائفون من الإفلاس أثناء التسوق، خاصة في شهر رأس السنة والبرد حيث يميل الاستهلاك إلى الزيادة.

إن الجيب المثقوب والمعدة الفارغة هما المزيج المثالي لغضب اجتماعي لا يمكن احتواءه بأي حال من الأحوال، فإذا لم تنجح الحكومة في تجنبه هذه المرة، سوف تقود البلاد إلى الأسوء.