في المغرب هناك قرابة مئة ألف سجين، حوالي الثلث منهم لا يتوفرون على أسرة. الأسباب متعددة منها، خصوصاً أن نسب الاعتقال الاحتياطي مرتفعة، بينما تقول السلطات إن نسب الجريمة كذلك ارتفعت.
ومن أكبر الملفات التي تساهم في ظاهرة الاكتظاظ، ظاهرة الاعتقال الاحتياطي، أي وجود سجناء لم تصدر بشأنهم أحكام قضائية تدينهم بالسجن، لكن يتم اعتقالهم نظراً لخطورة الجرائم المتهمين بارتكابها، في انتظار صدور حكم قضائي حول قضاياهم.
في هذا الصدد، كشف الحسن الداكي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، اليوم الاثنين، عن تراجع معدل الاعتقال الاحتياطي بالمغرب إلى أدنى مستوى له خلال العقد الأخير.
وأوضح الداكي خلال افتتاح السنة القضائية 2024 أن معدل الاعتقال الاحتياطي بلغ عند نهاية شهر دجنبر 2023 نسبة 37.56% مقابل 40.85% عند نهاية سنة 2022، حيث انخفض عدد المعتقلين الاحتياطيين إلى 38552 معتقلا من مجموع الساكنة السجنية البالغ عددها 102650 نزيلاً.

وأكد الوكيل العام للملك تركيز النيابة العامة على ترشيد الاعتقال الاحتياطي والحرص على بذل الجهود الممكنة للمساهمة في البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين داخل آجال معقولة، وهو ما أسفر عن تحقيق أدنى معدل اعتقال احتياطي تم تسجيله خلال العشر سنوات الأخيرة.
وليس الاعتقال الاحتياطي وحده هو الذي يرفع عدد السجناء، بل كذلك عدم تنفيذ أحكام قضائية تقضي بإيداع محكوم عليهم في مؤسسات العلاج، خصوصاً منهم من يعانون من المرض العقلي، وكذلك من يعانون من إدمان المخدرات، وفق ما يشير إليه الجباري.
لكن الوكيل العام للملك تحدث عن أن السلطات الأمنية لا تلجأ إلى الاعتقال إلّا عند الضرورة، وأن أغلب عدد المقدمين كانوا رهن الحراسة النظرية في إطار حالات التلبس، وقد تم خلال سنة 2023 تقديم ما مجموعه 643 ألفا و44 شخصا، منهم 619 ألفا و883 راشدا، أي بنسبة 97% من مجموع المقدمين، بينما بلغ عدد المقدمين من الأحداث ما مجموعه 23161 حدثا، بنسبة لا تتجاوز 3%، فيما بلغ عدد الإناث المقدمات خلال سنة 2023 ما مجموعه 44396، ما يشكل نسبة تقدر بحوالي 7% من مجموع المقدمين.
حسب الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية لإدارة السجون وإعادة الادماج على 85 مؤسسات سجنية توزع كالاتي : سجون المركزية عددها 2 – السجون المحلية عددها 75 ، مراكز الإصلاح و التهذيب عددها 2 – السجون الفلاحية عددها 6 .
وأكد الوكيل العام للملك حرص النيابة العامة خلال سنة 2023 على التفاعل الإيجابي مع كافة الشكايات المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك تلك الخاصة بادعاءات العنف وسوء المعاملة والاعتقال التعسفي، وغيرها، حيث أكد تحريك المتابعة كلما توفرت شروط ذلك ضمانا لمبدأ المساواة أمام القانون ولقاعدة عدم الإفلات من العقاب.
وأضاف رئيس النيابة العامة أنه تم الحرص على حماية الحقوق المكفولة لفائدة الموقوفين بما في ذلك الحق في السلامة الجسدية من خلال إصدار أوامر بإخضاع 232 موقوفا للفحص الطبي.
وفي إطار تجسيد الدور الرقابي في مجال حماية الحقوق والحريات، أبرز الداكي أن قضاة النيابات العامة قاموا خلال سنة 2023 بزيارات تفقدية للأشخاص الموقوفين بالأماكن المخصصة للحراسة النظرية، بلغ 21930 زيارة، بزيادة فاقت نسبة 115% من الزيارات المفترض القيام بها قانونا والمحددة في 18952 زيارة، إضافة إلى 183 زيارة لمستشفيات علاج الأمراض العقلية، أي بنسبة بلغت 143 % من عدد الزيارات المفترضة قانونا خلال السنة.
ويقول رئيس نادي قضاة المغرب في مقال نشره على صفحته على فيسبوك أن “ارتفاع نسبة الجريمة بكل أنواعها يحتم ضرورة توفير الأمن للمواطنين”، وأن ارتفاع حالة العودة لارتكاب الجرائم يبين “فشل السياسة العقابية التي تعتبر فيها العقوبة السالبة للحرية قطب رحاها”.
حوالي مئة ألف سجين في المغرب، بينما لا تتوفر السجون سوى على 64.6 ألف سرير. هذه الأرقام لم تصدر عن منظمة غير حكومية أو جهة حقوقية، بل عن إدارة السجون المغربية (المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج) التي ذكرت أن رقم السجناء وصل حداً غير مسبوق.



