اليمني: أرباح شركات المحروقات في المغرب 4 دراهم في اللتر..شركات المحروقات تتحدى مجلس المنافسة والدولة؟!

0
465

عاد ملف أرباح شركات توزيع المحروقات في المغرب إلى الواجهة من جديد، بعدما صدر تقرير عن مجلس المنافسة تضمن اتهامات ثقيلة للشركات الفاعلة في هذا القطاع بتعطيل المنافسة، من خلال الاتفاق على تحديد أسعار البيع وزيادة أرباحها بشكل كبير.

يعمل في المغرب حوالي 29 شركة في سوق توزيع الديزل والبنزين (متوسط السعر حالياً 15 درهماً أي 1.37 دولار للتر) وتبلع محطات الخدمة التابعة لها حوالي 2399، ويستورد المغرب كامل احتياجاته من المنتجات البترولية من الخارج.

في المقابل، كشف الحسين اليماني، الخبير في المجال الطاقي ورئيس النقابة الوطنية للبترول والغاز في المغرب، إن أرباح شركات المحروقات اليوم، تبلغ حوالي 4 دراهم في لتر البنزين، و3دراهم في لتر الغازوال.

اليماني أشار إلى أنَّ في تصريح إعلامية، أن في حال قررت الحكومة إلغاء تحرير أسعار المحروقات، والعودة لتحديدها حسب الطريقة التي كان معمول بها قبل التحرير، ودون الدعم ولو بدرهم واحد من صندوق المقاصة، فإن لتر ثمن الغازوال خلال الأسبوع الثاني لشهر دجنبر الجاري، لا يجب أن يتعدى 11 درهما، وثمن لتر البنزين لا يجب أن يتعدى 11.52 درهم.

وأشار اليماني إلى أن هذه الطريقة في حساب السعر، كانت تعتمد على متوسط أسعار السوق الدولية، وسعر الصرف، وتكاليف التوصيل والأرباح المحددة في اللتر الواحد.

وأبرز المتحدث أنه وبناء على معطيات السوق الدولية، وباحتساب ثمن الوصول للميناء وجميع المصاريف، فسيبلغ ثمن لتر الغازوال زهاء 6.95 درهما، وثمن البنزين زهاء 5.92 درهما، وبإضافة الضرائب وغيرها من المصاريف، يبلغ ثمن لتر الغازوال 10.37 درهما ولتر البنزين 10.72 درهم، وليس كما هو الحال اليوم، حيث يباع لتر الغازوال ب 13.3 درهما، والبنزين بسعر 14.5 دراهم.

واعتبر اليماني أنه وبعد فشل مجلس المنافسة في ردع ممارسات الرفع من الأسعار والتفاهم حولها، وبعد تعطيل التكرير بشركة سامير، فلم يبقى سوى التركيز على مطالبة الدولة بصفتها صاحبة السلطة والسيادة، لسحب المحروقات من قائمة المواد المحررة أسعارها، والعودة لتقنينها وفق تركيبة جديدة تضمن حقوق ومصالح الجميع.

وخلص الفاعل النقابي إلى التأكيد على أن تعزيز الأمن الطاقي وتخفيف كلفة الطاقة البترولية، لن يتحقق سوى بإحياء تكرير البترول وإلغاء تحرير الأسعار ومراجعة الضريبة وإعادة هندسة القوانين المنظمة للقطاع الطاقي بشكل عام.

البرلمان يرفض الاستماع إلى رئيس مجلس المنافسة الذي كشف مكاسب غير مشروعة للوبيات المحروقات تُقتطع من جيوب المواطنين

يبلغ متوسط حجم الكميات المبيعة في السوق الوطنية من البنزين حوالي 6.6 مليون طن سنوياً، ما يماثل حوالي 8.3 مليار لتر، أي بمعدل استهلاك حوالي 228 لتراً للفرد في العام.

مجلس المنافسة كناية عن هيئة رقابية تُعنى بمحاربة الاحتكار والممارسات المنافية لقواعد اقتصاد السوق، وقد تطرّق في تقريره، الصادر مؤخراً، لمبيعات وأرباح 7 شركات، هي: “أفريقيا” و”غرين أويل” و”المغربية للنفط” و”ونسكو” وكلها مغربية، بالإضافة إلى “فيفو إنرجي” و”توتال إنرجي” و”أولا إنرجي” وهي فروع لشركات أجنبية.

يثير ملف المحروقات، منذ سنوات، جدلاً سياسياً نظراً لكون إحدى الشركات المعنية، وهي “أفريقيا”، تابعة لمجموعة “أكوا” (AKWA) التي يمتلك رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش حصة الأسد فيها، وهو يُعتبر بحسب “فوربس” أكبر أغنياء المملكة بثروة تناهز 2.8 مليار دولار.

وفقاً لتقرير مجلس المنافسة؛ بلغ الربح الصافي الإجمالي للشركات السبع من مختلف أنشطتها، التي تشمل توزيع الديزل والبنزين والغاز والفيول والكيروسين، 10.7 مليار درهم مغربي (حوالي مليار دولار) ما بين عامي 2018 و2021.

تُمثّل الأرباح المتأتية من نشاط بيع الديزل والبنزين تحديداً أكثر من النصف، بحوالي 6.7 مليار درهم (606 مليون دولار) خلال الفترة نفسها، أي بمتوسط سنوي يناهز 1.68 مليار درهم.

بلغت أرباح شركة “أفريقيا” العام الماضي 497 مليون درهم (45 مليون دولار)، في حين حققت “فيفو إنرجي” 555 مليون درهم (50 مليون دولار)، و883 مليون درهم (80 مليون دولار) لـ”توتال إنرجي”.

خلاصات التقرير أشارت إلى أنَّ انخفاض أسعار المحروقات على المستوى العالمي لم ينعكس على الأسعار المطبّقة من قِبل الشركات محلياً، نظراً لوجود تفاهمات بينهما، وهو ما يُجرّمه القانون.

ويُعزى سبب هذا إلى إبطال الشركات الكبرى للمنافسة والتحكم في السوق بعد تحرير الأسعار وعجز مجلس المنافسة عن القيام بواجبه في الضبط والمراقبة والمعاقبة”.

قبل 2015، كانت أسعار المحروقات في المغرب مُدعّمة من الدولة، بكلفة تناهز 50 مليار درهم سنوياً (4.5 مليار دولار)، أي ما يعادل ميزانية وزارة التربية الوطنية. وكان هذا الدعم يتم عبر صندوق المقاصة الذي يدعم حالياً السكر والدقيق وغاز البوتان بكلفة متوقَّعة مع نهاية العام بحوالي 33 مليار درهم مغربي.

اليماني أوضح أنَّ “هامش الربح كان قبل التحرير في حدود 0.56 درهم للتر الديزل، وقفز بعد التحرير لأكثر من درهم، ووصل في بعض الأحيان لحوالي درهمين، لاسيما حينما تتأخر الشركات بتخفيض الأسعار بعد هبوطها في السوق الدولية بدعوى التخلص من المخزون القديم”.

لدى المغرب مصفاة وحيدة لتكرير البترول توجد بمدينة المحمدية، لكنَّها توقفت عن العمل عام 2015 بسبب تراكم ديونها إلى أكثر من 43 مليار درهم (4 مليارات دولار)، ودخلت مرحلة التصفية عام 2016 بحكم قضائي يتم بموجبه بيع أصول الشركة، لكن لم يتم ذلك لحد الساعة بدعوى عدم تلقي عروض مجدية للشراء.

يَعتبر رئيس النقابة الوطنية للبترول والغاز في المغرب أنَّ “العمل على استئناف تكرير البترول في المملكة، والتشجيع على تعزيز نشاط التخزين، وحمل مجلس المنافسة على القيام بدوره الدستوري في منع كل الممارسات المنافية لقواعد حرية الأسعار والمنافسة؛ كلها إجراءات مطلوبة لضبط سوق المحروقات، وبالتالي؛ توفير منافسة عادلة وتخفيض الأسعار إلى مستوى معقول وهامش ربح مقبول”.