عبرت تونس عن استغرابها من مضمون البيان الصّادر عن لجنة الأمم المتّحدة للقضاء على التّمييز العنصـري بخصوص وضعيّة المهاجرين، وجدّدت تونس -في بيان لوزارة الخارجية- تأكيدها أنّه لم يصدُر عن أيّ جهة رسميّة تونسيّة أيّ خطاب كراهية ضدّ الأجانب أو أيّ تحريض على التيميز العنصـري.
وأكد البيان حرص تونس على التّعامل مع ملفّ الهجرة حسب ما تقتضيه المواثيق الدّوليّة والقانون الدّولي الإنساني في كنف احترام سيادة القانون التّونسـي.
وأضاف أن تونس كانت سبّاقةً في التّشريع من أجل حفظ كرامة المهاجرين دون تمييز، بإصدارها قانون متلائم مع المعايير الدّوليّة سنة 2018 يهدف إلى القضاء على جميع أشكال التمييز العنصـري ومظاهره، ويتمّ على أساسه تتبّع كلّ اعتداء مادّي أو معنوي على أيّ أجنبي مهما كانت وضعيّته القانونيّة.
وتودُّ تونس التّذكير أنه منذ ظهور الأزمة المفتعلة حول التمييز العنصري، وإيمانًا بعمق روابط تونس الأفريقيّة، تمّ اتّخاذ عدّة إجراءات لتسهيل إقامة الأشقاء الأفارقة بتونس، وتعزيز الإحاطة وتكثيف المساعدات الاجتماعيّة والصّحيّة لفائدتهم، وردع كُلّ أنواع الاتّجار بالبشر والحدّ من ظاهرة استغلال المهاجرين غير النّظاميين، ووضع رقم أخضر للإبلاغ عن أيّ تجاوز في حقهم.
ودعت تونس -بحسب البيان- كافة الأجهزة والهيئات الأمميّة إلى تحرّي الموضوعيّة في بياناتها المتعلّقة بأوضاع المهاجرين بتونس وعدم التّغاضي عن جهود تونس المتواصلة في مجال مكافحة التّمييز العنصري، كما
دعت إلى التّعامل مع مسألة الهجرة وفق مقاربة شاملة حتى يتسنّى حلّ مشاكل الهجرة وجعلها هجرة آمنة وكريمة ونظاميّة في كنف احترام سيادة الدّول ومصالح شعوبها.
وفي بيان أصدرته لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري، عبرت فيه عن “انزعاجها من التصريحات التي أدلى بها الرئيس التونسي (قيس سعيّد) في أواخر فبراير” عن أن تدفق المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء يمثل “مصدر عنف وجرائم” وأنه جزء من “ترتيب إجرامي” يهدف إلى “تغيير التركيبة الديموغرافية لتونس”.
واعتبرت اللجنة، التي تعمل على رصد امتثال أطراف الاتفاق الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري به، أن تصريحات الرئيس التونسي تتعارض مع الاتفاق.
وقالت إنها “قلقة بشكل عميق من تصاعد خطاب الكراهية العنصري أو المعادي للأجانب في تونس ضدّ المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء على شبكات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام الأخرى، بما في ذلك خطاب الكراهية العنصري من جانب أشخاص وأحزاب سياسية”.
ولاحظت أن موجة خطابات الكراهية أدت إلى أعمال عنف ضد هؤلاء المهاجرين شملت اعتداءات جسدية وعمليات طرد من منازلهم ووظائفهم.
ولفتت أيضا إلى التقارير التي تفيد باعتقالات تعسفية عديدة بحق هؤلاء المهاجرين من بينهم نساء وأطفال وطلاب “نفذتها قوات الأمن في إطار الحملة التي تحمل اسم “تعزيز التدابير الأمنية والحد من ظاهرة الإقامة غير الشرعية بالبلاد التونسية” بدون أي ضمانات إجرائية”.
وطالبت اللجنة سعيّد بالوقف الفوري لعمليات الاعتقال والاحتجاز الجماعية للمهاجرين والإفراج عن المحتجزين تعسفا والسماح لمن يختارون طلب اللجوء بالقيام بذلك.
وشدّد الرئيس التونسي في خطاب أدلى به في 21 فبراير على وجوب اتخاذ “إجراءات عاجلة” لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده.
وفي الثامن من مارس، نفى أي عنصرية في موقفه من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، مؤكدا أن التصريحات “لا يمكن تفسيرها من خلال تأويلات رددتها بعض الألسن الخبيثة” التي وصفت تصريحاته بالعنصرية.
وفي ضوء ذلك، قرر البنك الدولي تعليق إطار الشراكة مع تونس “حتى إشعار آخر”.