انعقد اليوم بالمركز الجماعي دار العسلوجي بإقليم سيدي قاسم المؤتمر التأسيسي لـ”المنظمة الشعبية للفلاحين الحركيين”، في أجواء تنظيمية متينة وحضور قوي لقيادات حزب الحركة الشعبية، من بينهم الأمين العام محمد أوزين، والرئيس محند العنصر، بالإضافة إلى برلمانيين ومنتخبين جهويين وإقليميين، إلى جانب فعاليات فلاحية محلية وجهوية.
ما دلالة هذا التأسيس في السياق السياسي والاقتصادي الوطني؟
يمثل هذا المؤتمر استمرارية الدينامية التنظيمية التي ينتهجها حزب الحركة الشعبية، والتي تسعى بوضوح إلى تعزيز جذوره في العالم القروي، من خلال بناء مؤسسة تمثيلية تجمع الفلاحين الصغار والمتوسطين، الذين يشكلون شريحة أساسية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي المغربي.
لكن ماذا يعني هذا التوجه في ظل المنافسة السياسية القوية بين الأحزاب؟ هل هو محاولة لإعادة ترتيب أوراق الحزب في الريف والقرى بعد تحولات انتخابية وحركية على الساحة الوطنية؟ وهل تعكس هذه الخطوة اعترافًا متزايدًا بأهمية القطاع الفلاحي في التنمية المستدامة والاستقرار المجتمعي؟
القطاع الفلاحي بين تحديات التغير المناخي والمياه: كيف يمكن للحزب أن يحقق الفارق؟
جاءت المداخلات في المؤتمر لتؤكد حجم الإكراهات التي يواجهها الفلاح المغربي، في ظل تغيرات مناخية متسارعة وتراجع حاد في الموارد المائية، وهو واقع يهدد صمود آلاف الأسر التي تعتمد على الفلاحة كمصدر رئيسي للعيش.
في هذا السياق، يطرح السؤال: هل لدى المنظمة الشعبية للفلاحين الحركيين رؤية استراتيجية واضحة للتعامل مع هذه التحديات؟ وهل ستتمكن من دفع أجندة فلاحية تراعي خصوصيات الفلاح الصغير والمتوسط وتربط بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية؟
الحركة الشعبية: من حزب تقليدي إلى فاعل اجتماعي اقتصادي؟
تأسيس هذه المنظمة قد يشير إلى تحوّل في رؤية الحركة الشعبية التي طالما ارتبطت بتاريخها بالريف والوسط القروي، نحو تعزيز حضورها في قضايا الفئات المنتجة، عبر بناء مؤسسات تمكّنها من تقديم صوت قوي ومستقل للفلاحين داخل المنظومة الحزبية والسياسية.
إلا أن ذلك يفتح نقاشًا حول مدى قدرة الحزب على تحويل هذه المبادرة إلى تأثير ملموس في السياسات الفلاحية، خاصة في ظل هيمنة قضايا التنمية الحضرية والاقتصاد الصناعي على أجندة الدولة.
هل التنظيم الشعبي للفلاحين سيكون رافعة سياسية أم مجرد واجهة؟
يبقى السؤال المحوري: هل ستنجح هذه المنظمة في أن تكون فاعلًا حقيقيًا يدافع عن مصالح الفلاحين، أم أنها ستظل أداة تنظيمية تقليدية ضمن لعبة الأحزاب السياسية؟ وكيف يمكنها أن توازن بين التمثيل السياسي والخدمة المباشرة لقضايا التنمية الفلاحية؟
ختامًا: منظمات الفلاحين في المغرب بين الاستمرارية والتجديد
إن تأسيس المنظمة الشعبية للفلاحين الحركيين يأتي في زمن تشهد فيه المملكة تحديات كبرى في مجال الأمن الغذائي والتنمية القروية، مما يستوجب نقاشًا معمقًا حول دور الأحزاب السياسية في تأطير القطاعات الحيوية.
فهل ستساهم هذه الخطوة في تعزيز النهوض الفلاحي وتحقيق عدالة تنموية أم ستكون مجرد صفحة جديدة في سجل التنظيمات الحزبية؟ وهل سيترجم هذا التأسيس إلى تحالفات سياسية جديدة قد تعيد رسم خارطة الفاعلين في القرى المغربية؟