وصفت هيئة دفاع الضجية التهامي بناني بعد 16 عاما على اختفائه، الحكم الذي أصرته الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، مساء أمس الأربعاء، بالسجن 20 سنة لكل “المتورطين ” في قضية مقتل الشاب التهامي بناني بــ”مخفف نظراً لبشاعة الجريمة”، مطالبة باعدام الجناة ومتابعتهم وفق جناية تكوين عصابة إجرامية والقتل العمد وتشويه الجثة.
وتعود تفاصيل هذا الملف الذي يمثل أحد أكثر حالات الاختفاء غموضا ومتابعة بالمغرب إلى سنة 2007، حين خرج الشاب التهامي بناني، البالغ آنذاك 17 عاما، رفقة أصدقائه، ليختفي منذ ذلك اليوم وإلى الأبد.
وطيلة السنوات الماضية، حملت أمّ التهامي بناني هَمّ كشف لغز اختفاء فلذة كبدها ومعاقبة المتسببين في مقتله، واستطاعت من خلال ظهورها على منصات التواصل الاجتماعي، تسليط الضوء على ملف اختفائه، وكسب تضامن واسع مع قضيتها، قبل أن يؤكد الأمن المغربي، عام 2019، مقتله، ويعيد فتح التحقيق مع أصدقائه.
والأربعاء، عادت قضية التهامي بناني مجددا إلى الواجهة، لتكتب آخر فصولها، بإصدار غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حكما بإدانة صديقيه، بالسجن عشرين عاما لكل منهما، وغرامة 60 ألف دولار، بحسب تقارير إعلامية محلية.
وأفاد محامو هيئة دفاع التهامي بناني، بأن المدانين في القضية، توبعا من طرف المحكمة، بتهم القتل العمد وإخفاء الجثة وتعاطي المخدرات.
وزيرة الإسكان : 70% من استثمارات مغاربة العالم مرتبطة بالعقار..الارتباط القوي للجالية بوطنها لا توازيه الإجراءات الحكومية الضرورية لفائدتها
وأكد ممثل النيابة العامة خلال المحاكمة على أن “جريمة قتل بناني تبقى ثابتة”، كاشفا “العثور على الرأس مفصولة عن الجسد، إلى جانب وجود كدمات على مستوى الجسم”.
والتمس نائب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ودفاع الضحية، “الحكم بأقصى العقوبات في حق المتهمين المتابعين في حالة اعتقال بالسجن”.
وفي المقابل، تمسك دفاع المتهمين على دحض التهم المنسوبة إليهما والتأكيد على براءتهما من ذلك، و”انتفاء القصد الجنائي” في القضية.
وأكد محاميا الشابين المتهمين “تعرض موكليهما للظلم جراء الاعتقال، في ظل غياب أدلة على ارتكابهما جريمة قتل”.
وكان لفيديو نشرته مدونة يوتيوب مغربية تدعى صفاء، والذي تطرق لتفاصيل واقعة الاختفاء، الفضل في عودة تركيز الضوء على القضية من جديد، بعد أن حقق أكثر من 3 ملايين مشاهدة خلال 5 أيام فقط.
وتؤكد حياة العالمي، والدة المختفي، أن حجم المشاهدة والتفاعل الكبير الذي حققهما الفيديو الذي يحكي قصة الاختفاء، قد مكّن من تسليط الضوء على هذه القضية وإعادتها إلى الواجهة.
وتضيف الأم لوسائل الإعلام: “قضية اختفاء ابني منذ 15 عاما، حصدت تعاطف وتضامن العديد المغاربة، الذين يطالبون بتحقيق العدالة في هذا الملف”.
وتعد حالة اختفاء الشاب التهامي بناني ابن مدينة المحمدية، وسط المغرب، من بين أغرب حالات الاختفاء في البلاد، والتي لم يتم الكشف عن جميع ملابستها والظروف المحيطة بها. فما هي تفاصيل هذه القصة المحيرة؟
خرج ولم يعد
في أحد أيام شهر أبريل من عام 2007، خرج التهامي بناني وكان في الـ17 من عمره، من منزل عائلته، وامتطى سيارة وغادر رفقة أصدقائه إلى وجهة مجهولة، قبل أن يختفي، ويترك وراءه لغزا عمّر 15 عاما.
تحكي حياة العلمي والدة المختفي، أنها رأت بأم عينها ابنها وهو يغادر رفقة أصدقائه لكنه لم يعد واختفى منذ ذلك الحين عن الأنظار، وكانت تلك آخر مرة تراه فيها.
ومنذ اليوم التالي، انطلقت الأم في رحلة البحث عن ابنها، في كل الاتجاهات ووسط كل معارفه وأصدقائه، دون أن يسفر ذلك عن نتيجة، لتقوم بتقديم شكاية لدى السلطات الأمنية، حيث باشرت الأخيرة التحقيق الذي أفضى إلى استدعاء الشباب الذين رافقوا المختفي حسب شهادة الأم، لكنهم أنكروا لقاءه يوم الاختفاء.
تكذيب الشباب لرواية الأم أثار شكوكها ولم تستوعب على حد قولها السبب وراء إنكار تواجدهم مع ابنها خلال ذلك اليوم المشؤوم، بعد أن كانوا قد أكدوا لها أثناء البحث عليه أنه كان فعلا معهم لكنهم افترقوا بعدها دون أن يعرفوا أين ذهب.
متابعة أصدقائه والبحث عن الجثة
في 2019، وبعد مرور 12 عاما من البحث المضني، تمكنت التحريات الأمنية من تحديد سبب الوفاة، ووجهت تهمة القتل لأصدقاء المختفي الذين تبث أنهم كانوا برفقتة خلال ذلك اليوم في حفلة عيد ميلاد، بإحدى الفيلات، ضواحي مدينة المحمدية.
وقد أوقفت الشرطة حينها المشتبه بهم وتمت متابعتهم في حالة اعتقال. ويقول دفاع أحد المتهمين إن جرعة زائدة من المخدرات هي التي تسببت في الوفاة، دون تقديم أي تفاصيل أو تحديد مكان الجثة الذي ظل مجهولا إلى اليوم.
وتؤكد والدة المختفي لـ”سكاي نيوز عربية”، أن هناك تضاربا في الأقوال بين أصدقاء ابنها، معتبرة أن من شأن إجراء الخبرة التقنية على الهواتف، والاطلاع على المكالمات التي أجراها ابنها مع الأطراف المعنية بالواقعة خلال يوم اختفائه، (من شأنه) فك الخيوط المتشابكة لهذه القضية، وكشف ملابسات الاختفاء، والوصول إلى مكان الجثة.
وتشدد والدة المختفي على أنها ظلت تؤمن بالعدالة دون أن تفقد الأمل في الوصول يوما إلى ابنها ومعرفة مصيره، لكن إيمانها وثقتها في ذلك تعزز أكثر بفضل دعم المغاربة وتضامنهم معها.
البحث عن الحقيقة
لم تتوقف الأم طيلة 15 عاما عن السعي وراء الحقيقة، لفهم ما جرى تلك الليلة، ومعرفة الأسباب التي أدت إلى اختفاء ابنها بشكل غامض.
ولم تخف والدة الشاب المختفي، إحساسها بأنه سيأتي يوم ينجلي فيه الغموض عن هذه القضية الشائكة وتتضح فيه الحقيقة، وهو ما غذى أملها طيلة السنوات الماضية.
وتقول الأم: “لم أفكر يوما في التوقف عن البحث لكشف الملابسات أو الاستسلام قبل معرفة الحقيقة الكاملة، ولن يهدأ لي بال حتى إزالة اللبس عن الظروف المحيطة باختفاء ابني”.
وتطالب الأم بضرورة إجراء جميع التحريات والأبحاث اللازمة من أجل كشف تفاصيل ليلة الاختفاء وإيجاد جثة ابنها، ومعاقبة كل من تبث تورطه في هذه القضية.