حكومة أخنوش التعديل الحكومي مرتبط بتوفر شرطين أساسيين .. هل خبر التعديل “تشويش” على حملة المطالبة برحيل أخنوش؟؟

0
218

بعد قرابة شهر من نشر مجلة “جون أفريك” خبر التعديل الحكومي المرتقب في المغرب، محددة اسمي اثنين من الوزراء مُنتميين لحزب “الأصالة والمعاصرة”، قالت إنهما سيُغادران سفينة الحكومة، ما زال الجدل متواصلاً حول مبررات هذا التعديل وحيثياته وكذا توقيته. فقد وضع الناطق الرسمي لحكومة الملياردير أخنوش شرطين اساسيين.

التسريبات الإعلامية بقرب حدوث التعديل الحكومي رافقتها تدوينات وتعليقات مغاربة ممن أشاروا إلى أن هذا التعديل يروم “التشويش” على الحملة المطالبة برحيل أخنوش وبتخفيض أسعار المحروقات، وهو “الهاشتاغ”/ الوسم الذي تصدَّر مواقع التواصل الاجتماعي وتجاوز عتبة المليونين، في ظل تفاقم أزمة اجتماعية بسبب الغلاء والجفاف.

أكد اليوم الوزير المكلف بالعلاقات الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، إنّ التعديل الوزاري يرتبط بإجراءات وشروط دستورية وسياسية، مشيراً إلى أنه في حال توفر هذه الإجراءات يمكن آنذاك الحديث عن الحاجة إلى هذا التعديل.

وأوضح بايتاس، خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع المجلس الحكومي، اليوم الخميس، أنّ التعديل الحكومي يرتبط بشق سياسي يخص الأغلبية وزعماءها، وآخر دستوري مرتبط بالإجراءات ومساطر تفعيله.

وشدد على ضرورة توفر هذين العنصرين، من خلال “فتح نقاش حول التعديل داخل فضاء الأغلبية، فضلاً عن سلوك جملة المساطر القانونية، من التي يتحدث عنها الدستور بشكل واضح، بما فيها التعيين ومن يتولى مهمة التعيين في هذه المناصب”.

قال بايتاس إنّ الأغلبية الحكومية “منسجمة وتشتغل بنفس جماعي مشترك”، مضيفاً أنّ “الدليل على ذلك، هو تمكنها اليوم الخميس في ظرف وجيز من إخراج عدد من المراسيم لتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية، في سياق تفعيل مخرجات الحوار الاجتماعي الموقع مع المركزيات النقابية”، موضحاً أنّ “لقاءات الأغلبية التي مرّت كان الهدف منها هو مناقشة مختلف القضايا التي يختص بها مجال الأغلبية”.

ولفت إلى أنّ “الحكومة في ظل السياق الصعب على المستوى الدولي وتداعياته على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، بات همها الوحيد كيفية تنفيذ برنامجها الحكومي، وأن تكون عند حسن ظن الملك والمواطنين، وكيفية مرور البلاد في ظل التقلبات المختلفة التي يتداخل فيها ما هو دولي بما هو وطني”.




في نظر المحللة السياسية أسماء مهديوي، فلا يمكن عزل الارتباك الذي يعرفه تدبير العلاقات بين مكونات التحالف الحكومي بعيداً عن ظروف وحيثيات النشأة المُتَّسمة باختلاف المرجعيات وتأثيرها على برامج الأحزاب وأولوياتها، رغم ما يمكن تسجيله من هامشية تأثير الفاعل الحزبي في صنع القرار العمومي وتدبير السياسات العمومية، موضحة أن “الارتباك الحكومي” أصبح ظاهرة بنيوية في النسق السياسي المغربي، نظراً للبلقنة التي يعرفها المشهد الحزبي والعجز عن تشكيل تحالف حكومي قوي مكون من حزبين أو ثلاثة أحزاب متقاربة المرجعية وموحدة الأهداف، وهو ما يعد أحد شروط الاستقرار الحكومي.

وأبرزت الباحثة في القانون العام ضمن تصريح صحفي سابق، أن أي تعديل حكومي لن يستطيع في مثل هذه الظروف الحد من المُناكفات التي تعرفها الأغلبية الحكومية، خصوصاً وأن هذا التغيير إن حصل لن يخرج عن تبديل بعض الوجوه بأخرى ولن ينتقل إلى تغيير في بنية التحالف، وبالتالي سيقتصر الأمر على بعض التغيير التقني في بعض الحقائب بعيداً عن كل تغيير جوهري.

والملاحظ أن كل مكون من مكونات الحكومة يحاول النَّأي بنفسه عن المسؤولية في ما يعرفه الوضع الاقتصادي من تذبذب وما يعرفه الوضع الاجتماعي من تدهور؛ تقول المتحدثة، متابعة أنه مع الوقت يتحول الأمر إلى محاولة كل طرف تبني خطابات جديدة في معزل عن التحالف ومحاولة البحث عن تفاهمات واستقطابات جديدة مع مكونات المعارضة تحسباً للانتخابات المقبلة.

وفيما يخص الحراك الذي يعرفه الفضاء الرقمي والمتمثل في المطالبة بخفض الأسعار ورحيل رئيس الحكومة، فإن هذا الأخير ـ كما تلاحظ المحللة السياسية مهديوي ـ يدفع ضريبة زواج المال والسلطة والتي إن كانت ليست ظاهرة جديدة في المغرب، إلا أنه لم يسلط عليها الضوء سلفاً بالشكل الذي هو عليه اليوم. كما أن ارتباط رئيس الحكومة بقطاع المحروقات الحيوي لكل القطاعات الاقتصادية، إذ كل ارتفاع فيه يؤثر بشكل مباشر على الأسعار، جعل رئيس الحكومة في مرمى الانتقادات.

وختمت المتحدثة كلامها بالقول إن وقوف الحكومة موقف المتفرج أمام تفاقم الأوضاع الاجتماعية وعدم قدرتها على اقتراح حلول واقية للتخفيف على المواطن، يجعل من المطالب المُعبَّر عنها متنفساً شعبياً وجب على الفاعل العمومي التعاطي معه بكل مسؤولية حتى لا يصبح الفعل المدني مُحاطاً باليأس كما الفعل السياسي. 

وفي التقليد المتعارف عليه في المغرب، فإنّ التعديل الحكومي هو إجراء يتم عادة في منتصف الولاية بعد مدة معقولة من التدبير، وهذه المدة تكون كافية للكشف عن مَواطن الضعف في التدبير الحكومي والاختلالات الموجودة في الأداء.