بلغت المديونية الخارجية للمغرب أكثر من 400 مليار درهم نهاية 2022 أي نحو 40 مليار دولار، بزيادة نسبتها أكثر من 13 % مقارنة بسنة 2021.
وتطور الدين العام الذي يشمل الدين الداخلي والخارجي منذ 2019 من 59 مليار دولار إلى أكثر من 70 مليار دولار، حيث انتقلت من 48% من إجمالي الناتج الداخلي إلى 75,4 %، وهي نسبة يتوقع خبراء في الاقتصاد أن ترتفع أكثر .
وافق البنك الدولي للموافقة على طلب حكومة رجل الأعمال “عزيز أخنوش”، رغم تحذيرات مدير البنك المركزي و المندوب السامي الحليمي، الاستفادة من “خط الائتمان المرن” لمدة عامين بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي، بعد أن اجتمع، اليوم الإثنين،وذلك بحجة جديدة، لـ”مواصلة دعم المغرب في مواجهة مخاطر البيئة العالمية التي تتسم بدرجة عالية من عدم اليقين”.
وأضاف أن السلطات المغربية كانت قد عبرت عن نيتها التعامل مع خط الائتمان المرن الجديد كإجراء احترازي.
ويحمي الخط الائتماني من الصدمات الخارجية، حيث يزود الدول التي تتوفر على إطار سياسات قوية وسجلات تتبع للأداء الاقتصادي من الوصول بشكل كبير ومسبق إلى موارد الصندوق دون شروط.
ترى حكومة رجل الأعمال الملياردير “عزيز أخنوش” أن موافق البنك الدولي على منح حكومته الخط الائتماني بـ 5 ملايير دولار أمريكي، جاء في الوقت المناسب للخروج من أزمتها الراهنة، حيث أعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، الأسبوع الماضي، إصدار سندات بقيمة 2,5 مليار دولار في السوق المالية الدولية، الأمر الذي كان الحزب الذي يقوده رئيس الحكومة عزيز أخنوش، التجمع الوطني للأحرار، يؤكد أنه لن يحدث في عهده.
وذهبت الحكومة نحو “الخيار الأسهل”، مباشرة بعد أن قررت مجموعة العمل المالي خروج المملكة من مسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف بـــ “اللائحة الرمادية”، بعد تقييم مسار ملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الأمر الذي أعلن عنه بشكل رسمي بلاغ لرئاسة الحكومة بتاريخ 24 فبراير، لتعلن وزارة الاقتصاد والمالية طرح السندات بتاريخ فاتح مارس.
وحصل المغرب خلال الأشهر الفارطة على قروض من البنك الدولي وصندوق النقد العربي والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية وبنك التنمية الألماني والبنك الافريقي للتنمية وبنك إسباني، بإجمالي يزيد عن 900 مليون يورو.
وذكر البنك الدولي أن جيوب الفقر لا تزال موجودة في جميع أنحاء المغرب وتعكس الفوارق الإقليمية تفاوتات اجتماعية واقتصادية عميقة.
وفي تصريحات سابقة، أكد الخبير الاقتصادي المغربي هشام عطوش، أن الدين الخارجي للمملكة، دين “طويل ومتوسط الأمد يرهن مستقبل الأجيال القادمة في المغرب إلى حدود 30 سنة”، منبها إلى أن الدين الخارجي للمملكة “بدأ يتزايد إلى حد كبير خلال العشر سنوات الأخيرة، وأن 87 في المائة من الدين الخارجي هو مديونية للمؤسسات الدولية أو حاملي السندات الدولية”، كما “أن 31 في المائة منه بسعر فائدة متغير، ما قد يرفع كلفة هذا الدين بشكل كبير على الدولة، لأن الكلفة تتغير حسب الظروف”.
واللافت أنه على الرغم من كل هذه القروض، مازال السواد الاعظم من الشعب المغربي يتخبط في الفقر المدقع والأدهى أن اخر تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي حول “المخاطر العالمية لسنة 2023″، أكد أن أزمة تكلفة المعيشة هي أكبر الأخطار المحدقة بالمغرب خلال السنتين المقبلتين، مبرزا اثارها السلبية على شريحة كبيرة من المجتمع المغربي وامكانية أن تؤدي إلى اضطرابات سياسية وعدم استقرار وارتفاع نسب الهجرة.
رئيس حركة صحراويون من أجل السلام يَتَّهمْ البوليساريو باستهداف أقاربه في مخيم الداخلة بتندوف (المحتلة)
وأشار التقرير إلى أن تكلفة المعيشة تأتي على رأس أكثر خمسة مخاطر تواجه المغرب، متبوعة بمخاطر أخرى ذات علاقة، هي التضخم السريع والمستمر و”الصدمات الشديدة” في أسعار السلع الأساسية والأزمات الحادة في المعروض من السلع الأساسية بالأسواق.
وجاءت أزمات الديون في المرتبة الخامسة من الأخطار المحدقة بالاقتصاد المغربي، بسبب ما يمكن أن يحدث من أزمات سيولة أو تخلف عن السداد، بما لذلك من تبعات اجتماعية سلبية.
وأعلنت العلوي من العاصمة البريطانية لندن، أن المغرب أصدر سندات اقتراض في السوق المالي الدولي بقيمة إجمالية تعادل 2.5 مليار دولار، مبرزة أن هذه سندات مقسمة إلى شريحتين بقيمة 1.25 مليار لكل منهما، وحقق هذا الإصدار دفتر طلبات بقيمة 11 مليار دولار مع تنوع كبير من حيث التوزيع الجغرافي والملف الشخصي للمستثمرين الدوليين، حسب الوزارة.
ووفق توضيحات الوزيرة الوصية، فقد تم إصدار الشريحة الأولى بأجل خمس سنوات بفارق 195 نقطة أساس وبسعر 98.855 في المائة، مع معدل عائد 6.22 في المائة وبقسيمة بنسبة 5.95 في المائة، بينما تم إصدار الشريحة الثانية بأجل سداد 10 سنوات، بفارق 260 نقطة أساس وبسعر 99.236 في المائة أي بمعدل عائد 6.602 في المائة، بقسيمة 6.50 في المائة.
وبالنسبة للحكومة، فإن الخروج من اللائحة الرمادية، الذي يأتي بعد اعتماد خطة العمل الخاصة بالمملكة المغربية من طرف هذه المجموعة في فبراير 2021، هو الوقت المناسب للاقتراض بحكم أن المغرب أصبح قادرا على نيل القروض بفوائد أقل، لكنه أيضا يعني العودة إلى الاقتراض في ظروف اقتصادية سيئة تتسم بارتفاع أثمنة المواد الأولية والمُصنعة في السوق الدولية، وارتفاع حجم التضخم وتفاقم أزمة الأسعار داخليا.
وكانت إرهاصات توجه الحكومة للاقتراض بعد القرار الصادر عن الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي المنعقد في باريس بفرنسا من 20 إلى 24 فبراير 2023، واضحة من خلال بلاغ رئاسة الحكومة، الذي تحدث عن أن هذا الأمر سيؤثر خروج المغرب من اللائحة الرمادية بشكل إيجابي على التصنيفات السيادية وتصنيفات البنوك المحلية، كما سيعزز صورة المملكة وموقعها التفاوضي أمام المؤسسات المالية الدولية، وثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني.
لكن هذا الأمر يدخل في خانة “الخيارات السهلة” ويشكل خطرا حقيقيا على مستقبل الاقتصاد الوطني، بشهادة عضو في الحكومة، ويتعلق الأمر بمصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، الذي كان يدافع، قبل أشهر، عن اختيار الحكومة طُرقا أخرى غير الاقتراض على الرغم من صُعوبتها.
وخلال لقاء حضره بصفته عضوا في المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار في العيون، قال بايتاس إن الحكومة ترفض أن تلجأ إلى “تدابير ترهن بها مستقبل الأجيال القادمة”، وفي المقابل لجأت اتخاذ قرارات “مريرة وصعبة”، والتي زعم أن المغاربة سيتفهمونها بسبب “السياق الدولي الصعب الذي لا يخيف الحكومة”، على حد تعبيره، ما يدفع إلى التساؤل حول ما إذا كان إعلان زميلته في الحكومة والحزب، نادية فتاح العلوي، يدخل في إطار “رهن مستقبل الأجيال القادمة”.