حليمة العسالي: صوت خنيفرة الذي هز عروش التهميش في بني ملال.. صرخة من أجل العدالة المجالية

0
158

في مشهد سياسي اتسم بالقوة والصراحة، فجرت السيدة حليمة العسالي، عضوة مجلس جهة بني ملال خنيفرة، نقاشًا ساخنًا خلال الدورة الاستثنائية للمجلس، حيث وجهت انتقادات لاذعة لسياسات توزيع الموارد المائية والتنمية المجالية. هذه المداخلة النارية لم تكن مجرد خطاب عابر، بل مثلت صرخة مدوية في وجه ما تعتبره العسالي “تهميشًا” لإقليم خنيفرة، رغم مساهمته الكبيرة في تأمين المياه للأقاليم المجاورة.

خنيفرة: المورد المغدور؟

افتتحت العسالي كلمتها بطرح سؤال جوهري: بماذا يمتلئ سد الحنصالي؟ أليس بمياه خنيفرة؟ ومن يستفيد منها؟ وأجابت بنفسها، مشيرة إلى أن الفقيه بن صالح، بني ملال، والمكتب الشريف للفوسفاط هم المستفيدون الأساسيون، بينما تظل خنيفرة على الهامش، تعاني من غياب المشاريع التنموية التي تتناسب مع مساهمتها الكبيرة في تأمين الموارد المائية للجهة.

وواصلت العسالي خطابها بلهجة غاضبة، مؤكدة أن ساكنة خنيفرة تشعر بالغبن والإقصاء، مضيفة: “تمنينا لو استطعنا منع هذه المياه عنكم، ليس لأننا أنانيون، ولكن لأننا نشعر بالظلم. للأسف، لا نستطيع، لأن مسؤوليتنا الوطنية أكبر من ذلك.”




 

السدود الصغيرة: حلول غير عادلة؟

لم تكتفِ العسالي بالحديث عن المياه فحسب، بل وجهت انتقاداتها أيضًا إلى سياسة إنشاء السدود الصغيرة، معتبرة أنها لم تُنفذ في المناطق التي تخدم مصالح خنيفرة بشكل مباشر. وتساءلت: “لماذا لم تُنشأ سدود بالقرب من شتوكة أو على ضفاف نهر أم الربيع ليستفيد منها سكان خنيفرة؟ لماذا تُقصى هذه المنطقة رغم أنها مصدر المياه التي تغذي باقي الأقاليم؟”

صرخة من أجل الإنصاف

المداخلة الحادة للعسالي أعادت إلى الواجهة قضية العدالة المجالية في توزيع الموارد بين أقاليم جهة بني ملال خنيفرة. فهل يمكن الحديث عن عدالة عندما تستفيد بعض الأقاليم من خيرات خنيفرة دون أن تحظى الأخيرة بأي امتيازات تنموية تُذكر؟ أم أن هذه السياسات تعكس منطقًا قديمًا يقوم على استغلال الموارد دون الاعتراف بحقوق المناطق المنتجة؟

تداعيات المداخلة: هل ستتحرك الجهات المسؤولة؟

لا شك أن هذه المداخلة ستفتح نقاشًا واسعًا داخل الجهة وخارجها. فهل ستدفع هذه الصرخة مجلس الجهة إلى إعادة النظر في سياساته؟ وهل سيتجاوب المسؤولون مع مطالب العسالي ومطالب ساكنة خنيفرة؟ أم أن هذه الانتقادات ستبقى مجرد صوت في الفراغ، كما حدث في مرات سابقة؟

خنيفرة لن تصمت بعد اليوم

ما قامت به حليمة العسالي لم يكن مجرد انتقاد عابر، بل كان إعلانًا واضحًا بأن خنيفرة لن تقبل بعد الآن أن تكون مجرد “خزان ماء” دون أن تحصل على نصيبها من التنمية. هذه الصرخة قد تكون نقطة تحول في النقاش حول العدالة المجالية، فهل ستكون بداية لتصحيح الاختلالات، أم أن الواقع سيبقى كما هو؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.

نقاط بارزة في مداخلة العسالي:

  1. التمييز في توزيع الموارد: أشارت العسالي إلى أن خنيفرة تقدم مواردها المائية بسخاء، لكنها لا تحصل على أي مقابل تنموي يذكر.

  2. انتقاد سياسة السدود الصغيرة: تساءلت عن سبب عدم إنشاء سدود بالقرب من شتوكة أو على ضفاف نهر أم الربيع، مما يفيد سكان خنيفرة مباشرةً.

  3. الظلم المجالي: عبرت عن شعور سكان المنطقة بالظلم، مؤكدة أنهم يتمنون منع المياه عن المناطق الأخرى لو كان ذلك ممكنًا، لكنهم يرفضون ذلك بسبب “مسؤوليتهم الوطنية”.

ردود الفعل: بين التأييد والاستنكار

لاقت مداخلة العسالي تأييدًا واسعًا من الحاضرين في المجلس ومن سكان خنيفرة، الذين رأوا فيها تعبيرًا صادقًا عن معاناتهم. لكنها أيضًا أثارت استنكارًا من بعض الأطراف التي اعتبرت كلامها “تحريضًا” ضد الوحدة الوطنية. هنا يبرز سؤال مهم: هل المطالبة بالعدالة المجالية تعني التحريض على الانقسام؟ الإجابة بالتأكيد هي لا، فالعسالي لم تطالب بقطع المياه، بل طالبت بإنصاف منطقتها في توزيع الثروات.

تحليل الأبعاد: لماذا تحولت العسالي إلى بطلة؟

  1. الشجاعة في مواجهة السلطة: في مجتمع يسيطر عليه الذكور، وقفت امرأة لتواجه صناع القرار بجرأة نادرة، مما جعلها رمزًا للقوة والثبات.

  2. التعبير عن صوت المهمشين: العسالي لم تتحدث باسمها فقط، بل كانت لسان حال سكان خنيفرة الذين يعانون من التهميش منذ عقود.

  3. ربط القضية بالسياق الوطني: من خلال التأكيد على “المسؤولية الوطنية”، نجحت العسالي في تقديم قضية خنيفرة كجزء من قضية العدالة المجالية في المغرب ككل.

السياق العام: العدالة المجالية في المغرب

قضية خنيفرة ليست معزولة، بل هي جزء من مشكلة أكبر يعاني منها المغرب، حيث تعاني العديد من المناطق الغنية بالموارد من التهميش في توزيع الثروات. هذا الوضع يطرح تساؤلات حول فعالية السياسات الجهوية في تحقيق العدالة المجالية. هل يمكن للجهوية المتقدمة أن تكون الحل؟ أم أن النظام الحالي يحتاج إلى إصلاح جذري؟

الأسئلة المطروحة:

  1. هل يتم توزيع الموارد المائية بشكل عادل بين أقاليم الجهة؟

  2. ما هي الخطوات الملموسة التي يمكن أن تتخذها الجهة لإنصاف خنيفرة؟

  3. كيف يمكن تعزيز مشاركة المرأة في صنع القرار على المستوى الجهوي؟

الخاتمة: حليمة العسالي… صوت لن يخفت

مداخلة حليمة العسالي لم تكن مجرد لحظة سياسية عابرة، بل كانت صرخة احتجاج أعادت طرح قضية العدالة المجالية في المغرب. بجرأتها وقوتها، تحولت العسالي إلى بطلة في عيون سكان خنيفرة، ورمزًا للنضال ضد التهميش. رسالتها واضحة: “خنيفرة لن تبقى صامتة بعد اليوم”.

والسؤال الآن: هل سيكون لهذا الصوت صدى في أروقة صنع القرار؟ أم أن صرخة العسالي ستضيع في زحام السياسة؟