تسعى الحكومة المغربية إلى دعم الصحافة الوطنية من خلال إجراءات جديدة تهدف إلى تعزيز التعددية الإعلامية وضمان الاستدامة المالية للقطاع. إلا أن هذه القرارات تطرح العديد من الأسئلة حول فعاليتها في مواجهة التحديات الاقتصادية والتكنولوجية التي يعاني منها الإعلام المغربي.
كيف يمكن ضمان أن هذه الأموال المخصصة بالفعل تساهم في تطوير الصحافة المغربية وتحقيق أهدافها؟ وهل ستكون هذه الإجراءات فعالة في ظل وجود بعض المؤسسات الإعلامية التي تتلقى الدعم دون أن تلتزم بالمعايير المهنية؟
1. الدعم العمومي: أهدافه وآلياته أحد الأهداف الرئيسية للدعم الحكومي هو تعزيز التعددية الإعلامية، من خلال تمويل المؤسسات الصحافية وشركات الطباعة والتوزيع. رغم النية في تنمية الثقافة الإعلامية، وتقوية القدرات البشرية، وتعزيز التحديث التكنولوجي، تبقى الأسئلة: هل تواكب هذه الإجراءات التحولات الرقمية الحاصلة؟ وهل المؤسسات المستفيدة ستستثمر الدعم في تحسين البنية التحتية الرقمية بدلاً من التوسع في المواقع الورقية التي لم تعد تستهوي الجمهور؟
2. الشفافية في توزيع الدعم: تحديات وآفاق المؤسسات المستفيدة من الدعم ملزمة بتقديم تقارير شفافة حول كيفية صرف الدعم، لكن هل هذه الإجراءات كافية لضمان عدم سوء الاستخدام؟ كيف يتم مراقبة هذه التقارير في ظل غياب آليات رقابة صارمة؟ فمع وجود العديد من المؤسسات الإعلامية التي تتلقى الدعم رغم افتقارها للكوادر الصحفية المدربة، يظهر مشكلة كبيرة في “صحافة الواجهة”. على سبيل المثال، هناك أشخاص يديرون مواقع صحافية وهم بعيدون عن مجال الإعلام بشكل كامل. من بينهم، شخص يمتلك مغسلة لغسل الملابس، ويكلف عاملة بسيطة بنقل المقالات من وكالة المغرب العربي للأنباء، ثم ينشرها على موقعه الإلكتروني. بالإضافة إلى ذلك، هناك بائع جبس أصبح “صحفيًا” بعد أن أسس موقعًا صحافيًا يستنسخ المقالات من مصادر أخرى. هؤلاء الأفراد ليس لديهم الخبرة الصحفية، بل يسعون فقط للحصول على الاحترام من رجال الأمن والسلطة عند مواجهتهم في الشارع أو أثناء مراجعة أحد الإدارات. كيف يمكن ضمان نزاهة هذه المؤسسات وشفافية الدعم الحكومي في مثل هذه الحالات؟
3. التحديات الرقمية: هل الدعم كافٍ للمواكبة؟ من بين أكبر التحديات التي تواجه الصحافة المغربية اليوم هو التحول الرقمي. القرارات الحكومية تتضمن تشجيع الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، ولكن لم تُوضح بالضبط كيفية توجيه الدعم نحو تطوير منصات رقمية جديدة أو تحسين المواقع الإلكترونية للمؤسسات الصحافية الصغيرة.
ما هو مستقبل الصحافة المغربية إذا استمر الاعتماد على أساليب تقليدية، بينما تتجه الأنظار إلى التحولات الرقمية التي يتطلب مواكبتها ضخ استثمارات ضخمة؟
4. التعددية الإعلامية والاستقلالية: بين الدعم والاحتكار لا يمكن تجاهل الدور الذي يلعبه الدعم العمومي في تعزيز التعددية الإعلامية، ولكن هل يمكن أن يؤثر الدعم الحكومي على حرية الصحافة؟ كيف يمكن الحفاظ على استقلالية المؤسسات الصحافية في ظل الضغوط السياسية والمالية؟ وهل يمكن توفير بيئة حاضنة لصحافة حرة دون تدخلات قد تؤثر في مهنيتها وحيادها؟
5. تجارب دولية: ماذا يمكن أن نتعلم؟ العديد من الدول طبقت سياسات مشابهة لدعم الصحافة، وتنوعت الآليات بين التمويل المباشر والإعفاءات الضريبية للمؤسسات الإعلامية.
هل يمكن للمغرب الاستفادة من هذه التجارب الدولية من أجل ضمان فعالية أكبر للدعم الحكومي؟
الخاتمة: الدعم الحكومي للصحافة المغربية قد يكون خطوة إيجابية نحو ضمان التعددية الإعلامية والاستدامة المالية للقطاع. إلا أن التحديات لا تزال قائمة، وخاصة فيما يتعلق بالشفافية، المراقبة، والتحول الرقمي.
السؤال الأبرز يبقى: هل هذه الإجراءات كافية لضمان تطوير الصحافة المغربية وضمان استقلاليتها؟
أسئلة للنقاش:
-
كيف يمكن تحسين آليات الشفافية في صرف الدعم العمومي للمؤسسات الصحافية؟
-
هل سيكون الدعم الحكومي كافيًا لتحفيز الصحافة على الانتقال الرقمي والتحديث؟
-
ما هي الدروس التي يمكن للمغرب أن يستفيد منها من التجارب الدولية في دعم الصحافة؟
-
كيف يمكن تحقيق التوازن بين دعم الصحافة وحماية استقلالية المؤسسات الإعلامية؟