رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز “يوقف واجباته العامة” بعد الحملة التي يقودها اليمين المتطرف ضد زوجته

0
220

ذكرت تقارير إسبانية أن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز علق واجباته العامة للتوقف والتفكير بشأن ما إذا كان سيبقى في منصبه، بعد أن فتحت المحكمة تحقيقًا أوليًا مع زوجته.

وقال سانشيز في بيان إنه بحاجة ماسة إلى اتخاذ قرار حول ما إذا كان ينبغي عليه الاستمرار في قيادة الحكومة أو التخلي عن هذا المنصب.

وفي بيان مطول على موقع “X”، اشتكى سانشيز من استراتيجية المضايقات على مدى أشهر بهدف إضعافه سياسيًا وشخصيًا باستهداف زوجته.




ولم تقدم المحكمة تفاصيل عن الاتهامات الموجهة إلى بيجونيا غوميز، باستثناء القول إنها بدأت التحقيق في مزاعم استغلال النفوذ والفساد في 16 أبريل/نيسان.

ومع ذلك، قال موقع “El Confidencial” يوم الأربعاء إن التحقيق يبحث في صلاتها بشركات خاصة حصلت على أموال حكومية أو عقود عامة.

وعلى وجه الخصوص، أشارت إلى اتفاقية رعاية تشمل مجموعة جلوباليا السياحية ومؤسسة كانت تديرها في عام 2020 تسمى “IE Africa Center”، وفي عام 2020، حصلت شركة “Globalia” على خطة إنقاذ بقيمة 475 مليون يورو “407 مليون جنيه إسترليني” لشركة الطيران التابعة لها “Air Europe”، كجزء من سلسلة من حزم الإنقاذ الحكومية للشركات خلال أزمة “Covid-19”.

وطالب الحزب الشعبي المحافظ في إسبانيا بتوضيحات في البرلمان في وقت سابق يوم الأربعاء، وقال رئيس الوزراء ببساطة إنه يؤمن بالعدالة رغم كل شيء.

وقالت وسائل إعلام إسبانية إنه غادر البرلمان متوجهاً إلى مقر إقامته في مدريد وكان يبدو عليه الانزعاج، وبعد ساعات، اتهم زعيم حزب الشعب ألبرتو نونيز فيجو بالعمل مع حزب فوكس اليميني المتطرف لإسقاطه.

وفُتح هذا التحقيق الأولي ضدّ بيغونيا غوميز في 16 أبريل/نيسان بعد شكوى من جمعية “مانوس ليمبياس” “Manos limpias” الأيادي النظيفة وهي مجموعة تعتبر قريبة من اليمين المتطرّف، حسبما أعلنت محكمة العدل العليا في مدريد في بيان قصير وأضافت أنّ الأمر تحت دمغة “سرية التحقيق”.

وقال رئيس الوزراء الإسباني “أنا لست ساذجاً … أنا على علم بأنّهم يقدّمون شكوى ضدّ بيغونيا، ليس لأنّها فعلت شيئاً غير قانوني لأنّهم يعرفون جيداً أنّ هذا غير صحيح، ولكن لأنّها زوجتي”.

وبحسب ما ذكره موقع “إل كونفيدانسيال” الذي كشف المعلومات، فإنّ هذا التحقيق يركّز على صلات بيغونيا غوميز مع مجموعة السياحة الإسبانية “غلوباليا” مالكة شركة الطيران “اير يوروب” في الوقت الذي كانت تجري فيه الأخيرة محادثات مع الحكومة للحصول على مساعدات في مواجهة الانخفاض الكبير في الحركة الجوية الناجم عن جائحة كوفيد.

وكانت بيغونيا غوميز في ذلك الوقت ترأس مركز “آي ايه إفريقيا” وهي مؤسسة مرتبطة بكلية إدارة الأعمال في جامعة “آي أيه” في مدريد، ولكنها غادرت هذا المنصب في العام 2022.

وبحسب موقع “إل كونفيدانسيال”، فقد “وقّع المركز اتفاقية رعاية مع غلوباليا في العام 2020” بينما شاركت بيغونيا غوميز في “اجتماع خاص مع مديرها التنفيذي خافيير هيدالغو في الوقت الذي كانت فيه غلوباليا تتفاوض على خطّة الإنقاذ التي تبلغ قيمتها ملايين اليورو مع حكومة” بيدرو سانشيز.

وسمحت هذه الخطة لشركة طيران “اير يوروب” بتلقي 475 مليون يورو في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، من صندوق بقيمة 10 مليارات دولار يهدف إلى دعم الشركات الاستراتيجية التي تواجه صعوبات بسبب الأزمة الصحية.

وواجه سانشيز قبل فوزه بثقة البرلمان الإسباني لولاية جديدة مدتها أربع سنوات ضغوطا مكثفة مارستها أحزاب يمينية ولوبيات معادية لمصالح المغرب بسبب تمسكه بتعزيز الشراكة بين الرباط ومدريد، وتأكيده مرارا أن إسبانيا ثابتة على موقفها الداعم لمغربية الصحراء وتأييدها لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة كحل وحيد لتسوية النزاع المفتعل.

وشدد رئس الحكومة الإسبانية بعد تجديد الثقة فيه على أهمية علاقات الصداقة التي تجمع بين بلاده والمملكة المغربية، مؤكدا أن تفعيل خارطة الطريق الهادفة إلى تعزيز التعاون وتمتين العلاقات مع الرباط من أبرز أولوياته.

ونسف استمرار سانشيز في منصبه آمال جبهة بوليسايو الانفصالية التي راهنت على تغيير سياسي يفضي إلى مراجعة مدريد لدعمها لمغربية الصحراء، في وقت يمضي فيه البلدان بثبات على طريق تمتين الشراكة في كافة المجالات وتعزيز التنسيق في مختلف القضايا المشتركة.

اعتاد الإسبان -منذ دخول البلاد عهد الديمقراطية سنة 1975 إثر وفاة الدكتاتور فرانسيسكو فرانكو- على التناوب والقطبية الثنائية في تسيير شؤون البلاد، حيث تناوب الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني والحزب الشعبي -الذي مر بعدة تحولات خلال مساره السياسي- على رئاسة الحكومة، بفضل حصول هذا الحزب أو ذاك على الأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية.

لكن عهد الأغلبيات المطلقة والتناوب السياسي ولّى إلى غير رجعة. فمن رحم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية -التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عقد- أو بالأحرى من رحم الحزب الاشتراكي العمالي؛ خرج حزب “بوديموس” اليساري الراديكالي الذي كان الجميع يعتقد أنه مجرد موجة وموضة عابرة ظهرت إثر اعتصامات “15 إيمي” أو 15 مايو/أيار 2011، بينما أثبتت الأيام أنه تيار متجذر في المجتمع الإسباني.

ومن رحم “بوديموس” خرج حزب “ماس باييس” أسابيعَ فقط قُبيل إجراء انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إثر خلافات شخصية محضة بين زعيميْ الحزب بابلو إيغليسياس وإنييغو إيريخون الذي فضّل تأسيس حزب خاص به، وكانت النتيجة هي تشرذم قوى اليسار.

وبالموازاة مع التشرذم الذي تعرفه قوى اليسار؛ يعيش اليمين الإسباني -منذ أكثر من عشر سنوات- على إيقاع ما يشبه “حرب مواقع” بين تيار أقصى اليمين وتيار الوسط داخل الحزب الشعبي، الذي ظل يحتضن كل هذه التيارات إلى غاية سنة 2006 التي عرفت تأسيس حزب سيودادانوس (مواطنون)، ليأتي بعد ذلك حزب “فوكس” اليميني المتطرف، وكلاهما خرج من رحم الحزب الشعبي.

استطاع حزب “سيودادانوس” -خلال العشر سنوات الماضية- ملء الفراغ في وسط المشهد السياسي، ليصبح إثر الانتخابات التشريعية المنظمة في أبريل/نيسان 2019 ثالث قوة سياسية في البلاد بعد الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي، وبـ57 مقعدا في الغرفة السفلى للبرلمان.

اغترّ زعيم حزب “سيودادانوس” القيادي الشاب ألبيرت ريفيرا بالتقدم الكبير الذي حققه حزبه، وبدأ يحلم بإزاحة الحزب الشعبي من قيادة اليمين الإسباني واحتلال مكانه في البرلمان، لكنه أخطأ الطريق.