قال رئيس جنوب إفريقيا في خطاب أمام أعضاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم متحدثا عن المعالم الرئيسية للسياسات العامة للجمهورية خلال المرحلة القادمة، “سنواصل التعبئة لأجل دعم جبهة البوليساريو واضعا القضية الفلسطينية والصحراء في كفة واحدة”.
ووفق نص خطاب سيريل رامافوزا متحدثا مع قيادات الحزب الأراضي الصحراوية المغربية ” التي يصفها بـ”المحتلّة” : “لن نرتاح ولا تزال تحت الاحتلال” ودعا إلى “دعم أكبر للطرح الذي تحمله جبهة البوليساريو التي تعسكر بتندوف في الجزائر.
هذا الدعم المتواصل من جنوب إفريقيا والجزائر فرض على المغرب عودة قوية إلى الاتحاد الإفريقي مكنته من محاصرة الكثير من المناورات التي كانت تضر بمسار الملف، حيث كانت هاتان الدولتان تتحكمان في بعض الهيئات المؤثرة وأبرزها مجلس الأمن والسلم الإفريقي، كما نجحت الدبلوماسية المغربية في تحييد جنوب إفريقيا حتى لا تترأس آلية “ترويكا” التي شكلها الاتحاد لمواكبة ودعم جهود الأمم المتحدة دون تدخل مباشر.
في 5 يوليوز الماضي جدد المغرب تأكيده على تمسكه باستئناف المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي ينهي عقودا من النزاع حول الصحراء وفقا لثوابته الوطنية التي لا تفاوض عليها ولا تقبل للمساومة.
كما أكد للمبعوث الأممي للصحراء المغربية ستافان دي ميستورا تمسكها باستئناف المفاوضات من أجل حل سياسي للنزاع، في إطار “وحدته الترابية”، وفق ما أعلنت الخارجية المغربية في بيان.
وأفاد البيان بأن وزير الخارجية ناصر بوريطة أكد خلال مباحثات مع دي ميستورا بالرباط على “ثوابت موقف المغرب من أجل حل سياسي، قائم بشكل حصري على المبادرة المغربية للحكم الذاتي، في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة”.
وجدد الوفد المغربي الذي ضم أيضا سفير الرباط في الأمم المتحدة عمر هلال “التشبث بالمسلسل السياسي للموائد المستديرة”، التي يفترض أن تجمعه بكل من جبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، تحت رعاية الأمم المتحدة.
وفي نيويورك، وصف المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك اللقاء بين ستافان دي ميستورا وناصر بوريطة بأنه كان “مفيدا”، مضيفا أنه “في سياق العملية السياسية الخاصة بالصحراء المغربية، يعتزم المبعوث الشخصي القيام بزيارات أخرى إلى المنطقة بهدف دفع هذه العملية إلى الأمام”.
وكان جدول أعمال زيارة دي ميستورا إلى المغرب يتضمن لقاءات مع مسؤولين في البوليساريو، لكنه تخلى عن ذلك. ولم يصدر أيّ توضيح حول سبب ذلك، لكنّ مصادر مقربة من الملف قالت إن السلطات المغربية سبق أن أعربت عن تحفظاتها حول زيارته المنطقة المتنازع عليها، أثناء زيارة سابقة في يناير/كانون الثاني. كما لم يكن ليتسنى له لقاء كافة المحاورين الذين يود لقاءهم هناك.
وأعرب الكيان غير الشرعي المسمى الجمهورية الصحراوية (البوليساريو) الاثنين عن “أسفه الشديد” لذلك، متهما الرباط “بمنعه من أن يشاهد بأمّ العين الوضع على الأرض في الأراضي الصحراوية” التي تصفها بـ”المحتلّة”.
ويبدو أيضا أن دي ميستورا أراد تفادي أي توتر مع المغرب الذي أبدى منذ سنوات مواقف واضحة وواقعية من نزاع الصحراء حظيت بترحيب دولي، بينما يدرك المبعوث الأممي حساسية القضية بالنسبة للرباط.
وفي العام 2016 أثار الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون غضب المملكة المغربية بتصريحات داعمة للبوليساريو وزيارة لمخيم تندوف، انحرف فيها عن حياد المنظمة ودفع الجهود الدبلوماسية إلى الجمود بسبب مواقفه المنحازة.
ويدرك المبعوث الحالي أن أساس حل النزاع يقوم على الحياد واستطلاع كل المواقف وانخراط الأطراف بما فيها الجزائر التي تعتبر جزء من المشكلة القائمة، في مفاوضات جادة تعتمد الواقعية لا منطق الهروب إلى الأمام.
وتوقف رحلة وجولة دي ميستورا عند الرباط رغم أن جدول أعماله كان يتضمن زيارة المنطقة المتنازع عليها، يشير كذلك إلى أن الأمم المتحدة ربما لا ترى جدوى من ذلك طالما أن الجبهة الانفصالية أدارت ظهرها لاتفاق وقف إطلاق النار واستمرارها في انتهاكات سبق للمغرب أن قدمت فيها شرحا مفصلا للمنظمة الأممية.
وتوقفت مفاوضات “الموائد المستديرة” منذ 2019، بينما أعاد مجلس الأمن في آخر قراراته حول النزاع نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2021 دعوة الأطراف الأربعة إلى استئنافها “بدون شروط مسبقة وبحسن نية”، في أفق التوصل إلى “حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين”.
ومن غير الوارد أن يواصل دي ميستورا جهوده خارج المتغيرات التي طرأت في السنوات الأخيرة مع تواتر الاعترافات الدولية والإقليمية بمغربية الصحراء وبواقعية مقترح الحكم الذاتي الذي يلقى قبولا كأساس وحيد قابل للتطبيق.
ويقترح المغرب الذي يبسط سيادته على نحو 80 بالمئة من المنطقة المتنازع عليها، التفاوض حصريا حول مقترح لمنحها حكما ذاتيا تحت سيادته، مشترطا حضور الجزائر باعتبارها “طرفا في النزاع”، في حين سبق للأخيرة أن أعلنت رفضها العودة إلى طاولة المحادثات، داعية إلى مفاوضات ثنائية بين المغرب والبوليساريو.
أما جبهة بوليساريو فتدعو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة، منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المملكة والجبهة في سبتمبر/أيلول 1991.