رسمياً : كما كان متوقعاً .. إعادة انتخاب راشيد الطالبي العلمي رئيساً للبرلمان المغربي؟!

0
331

المجتمعات الغربية تبحث بطبيعتها عن انتخاب الشخص الصالح والنظيف الذي لا تحوم حوله شبهات الفساد، لكي يتولى شؤون البلاد ويطوّر اقتصادها ويخّلصها من الفساد المالي والإداري. ولكن الواقع السياسي قد لا يبدو بهذا الإشراق، بل على العكس تماماً، يقوم كثير من الناس، خاصة في الدول النامية أو حديثة العهد بالديمقراطية، بانتخاب أو إعادة انتخاب سياسيين تحوم حولهم شبهات فساد، أو حتى ثبتت عليهم التهمة.

في هذا السياق، ربما يكون المغرب هو أحدث مثال على هذا الواقع، حيث حصل المترشح في الانتخابات البرلمانية لنصف الولاية راشيد الطالبي العلمي على أعلى نسبة أصوات رغم الولاية التشريعية الحادية عشرة ؛ تعيش حالة من فساد نواب؛ ومتابعات قضائية؛ واعتقال برلمانيين ووضعم بالسجن في انتظار استكمال التحقيقات؛ والنطق بالحكم في حقهم بالمحاكم من مختلف درجاتها.

كما كان متوقعا، شهدت جلسة افتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية، التي عقدها مجلس النواب اليوم الجمعة، انتخاب راشيد الطالبي العلمي رئيسا للمجلس لما تبقى من الفترة النيابية 2021-2026، بعدما نال ثقة أصوات غالبية النواب الحاضرين في الجلسة.




فاز الطالبي العلمي مرشح الأغلبية بأصوات 264 نائبا من أصل 324 حضروا جلسة التصويت؛ فيما حصل عبد الله بووانو، مرشح حزب العدالة والتنمية ورئيس مجموعته النيابية بالمجلس، على 23 صوتا.

ويأتي انتخاب الطالبي العلمي طبقا لأحكام الفصلين 62 و65 من الدستور ومقتضيات المادة 24 من النظام الداخلي.

إعادة انتخاب شخصية مثل راشيد الطالبي العلمي لمنصب رئيس البرلمان في المغرب يمكن أن تكون تأكيدًا للثقة في السياسة التي تمثلها، ولكنها ليست بالضرورة تأكيداً مباشراً للسياسة الحكومية بشكل عام. يعكس انتخاب رئيس البرلمان عادةً إرادة الأحزاب والكتل البرلمانية الممثلة في البرلمان، وقد يكون السبب وراء إعادة انتخابه هو عوامل متعددة مثل الخبرة، والكفاءة، والتوافق السياسي، والقدرة على تحقيق التوازن بين مختلف الأطراف السياسية.

إذا كان راشيد الطالبي العلمي قد أُعيد انتخابه كرئيس للبرلمان، فقد يكون ذلك علامة على الاستقرار السياسي والثقة في قدرته على قيادة أعمال البرلمان بشكل فعّال. ومن المهم أيضًا أن نلاحظ أن تأثير رئيس البرلمان في السياسة الحكومية يختلف عن دور الحكومة نفسها، حيث يكون دور البرلمان أكثر تركيزاً على المناقشة والتشريع.

فلماذا لجأ نسبة كبيرة من البرلمانيين إلى انتخاب راشيد الطالبي العلمي لنصف الولاية الثانية دون غيره رغم ان حوالي  145 برلمانيا متابعين في ملفات فساد؛ قد يكونون اتخذوا راشيد الطالبي العلمي قدوة لانه انجز معجزات بالتهرب الضريبي في المعمل السري؛ الذي مازالت تداعياته تلقي بضلالها في الساحة الوطنية؟ وهل المغرب هو الحالة الديمقراطية الوحيدة التي يصل فيها متهم بالفساد إلى أعلى المناصب ويقترب من سدة الحكم؟

في الحقيقة فإن مثال المغرب ليس استثناء، بل هو حالة طبيعية ومتكررة وفقاً لكثير من الدراسات والأبحاث الأكاديمية التي تناولت دراسة حالات مشابهة لفهم سبب قيام المجتمعات -خاصة حديثة العهد بالديمقراطية- بالاستمرار في انتخاب أو إعادة انتخاب أشخاص تحوم حولهم شبهات بالفساد المالي. لا غنى عن التأكيد هنا، أننا نتحدث عن مجتمعات ديمقراطية صاعدة وليس عن ديكتاتوريات أو ديموقراطيات مزعومة تُشرى فيها الأصوات وتُزّور فيها النتائج.

https://www.facebook.com/benguerir24/posts/رشيد-الطالبي-العلمي-فساد-بالجملة-صدرت-في-حقه-تقارير-المجلس-الأعلى-للحسابات-بأنه-/5335762989838574/?locale=ms_MY

اتسع نطاق الملاحقات القضائية التي طالت برلمانيين ومسؤولين بارزين في المغرب، على خلفية قضايا فساد وتجارة مخدرات، خلال الآونة الأخيرة.

وفي حين يرى البعض أن ما يجري من ملاحقات قضائية يهدف إلى تعزيز مبدأ المساءلة، يعتقد آخرون أنها تتم بين فترات زمنية وأخرى، لمحاولة ترميم صورة المؤسسات الرسمية بهدف الحفاظ على الشرعية.

تحقيق.. وثائق ومعطيات تنشر لأول مرة تكشف خروقات صفقة العلمي لإنشاء موقع إلكتروني بـ250 مليون

وفي أحدث التطورات القضائية، أحال قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الرئيس السابق لنادي الرجاء البيضاوي، عبد العزيز البدراوي، والبرلماني السابق، محمد كريمين، بتهم ” تبديد واختلاس أموال عمومية”.

جاء ذلك بعد مسلسل من الملاحقات القضائية مستمرة منذ أسابيع، والتي تفجرت بعد اعتقال رئيس نادي الوداد البيضاوي لكرة القدم، سعيد الناصري، في ديسمبر الماضي، وذلك على خلفية تداعيات ما يعرف بملف “إسكوبار الصحراء”، في إشارة للمواطن المالي، الحاج أحمد بن إبراهيم، القابع في سجن مغربي منذ عام 2019، بسبب الاتجار الدولي في المخدرات، وقضايا أخرى.

وشمل التحقيق في تلك القضية 25 متهما –  21 منهم رهن الاعتقال –  بمن فيهم رجل الأعمال البارز، عبد النبي بعيوي، وهو عضو بحزب الأصالة والمعاصرة أيضا.

كذلك، يقبع البرلماني والوزير السابق، العضو في حزب الحركة الشعبية (معارض)، محمد مبدع، في سجن عكاشة بالدار البيضاء، بتهم متعلقة بالفساد و”تبديد أموال عامة”.

الغلوسي: يطالب بتجميد عضوية السياسيين والبرلمانيين “الفاسدين” ومحاسبتهم..هل تعيد الثقة للعمل السياسي؟

وتعليقا على هذه التطورات، يقول أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، رشيد لزرق، إن “الحملة الحالية تأتي في إطار تطبيق مقتضيات دستور 2011، حيث بدأ التطبيق الصارم للقانون وأضحت مسألة سحب الحصانة من البرلمانيين قائمة”.

ويضيف لزرق في حديث مع موقع “أصوات مغاربية”، أن “الدستور الجديد نزع الطابع المُطلق من الحصانة البرلمانية، إذ أصبحت حصانة تهم فقط حرية الرأي التعبير داخل قبة البرلمان، ولم تعد تحمي صاحبها من الجرائم والممارسات الجنائية”.

ويؤكد أن هناك أيضا “سياقا دوليا” لما يجري من ملاحقات، فالمغرب “دخل في اتفاقيات دولية لمحاربة الفساد والاتجار بالبشر والمخدرات”، مشيرا إلى أن التوجه الجديد “يجعل المسؤولية الجنائية تمتد إلى المسؤولين وصانعي القرار”.

وتحدث لزرق عن تأثيرات الملاحقات القضائية على المشهد السياسي، مرجحا أن تؤدي إلى “تجديد النخبة السياسية” و”تخليق الحياة العامة والتأسيس الفعلي لدولة القانون”.

كما دعا الخبير القانوني المغربي إلى التمييز بين الملاحقات القضائية بتهم المخدرات وأخرى متعلقة بالفساد، قائلا إن “أغلبية الملاحقين في قضايا سوء التدبير كانوا يُسيرون جماعات ترابية ومجالس عمالات، وجُلّهم من الأعيان وينتمون إلى تشكيلات حزبية متنوعة من الموالاة إلى المعارضة”.

ويرى المحلل السياسي المغربي، حميد بنخطاب، أن “المؤسسات التابعة للأنظمة الهجينة والسلطوية تعرف غالبا انتشار المحسوبية والزبونية واستشراء الفساد، وعليه يكون لزاما على ركائن النظام تفعيل القانون ومتابعة المتورطين من أجل منح المصداقية للحكم وتقوية مشروعه السياسي”.

ويوضح في حديثه لموقع “أصوات مغاربية”، أن “محاربة الفساد تظل شعارا متداولا حتى داخل الأنظمة الهجينة والسلطوية”، مردفا أن “محاربة الفساد تتم بشكل دوري في المغرب، ففي كل 15 إلى 20 سنة يتم إطلاق حملة جديدة واسعة لملاحقة من يتم اعتبارهم الرؤوس الكبرى لهذا الفساد”.

وفي الوقت نفسه، يحذر بنخطاب من أن “تتحول هذه الحملات إلى محطات لتصفية الحسابات السياسية مع بعض الشخصيات، والحساسيات الحزبية”.