علم اسرائيل يرفرف مجددًا فى سماء العاصمة السعودية الرياض

0
426

رفرف العلم الإسرائيلى مجددًا فى سماء العاصمة السعودية الرياض، بسبب مشاركة دولة الاحتلال فى بطولة فيفا الدولية لألعاب الفيديو التي تقام في العاصمة السعودية الرياض. ويضم الفريق اللاعبين ومدربهم ونائب مدير المنتخب، دخلوا جميعاً إلى السعودية بواسطة جوازات سفر إسرائيلية عن طريق الإمارات بعد التنسيق مع الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا.

وعلى الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، فقد سُمح للصحفيين ورجال الأعمال الإسرائيليين وشخصيات أخرى بزيارة المملكة الإسلامية في السنوات الأخيرة.

دخل ثلاثة من أعضاء الفريق ومدربهم ونائب مدير المنتخب إلى البلاد عبر دولة الإمارات العربية المتحدة بجوازات سفرهم الإسرائيلية لحضور الحدث، الذي سيستمر في الفترة من 16 إلى 19 يوليو، وفقًا لتقارير إعلامية.

وأثارت مشاركة الفريق الإسرائيلي تساؤلات كثيرة حول حقيقة “اللا تطبيع” في العلاقات بين السعودية و إسرائيل، في الوقت الذي تُؤكد السلطات الرسمية في الرياض رغبتها في التطبيع لكن “بشروط” تضمن مصالحها.

حلّ الفريق الإسرائيلي ضيفاً على المملكة العربية السعودية، السبت، للمشاركة في بطولة دولية للعبة “فيفا 2023” الإلكترونية الشهيرة، التي تنتجها شركة “إي أي سبورتس” وترعاها منظمة الاتحاد الدولي لكرة القدم، بمجموع جوائز يبلغ 3 ملايين دولار.

وقال روعي كايس، محرر الشؤون العربية في هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (كان)، أن “العلم الإسرائيلي يرفرف في الرياض” اليوم الثلاثاء، مع الافتتاح الرسمي للبطولة.

وأشار الصحفي الإسرائيلي، إلى أن الفريق سيقوم بكل التراتيب اللازمة خلال حفل الافتتاح وخلال البطولة، بينها رفع العلم الإسرائيلي وأداء النشيد الوطني للاحتلال، بحجة أن البطولة تقع تحت إشراف الفيفا على حدّ تعبيره.

في غضون ذلك، كثفت إدارة بايدن جهودها للتوسط في اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية في الأشهر الأخيرة، حيث زار العديد من كبار المسؤولين الرياض لإثارة القضية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وأقر المسؤولون الأمريكيون بأن احتمالية إبرام صفقة ليست عالية بشكل خاص، بالنظر إلى المطالب السعودية بضمانات أمنية من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى المطالبة بلفتة كبرى للفلسطينيين من إسرائيل.

وصرح مسؤول أمريكي لتايمز أوف إسرائيل الشهر الماضي أن الإعلانات الإسرائيلية الأخيرة عن البناء في المستوطنات أدت بالمغرب إلى إلغاء خطط لاستضافة قمة وزارية لمنتدى النقب الشهر المقبل، كما أنها “تلوث” الجهود المبذولة لتحقيق اتفاق تطبيع إسرائيلي سعودي.

لكن تعيين مبعوث أمريكي لهذا الملف يشير إلى أن الولايات المتحدة لا تزال عازمة على دفع اندماج إسرائيل في المنطقة.

وينبغي ألا ننسى تاريخا مهما، وبالتحديد عام 2002، عندما أطلق ولي عهد المملكة العربية السعودية آنذاك الأمير عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة للسلام، لكنه أكد في الوقت نفسه وبوضوح أن المملكة لن تعترف بإسرائيل كدولةً إلا بعد أن تلتزم بحدودها عام 1967، وايضاً الاعتراف بدولة فلسطينية تكون القدس الشرقية عاصمة لها.  وقد أسس هذا الموقف السعودي الجلي ما ينبغي أن تكون عليه المبادرة العربية للسلام.  ولا ريب أن هذه المبادرة شكلت منعطفا تاريخيا كونها الآلية الوحيدة التي يمكن من خلالها عقد اتفاقية سلام شاملة ودائمة بين إسرائيل والعالم العربي والإسلامي. ورغم أن “الاتفاقية الإبراهيمية” يمكن اعتبارها خطوة ـ وإن صغرت ـ في الاتجاه الصحيح، إلا أنها بعيدة عن أسس المبادرة العربية للسلام.

هذا ولا يخفى بأن الشجاعة والحكمة البالغتين اللتين مكنتا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من تحريك المياه الراكدة والتواصل مع أطراف النزاع (بما فيهم الجانب الإسرائيلي) تولدت عنهما مساع جديرة بالثناء والتقدير، وقد يكتب لهذه المساعي أن تغير وجه القضية الفلسطينية، إلا أنه فضل عدم المضي قدما في هذا الاتجاه في هذه المرحلة.  إن الأمير محمد بن سلمان على دراية تامة بأن قسمًا لا يستهان به من العالم العربي لا يزال يرزح تحت الفقر والفساد، وأن عالمنا الحديث -الذي تقوده الإنتاجية والابتكار- يحتاج لأجل ريادة القرار نهضة تنموية واقتصادية تقلل الاعتماد على النفط ومشتقاته. وللتحرر من هذه المعضلة، فلا بد للحكام العرب أن يتنبّهوا لأهمية ضبط الأولويات تجاه تطوير وتنويع اقتصاد دولهم والاهتمام بالتنمية والتطوير، وعدم التذرع بالصراع الأزلي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

من الناحية النظرية قد يرى البعض بأن ولي العهد السعودي قد يسعى نحو التطبيع مع إسرائيل، إلا أنه يعي تمامًا خطورة تبني سياسة مصيرية مثل الاعتراف بالدولة الاسرائيلية في الظروف الراهنة وما يترتب عليه من نتائج.  إن أمرًا كهذا – لو حصل – ستكون له آثار كبيرة ليس فقط على المملكة العربية السعودية -أغنى الدول العربية وصاحبة المكانة المحورية في الأمة الإسلامية كونها حاضنة الحرمين الشريفين – بل ستترتب عليه أمور أخرى لا تحمد عقباها تعمّ العالم العربي والإسلامي بأسره.  وبغض النظر عن الشعبية الواسعة التي يحظى بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلا أن العداء لإسرائيل وسياساتها العنصرية التوسعية لا يزال متجذرا في وعي المواطن العربي عموما وبخاصة في المؤسسات الدينية. فمنذ إعلان “الاتفاقية الإبراهيمية” والشارع العربي في دوامة من التعجب والامتعاض تجاه السبب الغامض الذي يقود العرب إلى مكافأة إسرائيل.

إن الأغلبية الساحقة في السعودية وخارجها تتشبث بالإعلان التاريخي للملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز، والذي أكد فيه بأن “المملكة العربية السعودية ستكون آخر دولة مسلمة تعترف بكيان إسرائيل!”، وهذا الموقف التاريخي لا يمكن أن يغيب عن الحسبان. ومما يعلم ولا يقال أحياناً أن المتطرفين الإسلاميين ذوي المواقف السالفة المشهودة بالعنف في المملكة لن يزيدهم قرار التطبيع إلا غضبا ونفورا من القيادة السعودية، حيث أن مثل هذه الخطوة تعد في نظرهم تخلياً عن القيم الإسلامية وهجراً للمواقف السعودية العريقة والمتوارثة تجاه القضية الفلسطينية. وعليه، فإن القيادة السعودية ستكون حذرة للغاية من تبني أي سياسة تخلق ثغرة بينهم والشعب السعودي وتزعزع مركز المملكة بصفتها دولة قيادية ومحورية في العالمين العربي والإسلامي.