“توقفوا عن تحويل التفاهات إلى قدوة ونجوم”، موضوع عريضة مفتوحة، اطلقها صحفيون واساتذة جامعيين ومثقفين وفعاليات جمعوية وسياسية مغربية، يعلنون فيها: “استهجاننا وإدانتنا للتسيب والتفاهات، التي أصبحت تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، من خلال التنافس على نشر محتويات تكرس الجهل والميوعة والتمييز والإساءة لصورة المرأة والانحلال والترويج لخطاب الكراهية بلغة وصور تحط بالكرامة الإنسانية مع الاستهانة بجدوى التربية والتعليم والكفاءة والقدوة، من أجل تحقيق أعلى قدر من نسب المتابعة والمشاهدة لغاية جني الربح المادي السريع والشهرة المصطنعة”.
وناشد الموقعون كافة المؤسسات والهيئات من مختلف المواقع الرسمية والمدنية خاصة الحقوقية والتربوية والإعلامية والثقافية :” بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه التفاهات المنتشرة على وسائط التواصل الاجتماعي والتي لا علاقة لها بحرية التعبير والاتصال، مع العمل على فتح وسائل الاعلام العمومي للتحسيس بخطورة الترويج لمثل هذه الظواهر وتشجيعها بفتح مساحات واسعة لها في وسائل التواصل والاعلام”.
العريضة المفتوحة للتوقيع اختارت عنواناً لافتاً ويحمل دلالته في محتواه، وهو “توقفوا عن تحويل التفاهات إلى قدوة ونجوم”. الخطاب هنا موجه إلى متابعي هؤلاء وإلى عدد من المواقع الإلكترونية التي تقتات في يومياتها الإخبارية على فيديوهات “تافهة”، بل تستضيف “أبطالها” في حوارات تسمى “حصرية”، ويصبح صاحب المحتوى التافه نجماً وقدوة، خاصة في الجانب المادي وظهور “آثار النعمة” عليه، مثل تغيير المنزل أو امتلاك واحد بعد أن يكون قد بدأ مسيرته “اليوتيوبرية” وهو في منزل عادي، فيتحول إلى شقة فخمة وسيارة فارهة ولباس من ماركات معروفة.
العريضة المذكورة أعلن الموقعون عليها عن استهجانهم وإدانتهم “للتسيب والتفاهات التي أصبحت تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، من خلال التنافس على نشر محتويات تكرس الجهل والميوعة والتمييز والإساءة لصورة المرأة والانحلال والترويج لخطاب الكراهية بلغة وصور تحط بالكرامة الإنسانية، مع الاستهانة بجدوى التربية والتعليم والكفاءة والقدوة، من أجل تحقيق أعلى قدر من نسب المتابعة والمشاهدة لغاية جني الربح المادي السريع والشهرة المصطنعة”.
ووجّه الموقعون على العريضة الأولى من نوعها مناشدة إلى “كافة المؤسسات والهيئات من مختلف المواقع الرسمية والمدنية، خاصة الحقوقية والتربوية والإعلامية والثقافية، بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه التفاهات المنتشرة على وسائط التواصل الاجتماعي والتي لا علاقة لها بحرية التعبير والاتصال، مع العمل على فتح وسائل الإعلام العمومي للتوعية بخطورة الترويج لمثل هذه الظواهر وتشجيعها بفتح مساحات واسعة لها في وسائل التواصل والإعلام”.
الباعث الأساس لهذه العريضة هو تنامي ظاهرة الفيديوهات التافهة ومحتواها السيئ والرديء، وكان أحدثها بثّ مباشر لسيدة دأبت على نشر يومياتها بشكل فضائحي، وكانت موضوع توقيف من طرف الشرطة المغربية التي سارعت إلى اعتقالها بسبب آخر منشوراتها الكارثية، والتي تروج لمحتويات رقمية بواسطة الأنظمة المعلوماتية تتضمن إخلالاً علنياً بالحياء.
بالنسبة لأصحاب العريضة، فإن المشكل يكمن في تحويل التافهين إلى نجوم، وبينما الأمن يقوم بواجبه في هذا الباب، نجد مواقع إلكترونية تحتفي بهؤلاء وتمنحهم الحيز الأكبر ضمن موادها المنشورة، كما أن عدد المتابعين لهم في تزايد، وهذا هو العجيب والغريب في الوقت نفسه.
لم تكن العريضة سوى ملمح لما يعتمل في صدور المثقفين والإعلاميين والكوادر المغربية، فقد سبق أن نشر العديد منهم تدوينات تعبر عن غضبهم واستيائهم، ونجد مثلاً الصحافي عبد الصمد بنشريف الذي كتب تدوينات عدة نشرها على صفحته بالفيسبوك، وقال في إحداها: “أكاد أجن وأنا أرى التفاهة تتحول إلى نظام حياة وإلى نموذج اجتماعي”. وأضاف: “كلما كنت تافهاً إلا وأصبحت مقبولاً ومحبوباً وتنهال عليك الثروات من حيث لا تحتسب”.
وبالنسبة لصاحب التدوينة، فإن “الخطير هو أن يتحول التافهون إلى مؤثرين ومنظرين يؤخذ برأيهم. لكن في الليلة الظلماء يفتقد البدر. لن ينفع هؤلاء في شيء في مواجهة التحديات والأزمات ورسم الخطط والاستراتيجيات واقتراح الحلول”.
في السياق نفسه، تحدث المخرج السينمائي عبد السلام الكلاعي عن التفاهة ليس فقط في مواقع التواصل الاجتماعي، بل حتى في السينما والتلفزيون. وقال: “واقع المحتوى (الترفيهي) المغربي، تلفزياً وسينمائياً ويوتوبياً، لا جودة فيه، بل هو ساقط في التفاهة وقلة الذوق وانعدام الوعي”.
وأوضح أن “مقولة (الجمهور يريد هذا) التي يحتمي بها كثير من منتجي التلفزيون والسينما ومقدمي المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي أوصلتهم لمستوى هابط وسطحي ومشين في المضمون والشكل، وأوصلتنا كأمة ذات حضارة وتاريخ وثقافة لوضع مخجل جداً”.
وأضاف الكلاعي موضحاً موقفه قائلاً: “أنا لست ضد وجود برامج وأفلام ومحتويات تبتغي الترفيه على الجمهور، لكن هناك مجموعة من المراحل التي يتعين اتخاذها لتحسين المحتوى الترفيهي، أبرزها وأولاها استهداف التعليم والتثقيف ورفع الوعي عن طريق الترفيه، وعدم اعتبار المجتمع من طرف صناع الترفيه مجرد أرقام وقياس عدد مشاهدات وكمية متابعين وعدد تذاكر مباعة”.