“قانون الإضراب الجديد: هل هو حماية للحقوق أم بداية لقمع الحريات النقابية؟”

0
171

بين الحقوق والتنظيم: هل يحمل قانون الإضراب الجديد مكاسب أم قيودًا للمغاربة؟

في خطوة تترقبها الأوساط المغربية منذ سنوات، أقرّ مجلس النواب مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بعد أن ظل مجمداً لأكثر من ثماني سنوات. حاز المشروع على موافقة 124 نائبًا، مقابل معارضة 41، وينتظر الآن المرور عبر مجلس المستشارين لاستكمال مسطرة التشريع.

لكن التساؤلات حول خلفيات هذا القانون وتأثيره على ممارسي حق الإضراب لا تزال قائمة، خاصة مع تزامنه مع دعوات لإصلاحات أخرى مثيرة للجدل.

تعريف جديد للإضراب.. وضوابط أكثر دقة

وفقًا لمشروع القانون، يُعرَّف الإضراب بأنه “كل توقف إرادي جماعي ومؤقت عن العمل، كليًا أو جزئيًا، بهدف الدفاع عن حقوق أو مصالح اجتماعية أو مهنية”. كما يُحدد القانون النقابات المؤهلة للدعوة إلى الإضراب، مشددًا على الوضعية القانونية السليمة للنقابة ومشاركتها في انتخابات ممثلي المأجورين.

لكن هل هذه التعريفات والتنظيمات الجديدة تهدف فعلاً إلى تعزيز الحريات النقابية أم أنها تُشكل قيدًا إضافيًا على العمل النقابي؟ وكيف يمكن للنقابات الصغيرة أو الناشئة التعامل مع هذه الاشتراطات الجديدة؟

إضراب بلا أجر.. عقوبة أم تنظيم؟

من بين البنود الأكثر إثارة للجدل، ما نصت عليه المادة السادسة، التي تعتبر العامل المشارك في الإضراب في “حالة توقف مؤقت عن العمل لا يُؤدى عنه أجر”. يرى البعض أن هذا البند ضروري لضمان استمرارية المؤسسات الاقتصادية والخدماتية، بينما يعتبره آخرون عقوبة مبطنة تهدف إلى تقليص الإقبال على الإضراب كوسيلة ضغط شرعية.

  • كيف يمكن تحقيق توازن عادل بين حماية مصالح العمال وضمان استمرارية العمل في المؤسسات؟

  • هل هناك آليات تعويض أو ضمانات أخرى للعمال المتضررين؟

هل يوازن القانون بين الأطراف؟

تنص المادة التاسعة على منع أي تمييز ضد العمال بسبب مشاركتهم في الإضراب، بهدف ضمان المساواة وتكافؤ الفرص. لكن التساؤل يظل قائمًا حول مدى فعالية هذا النص في ظل غياب هيئات رقابية قوية ومستقلة لمتابعة التنفيذ.

  • كيف ستُراقب الجهات المختصة التزام أرباب العمل بهذا البند؟

  • هل يتطلب ذلك إنشاء آليات جديدة أو تقوية المؤسسات الحالية؟

مسطرة تنظيمية صارمة

مشروع القانون يضع مساطر دقيقة لتفعيل الإضراب، تشمل آجالاً طويلة تصل إلى 45 يومًا للقطاع العام و15 يومًا للقطاع الخاص، مع إمكانية التمديد.

ورغم أن هذه الإجراءات تهدف إلى استنفاد كل وسائل الحوار قبل اللجوء للإضراب، إلا أن البعض يراها عائقًا أمام العمال لتحقيق مطالبهم العاجلة.

  • هل يمكن لهذه الإجراءات أن تُفقد الإضراب زخمه كوسيلة ضغط فعالة؟

  • كيف ستتعامل النقابات مع هذه القيود الجديدة؟

السياق السياسي والتوقيت المثير للجدل

جاء تمرير هذا القانون في سياق مشحون، تزامنًا مع الحديث عن تعديل مدونة الأسرة وقوانين أخرى تحمل طابعًا سياسيًا واجتماعيًا حساسًا. يُثار هنا سؤال محوري:

  • هل كان تمرير قانون الإضراب خطوة استباقية لتمرير قوانين أخرى مثيرة للجدل؟

  • وهل يُمكن اعتبار هذا التزامن مجرد مصادفة أم أنه استراتيجية حكومية لتقليل حدة المعارضة؟

بين المكاسب والقيود: المستقبل الغامض

بينما يعِد القانون بتوفير إطار قانوني واضح لممارسة حق الإضراب، إلا أن تفاصيله قد تُخضع العاملين لقيود تجعل ممارسة هذا الحق أكثر تعقيدًا. ومع ذلك، فإن نجاح القانون يعتمد على مدى تقبّله من مختلف الأطراف وقدرة الحكومة على تحقيق توازن بين ضمان استمرارية العمل وحماية حقوق العمال.

ختامًا: إلى أين يتجه الحوار الاجتماعي؟

القانون الجديد يمثل محطة حاسمة في علاقة الحكومة بالشغيلة والنقابات. لكن نجاحه يعتمد على مدى استيعاب مطالب النقابات وتجنب خلق مناخ من الاحتقان الاجتماعي.

  • هل سيتمكن القانون من تحقيق توافق طال انتظاره بين الحكومة والشغيلة؟

  • أم أنه سيؤدي إلى مزيد من النزاعات بين الأطراف المعنية؟

المغاربة ينتظرون الإجابات، لكن الأهم أن يظل الحوار مفتوحًا دون إقصاء لأي طرف.