مبادرة تبون تجاه دول الساحل لا تلقى صدى ولا تضاهي المبادرة الملكية وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي

0
478

خلفت المبادرة التي أطلقها حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس، من أجل ضمان وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، حالة من الهلع وهاجس الجزائر لملاحقة خطوات المغرب في أفريقيا يدفعها لإعلان مبادرة “منطقة للتبادل الحر” لدول الساحل بعدما فقدت التأثير في الجوار في ظل أزماتها مع مالي والنيجر وتقاربهما مع المغرب، جسده الضجيج الذي خلفته هذه المبادرة على مستوى الإعلام الجزائري والذي يدور في فلكه.

الجزائر – أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إحداث “منطقة للتبادل الحر” بين بلاده وكل من موريتانيا ومالي والنيجر بالإضافة إلى ليبيا وتونس، في مساعيه لتدارك مسار الشراكة الجديدة بين المغرب ودول منطقة الساحل التي تبنى استنادا على منحها إطلالة على المحيط الأطلسي، بينما يبدو أن الإعلان الجزائري لم يغري الدول المعنية المستاءة من مواقف النظام الجزائري.

وتروج السلطات الجزائرية منذ ما يقارب ستة أشهر لمبادرة تبدو أنها ولدت ميتة، وهي ما يعرب “منطقة للتبادل الحر” التي تحاول من خلالها الجزائر توريط دول الساحل في دعم مشروعها دعم الإرهاب واحتضانه، في ظل أزماتها مع مالي والنيجر وتقاربهما مع المغرب ، غير أن هذه المبادرة تبقى من غير ذات جدوى وتفتقد لأدنى فرصة للتجسيد، ما دام أن البلد اللذي تعوّل عليه الجزائر في مشروعها المية هو موريتانيا، وهي غير معنية بتلك المبادرة التي ولدت ميّتة.

وتواصل السلطات الجزائرية مساعيها لمجاراة المغرب واللحاق بخطواته وحراكه الدبلوماسي الفاعل في المنطقة الذي مكنه من حجز مكانة هامة في القارة الأفريقية، بينما وجدت الجزائر نفسها محاصرة بسبب تدخلها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة مما زاد في عزلتها اقليميا ودوليا.

ونقل بيان عن رئاسة الجمهورية عن تبون قوله إن “الجزائر ستعرف في 2024 إنشاء مناطق حرة للتبادل بينها وبين أشقائها، بداية بموريتانيا الشقيقة، ثم دول الساحل، مالي والنيجر، بالإضافة إلى دولتي تونس وليبيا”، وأضاف “تتمسك بلادي بتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والتكامل القارّي وتؤكد على أهمية العمل لتحسين مستوى كفاءة عمليات التكامل الاقتصادي الإفريقي”.

وأورد تبون خلال كلمته في الاجتماع الـ41 للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الإفريقي “نيباد”، أن “هذا التكامل يتعلق خاصة بتحسين البنية التحتية من خلال زيادة الشراكات بين القطاعين العام والخاص والاستفادة من الموارد الوطنية”، داعيا إلى “تحسين الشبكات الإقليمية للإنتاج والتجارة من خلال تعزيز القدرات الإنتاجية”.

جاء ذلك ضمن كلمة لتبون الثلاثاء، خلال الاجتماع الـ41 للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الإفريقي “نيباد”، حيث قال أن “هذا التكامل يتعلق خاصة بتحسين البنية التحتية من خلال زيادة الشراكات بين القطاعين العام والخاص والاستفادة من الموارد الوطنية”، داعيا إلى “تحسين الشبكات الإقليمية للإنتاج والتجارة من خلال تعزيز القدرات الإنتاجية”.

ولا تعتبر مصادفة أن تأتي تصريحات تبون بعد المبادرة الدولية التي أعلن عنها العاهل المغربي الملك محمد السادس، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، خلال خطابه في الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، حين تحدث عن تمكين دول الساحل من الوصول إلى المحيط الأطلسي، وهي المبادرة التي أعلنت أربع دول الانخراط فيها رسميا، وهي مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.

مبادرة الأطلسي..المنتظر من رئيس وزراء النيجر موقفا أكثر وضوحاً بخصوص مغربية الصحراء

وهذه المبادرة الخلاقة ساهمت في إحداث تقارب كبير بين الرباط وباماكو ونيامي، في الوقت الذي تدهورت فيه العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين الجزائر ومالي والنيجر، بسبب بمحاولات الجزائر فرض مسارات سياسية انتقالية على البلدين، وهو ما فطن له مسؤولو البلدين حيث اتهمت مالي الجزائر بضرب استقراره، من خلال استقبال حركات انفصالية.

ويشير إعلان تبون إلى محاولة جديدة لتدارك تأخر بلاده أمام المغرب إثر سلسلة الانقلابات التي عرفتها منطقة الساحل، والتي أتت بقيادات جديدة لتدبير المرحلة الانتقالية، وهو ما أدى إلى إعلان مالي والنيجر وبوركينا فاسو مغادرة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “سيدياو” فورا.

ويُشكل مُضي المغرب إلى جانب دول الساحل قُدما في مبادرة الوصول إلى الأطلسي، توجيه ضربة استراتيجية للجزائر، إذ سيكون محيطها المباشر قد اعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، من أجل الحصول على منفذ عبر ميناء الداخلة الجديد، وهو ما يفسر محاولات الحكومة الجزائرية، نهاية السنة الماضية، الضغط عليها ماليا من خلال وقف اتفاقيات القروض مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

وتلعب الجزائر أوراقها الدبلوماسية والاقتصادية مع دول الساحل، مخافة مراكمة الخسائر على المستوى الإقليمي، وذلك بعدما فقدت التأثير في جوارها المكون من هذه الدول، في غمرة أزماتها مع مالي والنيجر، البلدان اللذان أصبحا أكثر قربا من المغرب.

كما تخشى الجزائر من انضمام موريتانيا إلى المبادرة التي أطلقها الملك محمد السادس، من أجل ضمان وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، إذ سيكون ذلك بمثابة ضربة قوية للجزائر.

كما واجهت الجزائر ضربة دبلوماسية أخرى، بعد إعلان وزير الخارجية الفرنسي الجديد، ستيفان سيجورني، سعي بلاده لإصلاح العلاقات مع المغرب، بناء على طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بما يشمل الموقف من الصحراء، لتُعجل بتمرير رسائل مفادها بأن تقديم باريس موقفا داعما لمقترح الحكم الذاتي المغربي سيعني العودة بالعلاقات معها إلى خانة الأزمة.

وكتبت صحيفة “الخبر” الجزائرية المقربة من السلطة فيما يبدو أنها رسالة سياسية غير معلنة من تبون “في محاولة لتبديد غضب الرباط من مواقفه بالبرلمان الأوروبي.. وزير خارجية فرنسا يضع العلاقات مع الجزائر على كف عفريت”، وأوردت أن سيجورني “عرض العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى مخاطر من شأنها أن تؤدي إلى حصول انتكاسة جديدة، وهو الانزلاق الذي حصل بينما كان يتحدث عن علاقات بلاده مع النظام المغربي، وموقع القضية الصحراوية في سياستها الخارجية”.

ويبدو واضحا أن النظام الجزائري، يريد تحذير باريس، قبل أي خطوة من ماكرون وحكومته قد تكون متجهة إلى تبني خطاب مماثل لخطاب مدريد بخصوص قضية الصحراء، من خلال الإعلان الصريح عن دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، باعتباره الخيار الأكثر جدية واقعية ومصداقية”، وهو التوجه الذي ينمو بشكل متسارع بين دول الاتحاد الأوروبي والقارة الأفريقية أيضا مع مبادرات المغرب الرائدة خلال الفترة الماضية والتي تسعى الجزائر لملاحقتها.