مشروع القانون الصحية:بين تحدي الغايات الإصلاحية وحجم الإنتظارات الفئوية وضرورة تنزيل الآليات التحفيزية وتكريس لغياب الضمانات الأساسية وحضورالضبابية في تدبير المسارات المهنية

0
150

إجتمع أعضاء المكتب الوطني للنقابة المستقلة لقطاعات الصحة ،العضو في اتحاد النقابات المستقلة بالمغرب يومه  الأربعاء 7 دجنبر 2022 وذلك بهدف مواكبة المستجدات الطارئة المرتبطة بالوضع المهني،المؤسساتي منه والقانوني الخاص بموظفي قطاع الصحة والحماية الإجتماعية وبما تنتظره الفئات المختلفة المنتمية إليه، تلك الفئات الساعية والمتطلعة إلى مشاركة فعالة ووازنة وحقيقية من أجل تنزيل سليم وكامل للمشروع الإصلاحي الملكي السامي الذي يروم النهوض بمنظومة الصحة والحماية الإجتماعية ،سيما من خلال المرتكزات الخمس المعلن عنها بهدف إنجاح تعميم التغطية الصحية على كافة المواطنات والمواطنين.

إثر ذلك قام الأعضاء المجتمعين ، بتدارس ومناقشة مشروع القانون رقم09.22 المتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للموارد البشرية بالوظيفة الصحية والذي يندرج في إطار تفعيل مقتضيات المادة 23 من القانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية وكتنزيل لإحدى الدعامات الأساسية لإصلاحها، ويتعلق الأمر هنا تحديدا بتُثمين الموارد البشرية.

وهنا لا بأس من الرجوع شيئا ما إلى الوراء للتذكير بأنه سبق للنقابة المستقلة أن أشارت  ونبهت في بيانات سالفة إلى ما ميز وضعية ومسار الحوار الإجتماعي القطاعي من بطئ شديد ومن تغييب للفرقاء بالنسبة لشق أساسي وهو المتعلق بإعداد مشروع الإصلاح المرتقب المرتبط بالنهوض بأوضاع وظروف عمل الموارد البشرية العاملة بهذا القطاع.

كما سبق لهذه النقابة أن أشارت لما اعتبرته فترة طويلة من الركود والإنتظارية كانت قد  طبعت مسطرة إعداد المسودة أو الصيغة الأولية لمشروع القانون الأساسي الجديد في شأن الوظيفة العمومية الصحية هذا، والذي كان من الضروري عرضه كأرضية للنقاش الموسع مع مختلف الفرقاء الإجتماعيين والمهنيين. كما سبق لهذه النقابة وأن أكدت على أن كل الجهات المعنية بإعداد وإخراج مشروع هذا الإطار القانوني الجديد إلى الوجود مطالبة بالكشف عنه في أقرب الآجال وعرضه للإغناء وذلك لسببين اثنين هامين.

فمن جهة بالنظر إلى صدور الظهير الشريف رقم 1.21.87 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1442(26 يوليوز2021 )بتنفيذ القانون رقم 39.21 المتمم للظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير1958)  الصادر بالجريدة الرسمية تحت عدد 7007 بتاريخ 26 يوليوز 2021.  والذي تمت  بموجبه  إضافة قطاع الصحة العمومية إلى لائحة القطاعات والمؤسسات التي لا تسري عليها مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.008 السالف الذكر، لذلك ومند ذلك الحين أي مند تاريخ صدور القانون المتمم المذكور بالجريدة الرسمية يمكن اعتبار الوضعية القانونية السارية الخاصة بكل مهنيي قطاع الصحة العمومية، غير سليمة. ومن جهة ثانية كانت كل الفئات المهنية بقطاع الصحة ولازالت تتطلع بكل أمل إلى ما سيؤول إليه مشروع إصلاح قانونها الأساسي الجديد وما سيتضمنه من مستجدات إيجابية وضمانات من شأنها تحسين ظروفها المهنية المادية منها والمعنوية والذي كان دون شك موضوع إنتظارات كبيرة وآمال عريضة من طرف كل هذه الفئات. غير أن تفحص هذا المشروع من طرف النقابة المستقلة جعل هذه الأخيرة مجددا في وضعية تساؤل مستمر حول ما إذا كان هذا المشروع يستجيب فعلا لكل الإنتظارات والآمال التي كانت معقودة عليه.

 فكل قراءتنا التحليلية لهذا المشروع تدفعنا عن إقتناع وبكل صراحة للإجابة بالنفي وذلك لأسباب عديدة نذكر منها ما هو ذو طابع شكلي يرتبط بالضمانات الأساسية التي كان ينص عليها الظهيرالشريف لسنة 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والتي لا نجد لها أثرا في هذا المشروع من قبيل المقتضيات المتعلقة بتدبير الحياة الإدارية كالرخص الإدارية ورخص المرض بمختلف أنواعها والإلحاق والوضع رهن الإشارة والوضع في حالة الاستيداع ووضعية الجندية والمسطرة التأديبية والتفرغ النقابي والحركية الإنتقالية ووضعيات إنهاء العمل. فكل هذه المقتضيات الأساسية لم يتم أخذها بعين الإعتبار في هذا المشروع الجديد علما أن الموظفين التابعين لقطاع الصحة لم يعودوا على ارتباط بالظهير الشريف المذكور سالفا وذلك بحكم الأسباب المشار إليها سابقا.

أما من ناحية المضمون وربما باستثناء المادة13 من هذا المشروع التي تشير إلى خصوصية مهن قطاع الصحة وتؤكد على إلزامية تعبئة المهنيين كلما دعت الضرورة إلى ذلك وأيضا فتح باب إمكانية التوظيف بالعقدة، لم تجد النقابة المستقلة في هذا المشروع أي مستجدات تحمل نوع من التثمين المعنوي والمادي يحمل تحفيزات واضحة، خصوصا بالنسبة للفئات المهنية التي لم تستفد ماديا من مخرجات الحوار الإجتماعي والقطاعي ونخص هنا بالذكر فئات الممرضين والإداريين والتقنيين. لذا يمكن القول بأن كل الآمال التي كانت تضعها هذه الفئات لم يتم النظر إليها أو اعتبارها مما سيجعل من هذا المشروع فاقدا نوعا ما لتلك المشروعية ولتلك القدرة على الإستجابة للإنتظارات التي كان  من شأن تحقيقها أن يشكل حافزا ملموسا للشغيلة الصحية وبالتالي يضمن انخراطها الكامل في هذا المشروع الإصلاحي الكبير الذي تنتظره بلادنا.