مصطفى الرميد يعتزل العمل السياسي والحزبي مختتماً عشرية كاملة بعد هزيمة لحزبه كانت متوقعة سلفا وفق مؤشرات كثيرة

0
248

بخسارته المدوية لانتخابات الثامن من سبتمبر المنصرم، يكون آخر حزب إسلامي، أو ذي “مرجعية إسلامية” كما يطيب لحزب العدالة والتنمية المغربي أن يعرّف نفسه، قد غادر كرسيّ السلطة في العالم العربي، مختتماً عشرية كاملة في الحكم، هي ذاتها عشرية “الربيع العربي” وصعود الإسلام السياسي في غير دولة من دول المنطقة… إذ باستثناء “جيب غزة”، لا تخضع أية رقعة عربية اليوم لحكم أحزابٍ من هذه القماشة. 

لم تكن نتائج الانتخابات البرلمانية في المغرب مفاجئة بخصوص خسارة حزب العدالة والتنمية للأغلبية النيابية، فقد كانت متوقعة سلفا وفق مؤشرات كثيرة، بل اللافت فيها هو تلك الانتكاسة الكبيرة غير المتوقعة بهذا الحصاد الهزيل في ذيل ترتيب الأحزاب المتنافسة بعد صدارةٍ للمشهد السياسي، تبوأ خلالها الحزبُ رئاسة الحكومة لـ10 سنوات.

وبسقوطه المُحرج في الانتخابات إيّاها، يكون “العدالة والتنمية” قد عاد كما بدأ قبل ربع قرن، عندما شارك في انتخابات 1997 وحصل على 12 مقعداً في البرلمان الذي تشكل بنتيجتها … اليوم، يحل الحزب ثامناً على لائحة الأحزاب المتأهلة لعضوية البرلمان، وبثلاثة عشر مقعدٍ فقط، بعد أن حل أولاً في انتخابات 2011 (107 مقاعد) وانتخابات 2016 (125 مقعداً). 

أعلن المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان المنتهية ولايته، اليوم الجمعة إعتزاله العمل السياسي بعد قضائه عشر سنوات فيه، فضلا عن العمل الحزبي، وذلك في جلسة تسليم السلط الذي اليوم  مع مصطفى بيتاس، الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة.

وقال الرميد ” لقد حان الوقت للتجديد ولقد حان الوقت لكي أتقاعد من السياسة والعمل الحزبي وأعتقد أن هذا الوقت المناسب لي للتخلي جانبا، مضيفا أشكر قيادة حزب العدالة والتنمية الثقة التي منحوني اياها في كافة المراحل التي قضيتها مع الحزب”.

https://www.youtube.com/watch?v=u89lU0kfwTg

أما بالنسبة للإسلاميين في كل الأقطار العربيّة، من المتعطشين للحكم بشعارات التمكين لمشروعهم الحضاري، فلقد أثبتت تجارب كثيرة، والعدالة المغربي ليس آخرها، أن إكراهات الواقع الميداني وتدبير الشأن العام في ظل تعقيدات سياسية وتراكمات اقتصادية واجتماعية سرعان ما تفضح عجز الإسلاميين، لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية، مثل غيرهم من التيارات التي تصل إلى سدّة الحكم، عن إيجاد حلول سحرية لتطلعات شعوب قهرها الاحتياج، تستعجل مطالب الكرامة والحياة الإنسانيّة قبل التغنّي بشعارات الحرية والديمقراطيّة.

كما ثبُت أنّ كل الانقلابات واللعبة الإقصائية التي تمارَس ضد الإسلاميين، مع أنهم مكوَّن رئيس في النسيج الاجتماعي العربي، تبقى خيارات متطرِّفة، فضلا على أنها غير ديمقراطية، وتكلفتها باهظة على استقرار الأوطان، ولا جدوى منها سوى تكريس الواقع المرفوض شعبيّا، في حين يمكن عزل الإسلاميين عن طريق نفس الصندوق الذي جاء بهم، بعد استنفاد أوراقِهم الرابحة واستهلاك عناوينهم البرّاقة على محكّ التجربة والأداء.

في المغرب، تخضع اللعبة الديمقراطية لقواعد صارمة، يقودها ويسهر على حسن سيرها، “مايسترو ملكي”، وحكومة وبرلمان منتخبين وفقاً لقواعد لا تضمن أغلبية كاسحة لأحد، وتوزيعٍ للسلطة والصلاحيات، تُبقي للقصر كل ما هو “سيادي” من أجهزة أمنية وعسكرية وسياسة خارجية وفضاء ديني، وتترك للحكومة وأحزابها المؤتلفة، “تدبير الشأن العام”، بما هو دون ذلك … وهذه التجربة، وإن كانت الأكثر تقدماً عن مثيلاتها في العالم العربي، بما فيها الدول الأعضاء في “نادي الملكيات”. 

على أن المغرب يتميز إلى جانب ما ذكر، بوجود أحزاب وتيارات وازنة ومتعددة، فمن هزم العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة، هو خليط من ليبراليين – مقربين من القصر (تجمع الأحرار والأصالة والمعاصرة والدستوري) وديمقراطيين – اجتماعيين (الاتحاد الاشتراكي) ويساريين (التقدم والاشتراكية) ومحافظين من ذوي الإرث النضالي التاريخي (الاستقلال)…وجود هذه المروحة من الأحزاب الوازنة، من بين عوامل أخرى، منع الإسلام السياسي المغربي، من الهيمنة والتفرد، وحدّ من فرص نشوء “ثنائيات قاتلة” كما حصل في تجارب عربية مجاورة، وقادت إلى اندلاع دورات متعاقبة من العنف والاقتتال والنزاعات الأهلية. 

 

 

 

 

ملك المفدى يدعو إلى مواجهة “التحديات الخارجية”وضمان أمنه الاستراتيجي في “هذه الظروف المشحونة بالتهديدات”