معاناة مستمرة لضحايا زلزال الحوز بالمخيمات وسط غياب المساعدات وتبخر الوعود

0
451

يعيش الاف الأسر -المتضررة من الزلزال- بإقليم الحوز بمراكش وضعية مزرية، حيث فقدوا أحبتهم وسكنهم، وتزداد معاناتهم بعد هطول الأمطار والثلوج مع حلول موسم البرد، وعدم التوصل بالدعم الذي تم إقراره لفائدة الأسر المتضررة، مما دفع البعض للقول إنهم أصبحوا منسيين تماما.

عدد من الأسر لا تزال تعيش في خيام لا تحفظ الكرامة ولا توفر أدنى شروط السكن اللائق، وجدوا أنفسهم من جديد في مواجهة الظروف الجوية، ووجها لوجه مع الأمطار التي أغرقت الخيام والرياح القوية التي اقتلعت جزءا منها، ولم تسلم منها حتى الأقسام التي تم تركيبها بالمنطقة لتدريس الأطفال.

تحكي فاطمة أنها سمعت عن دعم حكومي لمتضرري الزلزال، لكن إلى الآن لم يصلها شيء منه، فيما يقول السيد حسن بوناصر في تصريحات صحفية، إن حوالي 20% فقط من سكان “ماريغا العليا” التي يعيش بها نحو 240 أسرة، وصلها الدعم.

يسمع عبد الله -وهو ناشط مدني- عن إعادة الإعمار، لكنه يتساءل عن وقت تنفيذه الذي يبدو أنه غير قريب، ويشدد على ضرورة توفير مساكن مؤقتة غير الخيام، خاصة خيام المدارس التي يعاني داخلها التلاميذ أيضا.

ورغم توالي النداءات والمطالب بالتدخل الحكومي من أجل إيجاد حلول عاجلة لألاف الأسر المغربية التي تعاني منذ أشهر، إلا أن الأمر يظل على حاله، وتكتفي الحكومة بتصريحات تعلن فيها عن “نجاحها” في تدبير ملف ضحايا الزلزال، وصرف الدعم للمستحقين.

الأسر المتضررة من الزلزال  تطالب بمساكن مجهزة عوض الخيام التي أظهرت الأمطار الأخيرة عدم كفاءتها في حمايتهم، علاوة على أن عددا من الدور الآيلة للسقوط ما تزال قائمة وتشكل خطرا دائما على المارة.

لكن وبعيدا عن خطابات الحكومة، تستمر الأسر المتضررة بالاحتجاج منذ أسابيع، وهي الاحتجاجات التي تواصلت اليوم الجمعة، خاصة وأن جزءا كبيرا لم يتوصل بالدعم من أجل إعادة بناء المساكن التي شقها أو دكها الزلزال.

و أمس الخميس، وفي ظل الوضع المأساوي الذي تعيشه الأسر المتضررة بأطفالها وشيوخها ونسائها، وتطاير الخيام، واشتداد قساوة المناخ، خرج العشرات من المواطنين من منطقة ثلاث نيعقوب في مسيرة احتجاجية صوب عمالة إقليم الحوز، لاستنكار الوضع والمطالبة بحقهم في الدعم.

المحتجون، نساء ورجالا، قطعوا عشرات الكيلومترات مشيا على الأقدام من دواويرهم إلى مقر العمالة، واضطروا للمبيت في العراء على قارعة الطريق، دون فراش ولا غطاء، وجددوا احتجاجهم صباح يومه الجمعة أمام العمالة دون أن يستجيب لمطالبهم أحد، ودون أن يتم استقبالهم.

وانطلق المحتجون من جديد، رغم الأمطار والظروف الصعبة، من أمام مقر عمالة الحوز، في اتجاه ولاية الجهة بمراكش، لإيصال صوتهم للمسؤولين، بهدف رفع التهميش.

واشتكى المحتجون من رفض طلباتهم للحصول على الدعم المخصص للضحايا ودون تعليل، وعدم وجود من يستقبلهم ويستمع لمشاكلهم، ويحاول مساعدتهم في هذا الوضع، مؤكدين أنهم لم يصلهم من البرامج وأموال الدعم المخصصة للمنطقة سوى الكلام والشعارات الفارغة.

والتمس المواطنون المتضرورن تدخلا ملكيا من أجل رفع التهميش والقهر عنهم، وإيجاد حلول لعائلاتهم التي تعيش في العراء والخلاء، في ظل غياب المسؤولين.

آمال معلقة

يعلق السكان آمالهم على وعود الحكومة لتحسين معيشتهم. ووفق مصدر مسؤول في إقليم الحوز، فإن السلطات المحلية ستعمل على توفير مزيد من الخيام لمن لم يتسلمها بعد أو تضررت خيمته بالرياح والأمطار الأخيرة، وأيضا تعميم توفير الماء والكهرباء والمرافق الصحية وروض الأطفال.

كما ستعمل السلطات على تبديل خيام المدارس ببيوت متنقلة تدريجيا، وإيجاد حل لمشكلة النقل المدرسي وإيواء تلاميذ دور الطلاب، وتوفير المحافظ والمقررات والأدوات المدرسية لمن يحتاجها من التلاميذ، وفق المسؤول ذاته.

علاوة على ذلك، تعمل الحكومة على رفع عدد المستفيدين من الدعم الخاص بمتضرري الزلزال، والتدقيق أكثر في لوائح المستفيدين وتوسيع الدائرة لتشمل المستأجرين كذلك، والعمل على إقامة مستشفى ميداني في أقرب الآجال.

ويلاحظ نشطاء بمنطقة الحوز أن كل تلك الوعود ليست لها آجال محددة، لكنه يأمل أن تتطور الأمور إلى الأحسن بالسرعة المطلوبة.

منطقة منكوبة

ووفق قرار نُشر في الجريدة الرسمية، اعتبرت الحكومة المغربية الزلزال “واقعة كارثية”، وأعلنت 169 جماعة محلية بأقاليم الحوز وشيشاوة وأزيلال وورزازات وتارودانت، وعمالة مراكش، مناطق منكوبة.

وهو أول قرار من نوعه منذ تأسيس صندوق تضامن خاص بالوقائع الكارثية. وحسب قانون التأمين رقم (110.14)، تعتبر “كارثية” كل واقعة نجمت عنها أضرار مباشرة بسبب قوة طبيعية أو بفعل إنساني عنيف.

وبعدما كانت الدولة قد حددت مبالغ التعويض عن السكن من خلال صندوق تدابير تداعيات الزلزال، يطرح القرار الجديد إشكالية جديدة، تتمثل في كون مبالغ التعويض المعلن عنها أقل بكثير مما يوفره صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية، فيما يرى مراقبون أن المبالغ الأولى قد تصبح جزءا من التعويض الكامل.

ويتساءل بعض السكان، في حديثهم للجزيرة نت، “هل كان على الحكومة أن تنتظر شهرا ونصف الشهر لتعلن إقليم الحوز (وباقي الأقاليم) منطقة منكوبة؟”.