يلعب التعليم بعيداً عن كل أساسيات الحياة الأخرى دوراً أساسياً في حياة الفرد، إذ يحدد بدرجة كبيرة مستقبل الفرد العملي، ويتشكل بواسطته قدر كبير من فكره الذي يشكل حياته، ومن ثم فإن التفاوت في الحصول على التعليم تبعاً لجودته يقود إلى تقرير مصير حياة الأفراد بشكل غير متكافئ، ليس فقط على المستوى الاقتصادي وإنما على جميع جوانب الحياة.
ورغم أن المغرب، مثله مثل البلدان العربية، قد صادق على جميع المواثيق الدولية التي توصي بعدم التمييز في التعليم وضمنها في دساتيره، إلا أن الواقع التعليمي للمملكة يظهر تفاوتات واسعة في الحصول على التعليم الجيد. فالأصل الاجتماعي الذي ينحدر منه الطفل هو الذي يتحكم في نجاحه المدرسي.
ووجّهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني عن “فدرالية اليسار الديمقراطي”(معارضة)، سؤالا كتابيا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، حول الحلول الكفيلة بإنقاذ السنة الدراسية وضمان تكافؤ الفرص بين بنات وأبناء المغاربة.
وأكدت التامني في ذات السؤال أن المدرسة العمومية تعيش على مدى الأشهر الأخيرة، ظروفا صعبة بفعل الإضرابات المتكررة للشغيلة التعليمية، والتي تطالب بتحسين وضعيتها المادية، الاجتماعية والمعنوية، في ظل تقاعس واضح من الحكومة بشكل عام، والوزارة الوصية على وجه الخصوص.
وأشارت أن التلاميذ في المدارس العمومية، خاصة في المراحل الإشهادية، يواجهون أزمة كبيرة فيما يتعلق يالتحصيل والتقدم في المقررات بالنظر لما ينتظرهم من تحديات مستقبلية.
وأضافت “أمام هذا الوضع المشحون والذي تتحمل فيه الدولة مسؤولية إهمال وتفكيك المدرسة العمومية، وهضم حقوق ومكتسبات الشغيلة لسنوات طويلة، وبات التلميذ هو المهدد الأكبر في الامتحانات الاشهادية المقبلة، خاصة أن الوزارة لم الوصية لم تعبر بشكل واضح عن رؤيتها لإنقاذ السنة الدراسية، من خلال تدراك ما فات”.
وأكدت أن هذا الوضع المعقد لا يسائل فقط وزارة التربية الوطنية، بل يمتد أيضا إلى وزارة التعليم العالي، خاصة أن التلاميذ الذين يدرسون في الباكالوريا مقبلون على الجامعات، وبالتالي سيكون هناك فرق شاسع في التحصيل التعليمي بالمقارنة مع باقي التلاميذ الذين استكملوا دراستهم بالجامعات المغربية في السنوات السابقة، أي قبل هذا الحراك التعليمي.
الغلوسي “شبكات المافيا متغوّلة لها امتدادات في الرياضة والإدارة ومجالس منتخبة”
وساءلت التامني وزير التربية الوطنية عن الإجراءات والتدابير التي تعتزم الوزارة اتخاذها لإنقاذ مستقبل التلاميذ خاصة في المرحلة الإشهادية، وضمان تكافؤ الفرص بالنسبة للتلاميذ الذين كانوا ضحية تجاهل وبطء الحكومة في التعامل مع الاحتجاجات التي دامت ثلاثة أشهر متتالية، دون استحضار تداعيات ذلك على مستوى أبناء وبنات المغاربة بالمدرسة العمومية.
الفجوة التي تفرّق بين الأغنياء والفقراء في المغرب لا تتوقف عند حد المعاش الراهن، فهي تتجاوز الحاضر لتلقي بظلالها على مستقبل أطفال المغرب المعوزين. ووفقاً للمعلومات التي نشرتها كلٌّ من وكالة الاستخبارات الأمريكية في “كتاب حقائق العالم” والبنك الدولي، فإن خمس الشعب المغربي اليوم يعيشون تحت خط الفقر أو يكاد، أي أنّ 6.3 مليون إنسان لا يملكون مواد العيش الأساسية. ولهذا الواقع المعاش بالطبع أسباب عميقة تستند إلى أسس الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لهذا البلد.