الغلوسي “شبكات المافيا متغوّلة لها امتدادات في الرياضة والإدارة ومجالس منتخبة”

0
322

أجمعت الأصوات الحرة و أراء الفاعلين الحقوقيين بالمغرب على أن تفشي الفساد والمستويات المخيفة التي بلغها، إلى جانب تردي الوضع المعيشي، تسبب في فقدان الامل في المستقبل، مطالبين من الجميع التعبئة والتجند من أجل حماية ما تبقى من طموحات الشعب في الحرية والكرامة والعدالة.

و عبر الحقوقي محمد الغلوسي, رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، عن قلقه من خطورة الوضع، مذكراً بأن الملفات الأمنية والقضائية ذات الصلة بالفساد ونهب المال العام، كشفت أن الأمر يتعلق بشبكات لها امتدادات في المجتمع والدولة.

و أكد في تدوينة على صفحته في /فايسبوك/ أن هذه المافيات تمددت واستعملت أساليب مختلفة ضمنها الاحتماء ببعض المواقع العمومية للتغطية على أنشطتها الإجرامية (الرياضة ،الإدارة ،مجالس منتخبة ،مهن حرة ،وظيفة عمومية).

و أضاف الحقوقي أن أفراد هذه الشبكات يحرصون على الظهور في بعض الأنشطة بمظهر الدفاع عن المصلحة العامة، مع التسويق لتلك الأنشطة إعلاميا حتى يظهروا للجميع بأنهم يدافعون فعلا عن المصلحة العامة، بل إن منهم من يقوم بتمويل بعض الجمعيات وتوزيع بعض الإعانات في فترات مختلفة ليشيد الناس بسلوكهم وأخلاقهم المثلى.

وقال ” كل ذلك بهدف التمويه والتغطية على انحرافهم، هي مافيا تتاجر في كل شيء لتجمع الثروة وتغتني على حساب آهات ومعاناة الناس، وحقهم المقدس في التنمية والعدالة وتضع الوطن برمته أمام أزمات وتوترات اجتماعية”.

وتابع “إنها شبكات متمددة ومعقدة لاتجد أي إحراج في ترك الوطن في مواجهة الاحتقان الاجتماعي والاحتجاجات وغلاء الأسعار والفقر والبطالة والتضخم والجفاف، وتنصرف هي إلى المتاجرة في كل مالايمكن تخيله أو تصوره، التجهيزات والأدوات الطبية ،الأموال الموجهة للمطاعم المدرسية والتجهيزات والمعدات، والبنايات، العقار العمومي، مقالع الطرق والبنيات التحتية والفضاءات الخضراء، مقالع الرمال، الأسواق ومداخليها، البناء والتعمير، الرياضة، الرخص الإدارية والاقتصادية، الأحكام القضائية، الضرائب، المحاضر، الشواهد الطبية”.

وأكد الغلوسي أن هذه الشبكات المتغولة والتي تدفع الدولة والمجتمع نحو المجهول، وتقامر باستقرار الوطن في عالم ومحيط مضطربين مقابل إرضاء جشعها ونزواتها اللامتناهية، تحتاج إلى تعبئة ويقظة مجتمعية لفضحها ومواجهتها وتحجيمها،كما تفرض على مؤسسات الدولة الحزم والصرامة في التصدي لأساليبها المخربة، فضلا عن تبني استراتيجية متكاملة للوقاية من الفساد ومحاربته عبر تجريم الإثراء غير المشروع وتنازع المصالح، ومصادرة ممتلكات المتورطين في جرائم الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة على قاعدة دولة الحق والقانون”.

529 قضية رشوة و اختلاس و ابتزاز خلال سنة 2023 باستثناء قطاع الرياضة..من يحمي الفساد في قطاع الرياضة؟

و كانت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة, ذكرت في أحد تقاريرها أن “المغرب يعيش وضعية فساد عامة دون وجود آفاق للخروج منها, حيث تظل كل التوصيات الصادرة للقضاء على الفساد حبرا على ورق ولا تجد آذانا صاغية لتفعيلها على أرض الواقع”.

كما تم التنبيه إلى أن هيئات الرقابة بالمغرب غير مفعلة, ناهيك عن أن التشريع غير جيد على مستوى محاربة الفساد ولا يوجد تجريم للإثراء غير المشروع.

و في نفس السياق، أكدت صحيفة مغربية، أنه « من الوهم الاعتقاد (بإمكانية) القضاء على الفساد والرشوة والنهب دون التخلص من الجاهت التي ترعاه وتُكرسه”.

جاء ذلك في افتتاحية نشرية “صوت العمال والكادحين” التي تصدر عن صحيفة حزب النهج الديمقراطي المعارض، تحت عنوان “لا تنمية حقيقية مع استشراء الفساد الاقتصادي والسياسي في المغرب».

واستدلت في حديثها عن هدر المال العام بالمغرب، بالميزانية الخيالية التي رصدت لمشاركة المنتخب المغربي في كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، والتي بلغت 80 مليار سنتيم، قائلة «ما هذا إلا مثال بسيط على حجم الاموال العمومية التي تم تبديدها بدون طائل، وفي غياب اي مراقبة او محاسبة تذكر».

وأشارت في هذا الاطار الى التقارير الدولية وتقارير المجلس الاعلى للحسابات التي كشفت عن «المستوى الخطير للأموال العمومية المنهوبة أو المهربة من المغرب، والتي وصلت الى ارقام فلكية صادمة».

منيب: المخدرات غزت البلاد وسياسيون اغتنوا منها..الاختراق وصل مؤسسات منتخبة تعلو على هيكل الدولة، تأمر ويؤتمر بأمرها

ويقول الناشط الحقوقي، الكبير الميلودي، لموقع “الحرة” إن كل التقارير، وبيانات المجتمع المدني وبعض الهيئات النقابية والسياسية التي تشير إلى الفساد المستشري في المغرب لم تحل دون وجود المغرب في ذيل قائمة مدركات الفساد في العالم.

ويستمر الوضع، بحسب الميلودي، رغم وجود “التنصيص الدستوري على أهمية وجود بعض الهيئات، كمجلس المنافسة وهيأة النزاهة و الوقاية من الرشوة، في دستور 2011، ورغم أن المغرب وقع على الاتفاقية الأممية لمحكافحة الفساد في أول يوم عرضت فيه للتوقيع في 9 ديسمبر 2003”.

ويشير عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى أن المغرب لم يقطع ولم يتخل عن ظاهرة الفساد، ولم يتحسن ترتيبه ضمن التقارير ذات الصلة لأن الظاهرة بنيوية ومرتبطة بطبيعة النظام القائم على عدم الفصل بين السلط وعلى انعدام الديمقراطية وغياب الشفافية ومبدأ عدم الإفلات من العقاب.

حماة المال العام “فساد تذاكر مونديال قطر لا يجب أن تطوى بمجرد الحكم على شخصين..رائحة وحجم الملف أكبر من ذلك ؟!

يناير 2023، كشف تقرير رسمي مغربي ارتفاع حالات الاشتباه في جرائم غسل الأموال في المملكة بزيادة كبيرة مقارنة بمخرجات آخر تقرير يعود لعام 2020.

وقدمت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية تقريرها السنوي لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وكشفت تلقيها، خلال عام 2021، ما مجموعه 3409 تصاريح بالاشتباه بحالات مرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويشير التقرير إلى أن العام 2112 شهد ما مجموعه 3363 تصريحا مرتبطا بغسل الأموال، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 59 في المئة مقارنة مع سنة 2020.

وتذهب المحللة المغربية، شريفة لومير، إلى أنه “من غير المفاجئ ما تم الكشف عنه من طرف رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة بمجلس النواب”.

وتقول لومير في تصريحات إعلامية، إن استمرار الوضع يرجع للاستراتيجية التي تنهجها الدولة في مواجهة هذه الظاهرة والتي لم تستطع الحد من استفحالها.

وتشير لومير إلى أن محاربة الفساد بالمغرب بحاجة إلى تبني مقاربة جديدة تقوم على المحاسبة والعقاب، لأن الاستمرار في رصد أرقام وتقارير بخصوص هذه الظاهرة لن يغير شيء، على العكس اليوم بلغنا مرحلة التعايش بحيث لم تعد الظاهرة دخيلة على المجتمع، ما أفقد المواطن الثقة في مؤسسات الدولة، بحسب قولها.

وسبق لمنظمة الشفافية الدولية في المغرب أن انتقدت في 2020 “تقاعس” البرلمان المغربي في تبني مشروع قانون يجرم الإثراء غير المشروع للموظفين المكلفين بمهام رسمية، داعية إلى ضرورة تضمينه عقوبات بالسجن في حق الأشخاص الذين يثبت اختلاسهم أموالا عمومية.

القاضي يأمر بإيداع رئيس الوداد المغربي سعيد الناصيري و20 شخصاً السجن في قضية تتعلق بالاتجار الدولي للمخدرات

وكشفت دراسة للمنظمة غير الحكومية التي تعنى بمحاربة الرشوة في تقرير سابق، أن 74 في المئة من المستجوبين يعتبرون أن الحكومة لم تقم بعمل جيد لمكافحة الفساد في سنة 2019، بينما لم تكن هذه النسبة تزيد عن 64 بالمئة في 2015.

ويبدي محمد المسكاوي، من الشبكة الوطنية لحماية المال العام، أسفه في حديث لموقع “الحرة” لتراجع المغرب بنقطة في مؤشر الشفافية الدولية الأخير من الرتبة 39 في 2021 إلى الرتبة 38 في آخر تقرير.

وبحسب المسكاوي فهذا الترتيب يعد متأخرا لأن الترتيب المتوسط على الأقل هو 50، ما يعني تراجع المؤشرات لصالح الفساد في المغرب.

ويلوم المسكاوي الحكومة لأنها لم تبادر بإجراءات لمكافحة الظاهرة، فرئيس الحكومة “منذ توليه منصبه لم يجتمع مع رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي يترأسها بحكم القانون”، وعلى المستوى القانوني أيضا ليس هناك تشريع قانوني لتجويد محاربة الفساد، بحسب تعبيره.

ويتابع أن الحكومة سحبت مشروع قانون يضم في بنوده تجريم الإثراء غير المشروع.

ويربط المسكاوي بين الفساد وموجة الغلاء التي يشهدها المغرب، ويشير في حديثه إلى أن على الحكومة أن تقوم حاليا بإجراءات للتحكم في الأسعار لأنه تبين أن الغلاء بسبب الوسطاء والمضاربين وهو نوع من أنواع الفساد.

والعام الماضي، طمئن مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، المغاربة بخصوص محاربة الفساد، واختار قضية إحالة 19 شخصا يشتبه في تورطهم في اختلالات شابت صفقات لوزارة الصحة على السجن، كدليل “على أن الحكومة تحارب الفساد”.

وبحسب تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية حول إدراك الفساد، فإن المغرب فقد 7 نقط في سنة 2022 بالمقارنة بـ 2021، و فقد 14 نقطة بالمقارنة بـ 2019. يعني انتقل من المرتبة 80 سنة 2019، إلى المرتبة 87 سنة 2021 إلى الصف 94 سنة 2022 من بين 180 دولة التي يشملها التقرير.