هل سيعود المغرب في ظل الحكومة الحالية إلى الفترة التي سبق وأن عاشها المغرب خلال الثمينات .تلك الفترة التي كان التقشف عنوانها ،بسب اختلال الميزان التجاري للدولة ،حيث كانت كما هو الشأن اليوم تستورد أكثر مما تصدر .العجز في ميزان الآداءات أدى إلى لجوء الحكومة الحالية ، كما فعلت سابقاتها إلى اغراق البلاد بالديون .
قالت نقابة “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل” إن مخاطر كثيرة تحدق بالمغرب نتيجة غياب سياسة صارمة لتخزين منتوجات المواد الطاقية.
وأشارت مجموعة “الكونفدرالية” بمجلس المستشارين، الثلاثاء، في جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية، أن الغلاء مس بالقدرة الشرائية لمعظم المغاربة والتضخم أصبح معطى هيكلي في الاقتصاد الوطني.
وانتقدت الاعتماد الزائد على الواردات لتلبية الحاجيات الوطنية، مما جعل الاقتصاد المغربي أكثر تعرضا لتذبذبات أسعار النفط العالمية، واضطرابات الأسواق الدولية.
ونبهت “الكونفدرالية” إلى اللجوء المفرط للمديونية الذي يهدد سيادتنا الوطنية لفائدة المؤسسات المالية الدولية، وينذر بعودة شبح سياسة التقويم الهيكلي للمغرب في القريب العاجل.
وأكدت النقابة أنه تم هدر فرصة تخزين البترول إبان انخفاض أسعاره خلال جائحة كورونا، وتضييع فرصة الاستفادة من هوامش التكرير التي قفزت في سنة 2022، والتفرج اليوم على ضياع فرصة الخصومات المهمة في النفط والغاز الروسي، في ظل تغاضي الحكومة عن الممارسات غير المشروعة لموردي الغاز الروسي.
وأضافت أن الجميع ينتظر اليوم نتائج التحقيق من طرف الحكومة في هذا الشأن، خاصة مع اللذين أصروا على حرمان المستهلك المغربي من فرص انخفاض أسعار هذا الغازوال حيث يباع بسعر يفوق ثمنه بحوالي درهم و 25 سنتيما في اللتر الواحد.
كما انتقدت “الكونفدرالية” تعطيل تكرير البترول في مصفاة المحمدية، مشيرة أنه من المطلوب اليوم من الحكومة جواب واضح وصريح حول عدم تشغيلها.
وشددت على أن الحكومة مطالبة بحماية مصالح المغاربة والتصدي لارتفاع الأسعار وتدمير القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات، بدل التعامل بسياسة الترقيع في الأزمات.
وكان الصندوق قد وضع رهن إشارة المغرب خطا للوقاية في حدود 6.2 مليارات دولار في 2012، قبل أن يخفضه إلى 4 مليارات دولار ثم 3.5 مليارات دولار، حيث برر الصندوق ذلك الخفض بتحسن أساسيات الاقتصاد المغربي.
وحصل المغرب على تمويل من صندوق النقد في إبريل2021 بقيمة 3 مليارات دولار، في سياق تداعيات جائحة فيروس كورونا.
لكن انعكاسات الحرب الروسية في أوكرانيا على أسعار السلع والوقود عالمياً تسببت في ضغوط مالية على الدولة، التي تستورد معظم احتياجاتها من الطاقة فضلا عن تضرر اقتصادها بالجفاف الذي عصف بإنتاج الحبوب.
تقول الحكومة إن الخط غير مرفق بشروط، إذ لم تعد العلاقة مع الصندوق محكومة بظروف صعبة مثل تلك التي أفضت إلى هيكلة الاقتصاد على غرار ما حدث في ثمانينيات القرن الماضي.
قرض البنك الدولي
في السياق، أعلن البنك الدولي، الإثنين، عن توفير تمويل للمغرب بقيمة 450 مليون دولار بهدف تعزيز الشمول المالي وريادة الأعمال الرقمية وإتاحة البنية التحتية والخدمات الرقمية للأفراد والمؤسسات.
ويعتبر هذا ثالث تمويل يوفره البنك الدولي للمغرب، حيث يستهدف دعم الإصلاحات التي بدأتها المملكة لتعزيز الشمول المالي من خلال توسيع نطاق الولوج إلى مجموعة متنوعة من الخدمات المالية للسكان القرويين والنساء والشباب وريادة الأعمال الرقمية من خلال تنويع الأدوات المالية المتاحة للشركات حديثة النشأة.
وتشير المؤسسة المالية الدولية إلى أنه منذ 2018، كان الشمول المالي أولوية قصوى على صعيد السياسات لتعزيز فرص الشغل والتمكين الاقتصادي للأسر المغربية، والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، والنساء، والشباب، والسكان القرويين.
ذهبت حكومة رجل الأعمال المكلياردير “عزيز أخنوش” نحو “الخيار الأسهل”، مباشرة بعد أن قررت مجموعة العمل المالي خروج المملكة من مسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف بـــ “اللائحة الرمادية”، بعد تقييم مسار ملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الأمر الذي أعلن عنه بشكل رسمي بلاغ لرئاسة الحكومة بتاريخ 24 فبراير، لتعلن وزارة الاقتصاد والمالية طرح السندات بتاريخ فاتح مارس.
وأعلنت العلوي من العاصمة البريطانية لندن، أن المغرب أصدر سندات اقتراض في السوق المالي الدولي بقيمة إجمالية تعادل 2.5 مليار دولار، مبرزة أن هذه سندات مقسمة إلى شريحتين بقيمة 1.25 مليار لكل منهما، وحقق هذا الإصدار دفتر طلبات بقيمة 11 مليار دولار مع تنوع كبير من حيث التوزيع الجغرافي والملف الشخصي للمستثمرين الدوليين، حسب الوزارة.
ووفق توضيحات الوزيرة الوصية، فقد تم إصدار الشريحة الأولى بأجل خمس سنوات بفارق 195 نقطة أساس وبسعر 98.855 في المائة، مع معدل عائد 6.22 في المائة وبقسيمة بنسبة 5.95 في المائة، بينما تم إصدار الشريحة الثانية بأجل سداد 10 سنوات، بفارق 260 نقطة أساس وبسعر 99.236 في المائة أي بمعدل عائد 6.602 في المائة، بقسيمة 6.50 في المائة.
وبالنسبة للحكومة، فإن الخروج من اللائحة الرمادية، الذي يأتي بعد اعتماد خطة العمل الخاصة بالمملكة المغربية من طرف هذه المجموعة في فبراير 2021، هو الوقت المناسب للاقتراض بحكم أن المغرب أصبح قادرا على نيل القروض بفوائد أقل، لكنه أيضا يعني العودة إلى الاقتراض في ظروف اقتصادية سيئة تتسم بارتفاع أثمنة المواد الأولية والمُصنعة في السوق الدولية، وارتفاع حجم التضخم وتفاقم أزمة الأسعار داخليا.
وكانت إرهاصات توجه الحكومة للاقتراض بعد القرار الصادر عن الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي المنعقد في باريس بفرنسا من 20 إلى 24 فبراير 2023، واضحة من خلال بلاغ رئاسة الحكومة، الذي تحدث عن أن هذا الأمر سيؤثر خروج المغرب من اللائحة الرمادية بشكل إيجابي على التصنيفات السيادية وتصنيفات البنوك المحلية، كما سيعزز صورة المملكة وموقعها التفاوضي أمام المؤسسات المالية الدولية، وثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني.
لكن هذا الأمر يدخل في خانة “الخيارات السهلة” ويشكل خطرا حقيقيا على مستقبل الاقتصاد الوطني، بشهادة عضو في الحكومة، ويتعلق الأمر بمصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، الذي كان يدافع، قبل أشهر، عن اختيار الحكومة طُرقا أخرى غير الاقتراض على الرغم من صُعوبتها.
وخلال لقاء حضره بصفته عضوا في المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار في العيون، قال بايتاس إن الحكومة ترفض أن تلجأ إلى “تدابير ترهن بها مستقبل الأجيال القادمة”، وفي المقابل لجأت اتخاذ قرارات “مريرة وصعبة”، والتي زعم أن المغاربة سيتفهمونها بسبب “السياق الدولي الصعب الذي لا يخيف الحكومة”، على حد تعبيره، ما يدفع إلى التساؤل حول ما إذا كان إعلان زميلته في الحكومة والحزب، نادية فتاح العلوي، يدخل في إطار “رهن مستقبل الأجيال القادمة”.