ينتشر استياء كبير وسط الجالية المغربية بالخارج من ما أعلنت عنه الحكومة بفتح التفاوض من جديد، حول اتفاقية تبادل آلي للمعلومات الشخصية للمغاربة المقيمين بالخارج، بما في ذلك حساباتهم المصرفية والعقارات التي يمتلكونها في بلدهم الأصلي، بعد توقيع المملكة عليها في 25 يونيو/ حزيران 2019، مع مجموعة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. فيما يعول البعض على تدخل ملكي لإعادة المياه إلى مجاريها.
اعتبر رئيس الرابطة العالمية للمغاربة المقيمين بالخارج، جمال السوسي، إن حكومة رجل الأعمال أخنوش تراوغ ولم تعط أي جواب واضح وصريح حول اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات المثيرة للجدل، خلال تصريحات لوزيري الخارجية والمالية ، ناصر بوريطة وفوزي لقجع، في اجتماع لجنة الخارجية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، الغريب في الأمر لماذا لم يتم سحب مشروع القانون المتعلق بالاتفاقية التبادل الآلي للمعلومات، كما تم سحب مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي والذي يتضمن مادة حول تجريم الإثراء (الكسْب) غير المشروع والتي أثارت الكثير من الجدل داخل المؤسسة التشريعية، وفق تعبيره.
وخير دليل على ما نحن فيه ، منذ أن أحالت حكومة عبد الإله ابن كيران مشروع القانون الجنائي والذي يتضمن مادة حول تجريم الإثراء (الكسْب) غير المشروع على مجلس النواب بتاريخ 24 يونيو 2016، ظل مشروع القانون الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، خصوصا الفصل المتعلق بالإثراء غير المشروع، مثار جدل ونقاش واسع دون أن يعرف الانفراج.
وفي عهد الحكومة الجديدة اليت يقودها الملياردير أخنوش، توصل مجلس النواب بتاريخ 28 أكتوبر المنصرم برسالة من رئيس الحكومة عزيز أخنوش تطلب سحبه من المجلس، حيث بررت خطوتها “بضرورة مناقشة مشروع القانون المثير للجدل في شموليته”، وفق ما قاله الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس.
وفي اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات، قرّرت اللجنة تأجيل التصويت على مشروع القانون المتعلق بالاتفاقية التبادل الآلي للمعلومات، مع “دعوة مكتب مجلس النواب، لرفع توصية إلى الحكومة للتفاوض من جديد حول بعض البنود”.
وأحدثت اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات، ضجة كبيرة في أوساط أفراد الجاليات المغربية، بسبب انتشار أنباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بكونها تتضمن مقتضيات يتم بموجبها تبادل آلي للمعلومات الشخصية للمغاربة المقيمين بالخارج، بما في ذلك حساباتهم المصرفية والعقارات التي يمتلكونها في بلدهم الأصلي، بحسب الموقع الرسمي للبرلمان.
وقال بوريطة: “تأجيل البرلمان المصادقة على الاتفاق متعدد الأطراف، بين السلطات المختصة، بشأن تبادل الإقرارات عن كل بلد، سيعزز قدرة تفاوض الطرف المغربي لحماية مصالحنا”.
وزاد: “الإرجاء سيساعدنا لنأتي باتفاقية يقرها البرلمان بالإجماع”.
وعبرت الكتل البرلمانية (أغلبية ومعارضة)، في اجتماع اللجنة البرلمانية، رفضها لمضمون الاتفاقية، لكونها تتعلق بـ”تبادل المعطيات الشخصية لمغاربة”.
من جهته، قال لقجع: “لدينا موقف موحد، سيسمح لنا بالتفاوض كي لا تكون لنا قراءات مختلفة للاتفاقية، سنوضح أننا منخرطون في عمليات محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، لكن مصالح الجالية لن تمس”.
وأضاف: “بعد المفاوضات سنعود إليكم بخلاصاتها، وسنتفاوض من أجل توضيح كل التفاصيل، وستتدخل الحكومة لحذف أي جملة من الاتفاقية تضر بمصالح الجالية”.
وتقول المذكرة التقديمية لمشروع القانون المتعلق بالاتفاقية، إن “الاتفاق يشكل نموذجا لإطار قانوني، ذي طابع دولي، يسمح للدول الأعضاء، بممارسة الشفافية في المجال الضريبي”.
وتتيح الاتفاقية للإدارات الضريبية، “ولوج المعلومات حول التوزيع العالمي للأرباح، والضرائب المدفوعة، ومؤشرات معينة من موقع النشاط الاقتصادي، لمجموعات الشركات المتعددة الجنسيات، وذلك بفضل التبادل الآلي للتصاريح السنوية لكل بلد”.
وأثارت الاتفاقية، وفق مراقبين، تخوفا خاصة لدى الجالية المغربية المقيمة بالخارج، لأنه بعد معرفة دول الاستقبال باستثماراتهم في المغرب، فإنها يمكن أن تفرض عليهم ضرائب أو تتخذ بحقهم إجراءات لا تكون في صالحهم.
وفي 2009، تأسس المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات للأغراض الضريبية، من طرف كل من مجموعة العشرين، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، لتطبيق المعايير الدولية لتبادل المعلومات.
استطاع المغاربة المقيمين بالخارج أن يحافظوا على ريادتهم المالية والاستثمارية في دعم بلادهم، سواء على المستوى الرياضي أو الثقافي أو الاقتصادي، خاصة أنهم يشكلون أول مصدر للعملة الصعبة ويحركون عجلة الاقتصاد عبر تحويلاتهم المالية وزياراتهم المتكررة.
وما تزال التحويلات المالية للمغاربة المقيمين بالخارج في ارتفاع مستمر، ولم تتأثر بتداعيات كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية، إذ تشكل المصدر الأول للنقد الأجنبي في البلاد.