هيئة حقوقية : تتهم وزير العدل “بتكميم الأفواه” والتضييق على الأصوات المناهضة للفساد والريع

0
296

تتزايد الانتقادات ضمن الأوساط الحقوقية والمدنية في المغرب من تضييقات على حرية الإعلام والتعبير التي تعد أبرز مكاسب دستور 2011. وتتجلى هذه المخاوف في ملاحقة إذ شملت صحافيين ناشطين حقوقيين وإعلاميين ومكونات أخرى من المجتمع المدني،  في قضايا تقول الأوساط الإعلامية إنها “تتعلق بعملهم كصحافيين وكمدونيين”. 

وقال الحقوقي محمد الغلوسي, رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام, أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي منذ تولي حقيبة العدل وهو يتضايق من الأصوات المناهضة للفساد والريع، ويميل إلى تكميم الأفواه.

وانتقد في تدوينة على صفحته في /فايسبوك/ أن الشكايات التي تقدم بها وهبي في حق عدد من النشطاء والصحفيين، معتبرا أنها شكايات تحكمها خلفية الترهيب وتصفية الحسابات.

ودعا كل الأحرار من حقوقيين وصحفيين إلى التصدي لهذا التوجه النكوصي، مدينا وتوجه وزير العدل الرامي إلى خنق حرية الرأي والتعبير.

يذكر أن وهبي رفع دعوى  قضائية ضد الناشط رضا الطاوجني تسببت في سجنه ومتابعته في حالة اعتقال، بعد أن اتهمه وهبي بالتشهير، على خلفيه تطرقه لقضية “اسكوبار الصحراء”.

وبسبب هذه الشكاية وجهت للطاوجني تهم “بث وتوزيع إدعاءات ووقائع كاذبة بقصد المس بالحياة الخاصة لأشخاص أو التشهير بهم وانتحال صفة ينظمها القانون وإهانة موظف عمومي أثناء القيام بمهامه”.

اعتقال مدوّن بتهمة “بث وتوزيع إدعاءات ووقائع كاذبة بقصد المس بالحياة الخاصة لأشخاص و التشهير بهم وانتحال صفة صحفي”

ورفع وهبي شكاية مماثلة ضد الصحفي حميد المهداوي الذي استمعت له الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وحققت معه أزيد من تسع ساعات.

بعد شكوى وزير العدل ضدّه.. أدمن صفحته بمنصة إكس يؤكّد: الصحفي حميد المهداوي لا يزال رهن اعتقال

في السنوات الأخيرة، ارتبطت المعارك الديمقراطية في المغرب الكبير، بحركات شعبية، واسعة الأجنحة، عالية السقف، أسوة بانتفاضة الجزائر، التي أطاحت بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2019 وانتفاضة الحوض المنجمي في تونس، في أواخر عهد زين العابدين بن علي، وانتفاضة الريف في شمال المغرب، العام 2021 التي أُنهيت بالقوة. وطفت على سطح الأحداث بعد ذلك، أسماء إعلاميين أيدوا مطالب «الانتفاضة» فأتى الدور عليهم ليدفعوا الثمن باهظا. وهناك إعلاميون سُجنوا لرفضهم الامتثال لخط التحرير الذي تسعى السلطات لفرضه عليهم، ومن هؤلاء توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي في المغرب.

واعتقل بوعشرين عام 2018 وظل يؤكد أن محاكمته «سياسية» بالرغم من المحاولات المتكررة للسلطات لإلصاق تهم جنسية به. وأكد أن متابعته قضائيا مرتبطة بافتتاحياته المنتقِدة في صحيفة «أخبار اليوم» التي كان مدير نشرها، والتي توقفت عن الصدور في العام 2021. وأثارت محاكمته في حينها انتقادات من نشطاء حقوقيين داخل المغرب وخارجه.

وإلى جانب بوعشرين، أكدت المجموعة تعرض الصحافي عمر الراضي الذي يقضي في السجن عقوبة بخمس سنوات، لـ«ممارسات انتقامية» وفق تصريحات أسرته، التي أفادت أنه مُنع من الدواء، بالرغم من وضعه الصحي الصعب. كما تم «منعه» من الكتابة، وتفتيش الزنزانة بحثا عن الكتب والمخطوطات، بعد أن تم سلبه كل ما دوّنه خلال ترحاله من سجن إلى آخر.

وتكررت تلك الانتقادات في محاكمتي عمر الراضي وزميله سليمان الريسوني. ويقضي الريسوني، المعتقل منذ 2020 عقوبة بالسجن مدتها 5 أعوام، في قضيتي اعتداء جنسي متفرقتين، مع إضافة تهمة «التخابر» للأول. وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أدانت في أحد تقاريرها، استخدام «تقنيات قمعية» لإسكات صحافيين ومعارضين في المغرب، بمحاكمات في قضايا اعتداءات جنسية ملفقة.

في المقابل ترد السلطات المغربية على تلك التقارير، بأن المحاكمات طالت أولئك الصحافيين في علاقة بقضايا لا تمُتُ لحرية الصحافة بصلة، زاعمة أن «القضاء مستقلٌ، ولا يتلقى أوامر من أي جهة كانت». إلا أن أحمد بنشمسي مدير الاتصال والمرافعة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» وهو صحافي مغربي سابق لاحقته سلطات بلده، اعتبر أن المغرب يشكل نموذجا فريدا من نوعه في المنطقة، إذ «طور بيداغوجيته في القمع والترهيب» على ما قال. وشدد بنشمسي، الذي كان يتحدث إلى المشاركين في ندوة نظمتها أخيرا «الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي» بمناسبة مرور ثلاث سنوات على اعتقال الصحافي سليمان الريسوني، أن المغرب على عكس بلدان أخرى، مثل مصر التي تعتقل الأشخاص، وتعتدي عليهم بشكل مباشر، استطاع تطوير بيداغوجيته الخاصة. وأوضح بنشمسي أنه، وبدل الاعتداء على ألف شخص، يتم الاعتداء على عشرة أشخاص، ويعرف العالم كله بقصتهم، ويكونون عبرة لأي شخص يفكر في انتقاد النظام أو يفتتح منبرا صحافيا، وهذه هي بيداغوجيا الترهيب الخطرة، التي تتوخاها السلطات المغربية.