أثارت تصريحات وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبلز، خلال برنامج إعلامي ، مساء الخميس، جدلاً واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي، بعد إطلاقه اتهامات بحق دول المملكة المغربية الشريفة، وما قيل إنه بـ”العدوان” بعد تدفق آلاف المهاجرين الغير الشرعيين إلى “سبة المحتلة” في البرنامج.
في هذا الإطار، ينبري الإعلام الإسباني خلال اليومين الأخيرين في حملة إعلامية تضليلية، على خلفية نزوح ما بين 5 آلاف و6 آلاف مهاجر غير نظامي من المغرب إلى سبتة، الاثنين، وهي الحملة التي تعدت حدود اللياقة الدبلوماسية، وأكدت بما لا يدع مجالا للشك أن محاباة مدريد والخضوع لابتزازها بخصوص قضية الصحراء المغربية، لا يؤدي، في النهاية، إلا الى تغذية شهوتها للمزيد من الإبتزاز.
جاءت تصريحات مارغريتا روبلز، في حوار تلفزيوني الراديو الوطني الاسباني rne. إسبانيا المغرب بالعدوان والابتزاز بعد تدفق آلاف المهاجرين إلى جيب سبتة، الخاضع للإدارة الإسبانية، شمالي أفريقيا.
La ministra de @Defensagob, Margarita Robles, acusa a Marruecos de "chantaje" y de "usar a menores" en Ceuta.
🎙 "Con España no se juega", ha advertido en @LasMananas_rne.https://t.co/WhdrsmOW4P
— Radio Nacional (@rne) May 20, 2021
وأطلقت مارغريتا روبلز تصريحات لاذعة بشأن المملكة المغربية الشريفة، إذ ألقىت باللوم عليها في تدفق آلاف المهاجرين الغير الشرعيين إلى “سبة المحتلة”، في تصريحات قد تزيد الضغط على العلاقات المتوترة بالفعل.
وقالت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبلز،في المقابلة، إن وحدة أراضي إسبانيا غير قابلة للتفاوض، ودعت المغرب إلى الامتثال للقانون الدولي.
ووجهت الوزيرة الإسبانية أصابع الاتهام للرباط بتعمد السماح للمهاجرين بدخول أراضيها، لأن زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، يتلقى العلاج الطبي في إسبانيا.
وقالت مارغريتا روبلز خلال مقابلة مع الإذاعة الإسبانية العامة إن هذا “اعتداء على الحدود الإسبانية وحدود الاتحاد الأوروبي، وهذا غير مقبول في القانون الدولي”، مضيفة أن الرباط “تستخدم” الأطفال القصر.
وأضافت الوزيرة “انتهك المغرب أعراف القانون الدولي و”رمي” مواطنيه بمن فيهم القصر، لعبور الحدود مع إسبانيا”.
وبحسب الوزيرة فإن “المغرب بلد مجاور وعليه أن يعيد النظر فيما فعله في الأيام الأخيرة ” لأنه “لم يفعل ذلك بإسبانيا فحسب، بل بالاتحاد الأوروبي”.
وتأتي هذه التطورات في خضم توتر بين الرباط ومدريد تفجر منذ أشهر بعد أن تكتمت اسبانيا على استقبالها زعيم البوليساريو بدعوى تلقيه العلاج من إصابته بفيروس كورونا.وجاء موقف اسبانيا باستدعاء السفيرة المغربية للاستياء من تدفق آلاف المهاجرين على جيب سبتة المحتلة ليفاقم التوتر القائم أصلا، بينما لم يتلق المغرب بعد تفسيرا مقنعا من الجانب الاسباني لاستقباله كبير الانفصاليين في الوقت الذي تحاول فيه مدريد الإيحاء بأنها طرف محايد في نزاع الصحراء.
وسلطت أزمة تدفق آلاف المهاجرين على جيب سبتة المحتل الضوء على خلل في التعاطي الاسباني مع الجانب المغربي وعدم التنسيق مع الرباط والاستهانة بحساسيات مغربية هي معلومة لدى الحكومة الاسبانية ومنها ملف سيادة المغرب على صحرائه وهي قضية سيادة وطنية غير قابلة للمساومة أو الابتزاز.وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية ارانكا غونزاليس لايا عبر الإذاعة المحلية العامة، إنّ “إسبانيا لا تزال ملتزمة بشدّة بحل سياسي. يجب التوصل إليه في إطار الأمم المتحدة”، مضيفة “هذا هو الموقف الإسباني وهذا الموقف لا يمكن أن يتغير لأن إسبانيا دولة تحترم الشرعية الدولية”.
وقبل أزمة الحدود هذا الأسبوع حذرت السلطات المغربية إسبانيا من تداعيات وجود غالي على أراضيها بجواز سفر جزائري مزور واسم مستعار.وقالت شيناس أن الاتحاد “زج نفسه في الأزمة القائمة بين مدريد والرباط، ليس للتنديد باستقبال مجرم حرب على التراب الأوروبي، ولكن للدفاع عن أوروبية الثغرين المغربيين المحتلين سبتة ومليلية”.وتقع مدينتا سبتة ومليلية في أقصى شمال المغرب، وهما تحت الإدارة الإسبانية، وتعتبر الرباط أنهما “ثغران محتلان” من طرف إسبانيا، التي أحاطتهما بسياج من الأسلاك الشائكة بطول نحو 6 كلم.
واتهم مارغاريتيس شيناس، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، الأربعاء، المغرب بـ”ابتزاز” أوروبا عبر ملف الهجرة، قائلا في تصريح إذاعي، إن “سبتة هي أوروبا، إنها حدود أوروبية، وما يحدث هناك ليس مشكلة مدريد، بل مشكلة جميع الأوروبيين”.والثلاثاء، استدعى المغرب سفيرته لدى مدريد كريمة بنيعيش، للتشاور، بعد أن استدعتها الخارجية الإسبانية، احتجاجا على تدفق ما بين 5 آلاف و6 آلاف مهاجر غير نظامي من المغرب إلى سبتة، الاثنين.وأعرب المغرب عن استيائه حين تسرب خبر وجود إبراهيم غالي في اسبانيا. وأكدت جبهة البوليساريو يومها أنه يتلقى العلاج من كوفيد-19، لافتة إلى أن وضعه الصحي “لا يثير القلق”.
ان الكلام الذي اطلقته وزيرة الدفاع على الراديو الوطني الإسباني، كلام لا يمت للعمل الدبلوماسي بأي صلة، وهو يشكل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية للمملكة الإسبانية، وستتسبب باوخم العواقب على المغرب ومصالح ابنائه في البلدان الأوروبية.
ورغم أن وزيرة الخارجية الاسبانية أرانتشا غونزاليس لايا أكدت أن اسبانيا وافقت على استقبال غالي “لأسباب بحت إنسانية”، أبلغت الرباط إلى مدريد “عدم تفهمها وانزعاجها” مطالبة بـ”توضيحات”.ولا يزال وصول غالي (71 عاما) إلى اسبانيا لغزا كبيرا رغم مرور نحو شهر على ذلك.وذكرت صحيفة إل باييس أنه وصل في 18 ابريل/نيسان في طائرة طبية تابعة للرئاسة الجزائرية هبطت في قاعدة جوية في شمال البلاد.
ويبدو أنه وصل باسمه الحقيقي ولكن مع جواز سفر دبلوماسي. ولا ريب أن الجزائر هي التي أصدرت هذا الجواز رغم عدم تأكيد ذلك.ومنذ ذلك الحين يرقد غالي في مستشفى في لوغرونيو (شمال) باسم مستعار بوصفه مواطنا جزائريا، لكن قرار مدريد استقبال غالي لم يمر مرور الكرام بالنسبة إلى الرباط وخصوصا أن البوليساريو تطالب بانفصال الصحراء المستعمرة الاسبانية السابقة التي استعاد المغرب سيادته عليها.
ويذكر اينياسيو سيمبريرو الصحافي الاسباني المتخصص في الملف بأن لاسبانيا “تقليد عريق في استقبال شخصيات أو عائلاتها” تأتي من دول تعاني نظاما صحيا متقادما بهدف تلقي العلاج، معتبرا أيضا أن مدريد قد تكون اعتقدت أنها قادرة على إبقاء وجود غالي على أراضيها طي الكتمان.
وبوصفها قوة استعمارية سابقة، بذلت مدريد ما في وسعها لتبدو في موقف محايد، متجنبة خصوصا دعم قرار الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول، فيما كان دونالد ترامب لا يزال في البيت الأبيض، الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه.ويوضح سيمبريرو أن “اسبانيا تدعم المغرب بمقدار كبير من الحذر”، لكن “ما يزعج السلطات المغربية” أنها لا تقوم بذلك علنا، لافتا إلى أن وصول غالي إلى إسبانيا فاقم أزمة بين البلدين كانت أشبه بنار تحت الرماد.
وفي رأيه أن غاية الرباط هي استخدام هذه القضية لإجبار اسبانيا على تغيير موقفها في شكل يحاكي المصالح المغربية.ويبدي برنابيه لوبيز أستاذ التاريخ العربي المعاصر في جامعة مدريد المستقلة الرأي نفسه، واصفا وجود الزعيم الانفصالي على الأراضي الاسبانية بأنه “هدية مثالية إلى المغرب” لممارسة ضغوط دبلوماسية على مدريد.
ويرى العديد من المحللين أن التعاون بين الرباط ومدريد في عدة مجالات حيوية بالنسبة إلى اسبانيا، من مثل مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات أو الهجرة غير القانونية، يمكن أن يتأثر بهذا الخلاف.ويقول ايساياس بارينيادا أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كومبلوتنسي في مدريد أنه في كل مرة يقع خلاف حول الصحراء المغربية “يزداد فورا عدد المهاجرين الوافدين”.لكن الرباط أبلغت الخارجية الاسبانية بأن تدفق آلاف المهاجرين لجيبي سبتة ومليلة المغربيتين المحتلتين لا علاقة له بالخلاف مع مدريد حول استقبالها إبراهيم غالي كبير الانفصاليين.