وزير التعليم العالي:"3700 طبيب ومهندس يهاجرون من المغرب سنويا"..هكذا يخسر المغرب طاقاته البشرية لتستفيد منها أوروبا وأمريكا؟!

0
110

الآلاف من الكفاءات المغربية هاجرت إلى الخارج، وكثير ممن بقي منها في بلاده يبحث عن الفرصة للرحيل.. تتواصل هجرة الأطباء والكوادر الصحية في المغرب نحو الدول الأوروبية خصوصاً، ويستمرّ بذلك النزيف في وقت تعاني فيه المنظومة الصحية من نقص.

الرباط – يغادر أكثر من 3700 إطار ما بين مهندس وطبيب سنويا، من المغرب في اتجاه بلدان أخرى، منهم حوالي 700 طبيب وما بين 2000 و3000 مهندسا، إضافة الى 000 30 شابا وشابة في مجال السياحة، بحسب ما كشف عنه وزير التعليم العالي المغربي عبد اللطيف ميراوي.

وأشار وزير التعليم العالي، إلى أن 603 طبيب غادروا المغرب سنة 2018، أي نسبة 30 في المائة من عدد خريجي كليات الطب والصيدلة خلال تلك السنة، فيما غادر المغرب خلال 12 شهرا الأخيرة 700 طبيب وطبية.

وزير التعليم العالي، اعتبر في كلمة له بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة والستين لإنشاء جامعة محمد الخامس بالرباط، ذلك “خسارة بشرية للوطن لا تقدر بثمن.” 

سبق لوزير التربية الوطنية والتعليم العالي في المغرب، سعيد أمزازي، أن اعترف، قبل سنتين، في تصريحات نقلتها عنه صحيفة “ليكونومسيت” الناطقة بالفرنسية، أن أكثر من 600 مهندس مغربي يغادرون بلدهم كل عام، وهو ما يعادل رقم جميع خريجي أربعة مدارس عليا للهندسة في المغرب خلال عام واحد، وفق المصدر ذاته. 

رقم لا يظهر مبالغاً فيه، فالأطباء كذلك يهاجرون بالآلاف، إذ نقلت عدة صحف مغاربة ملخصاً لدراسة أنجزها المجلس الوطني للأطباء في فرنسا، بيّنت أن عدد الأطباء المولودين في المغرب والمزاولين للمهنة في فرنسا يصل إلى 6150، جلّهم يعملون بشكل دائم. وتعد فرنسا من الوجهات المفضلة للأطر المغربية لأجل العمل، ويعود ذلك لأسباب متعددة منها تدريس التكوين العلمي العالي في المغرب بالفرنسية. 




وتقول دراسة حديثة أنجزها موقع rekrute (مختص في مجال التشغيل) حول المغاربة أصحاب الشهادات العليا (حاصلين على شهادة الإجازة –البكالوريوس- فما فوق) إن 91 من القاطنين منهم في المغرب، يرغبون في الهجرة إلى كندا (37 بالمئة) أو فرنسا (25 بالمئة) أو ألمانيا (12 في المئة) أو دول أخرى، رغم أن نسبة كبيرة منهم تشتغل مسبقا. بينما أوضح المهاجرون سلفاً، حسب الدراسة ذاتها المنشورة عام 2018، أن الرغبة في تطوير مسيراتهم المهنية كانت السبب الأول للهجرة. وفي الوقت الذي أكدت فيه 74 من الكفاءات المهاجرة أنها ترغب يوماً بالعودة، قال 44 في المئة من غير المهاجرين إنهم يرغبون بالبقاء في بلدان الهجرة مدى الحياة. 




كشفت دراسة حديثة أن أكثر من ثلثي طلبة الطب في المغرب يفكرون في الهجرة إلى الخارج لتوفر تكوين ذي جودة وظروف عمل أحسن ومن أجل حياة أفضل، مما يبعث على مخاوف كثيرة حول مستقبل قطاع الصحة في المغرب، وفق المختصين.

وأفادت الدراسة التي نشرت في “المجلة الأوروبية للصحة العامة”، أن 71,1 في المئة من طلبة السنة الختامية في الطب بالمغرب ينوون الهجرة إلى الخارج، لافتة أن من بين كل ثلاثة أطباء مغاربة ممارسين يوجد طبيب خارج البلاد.

“الوجهة المفضلة ألمانيا”

وحسب معطيات الدراسة التي أشرف عليها خمسة باحثين من كلية الطب والصيدلة بجامعة الحسن الثاني، فإن الطلبة المهتمين بالهجرة للخارج غير راضين عن تكوينهم في المغرب (95,2٪)، أو غير راضين عن الأجور (97٪)، بالإضافة إلى الاحتقار والتنقيص من قيمة الطبيب في وسائل التواصل الاجتماعي (83,6٪).

وكشفت الدراسة أن ألمانيا كانت هي الوجهة المفضلة لأغلب الأطباء المغاربة (34٪)، مشيرة إلى عدم وجود أي علاقة بين انتشار الهجرة ووضعية الطلبة الاجتماعية والمادية.

وخلص المصدر ذاته، إلى ضرورة تنبيه واضعي السياسات العمومية في ميدان الصحة إلى تحسين ظروف العمل وجودة التكوين، بالإضافة إلى أجور الأطر الصحية للتقليل من نسبة الهجرة في صفوف طلبة الطب.

“خسارة كبيرة في القطاع الصحي”

وتعليقا على الموضوع، اعتبر الباحث في السياسات والنظم الصحية ونائب رئيس الفدرالية الوطنية للصحة، الطيب حمضي، أنه إذا كان أكثر من ثلثي طلبة الطب في السنة النهائية يرغبون في الهجرة فإن الأفظع منه أن ثلث الأطباء الذين يدرسون في المغرب يهاجرون سنويا، معتبرا ذلك خسارة كبيرة في القطاع الصحي.

وأضاف حمضي في تصريح صحفي، أنه في المغرب 23 ألف طبيب بينما في الخارج ما بين 10 آلاف إلى 14 ألف طبيب مغربي، في الوقت الذي تعرف فيه البلاد خصاصا وتحتاج لأكثر من 32 ألف طبيب، مؤكدا أن عملية تكوين طبيب في المغرب جد مكلفة.

وحسب معطيات أوروبية، ذكر حمضي أن كلفة تكوين طبيب في أوروبا تصل إلى 330 ألف يورو إلا أنه في المغرب يهاجر تقريبا ما بين 600 إلى 800 طبيب سنويا إلى الخارج بشكل مجاني، لافتا إلى أن هذا الظاهرة تنتشر في دول شمال أفريقيا كمصر والجزائر وتونس.

ودعا المتحدث لإصلاح ومراجعة ظروف عمل الأطباء في القطاع الخاص والعام من أجل إيقاف نزيف هجرة الأطباء وتحفيز الأطباء في الخارج للعودة، لأن ذلك سيساهم في إنجاح مشروع تعميم التغطية الصحية وتقوية المنظومة الصحية بالمغرب.

“توفير الإمكانيات والرفع من الأجور”

ومن جانبه، عزا الدكتور محمد زكيري، الكاتب الجهوي للجامعة الوطنية لقطاع الصحة بجهة الدار البيضاء-سطات، في تصريح صحفي، هجرة الأطباء المغاربة نحو الخارج لضعف الأجور وافتقاد المستشفيات للإمكانيات اللازمة والنقص الحاد في الموارد البشرية.

وأوضح زكيري أن العقد الذي يوقعه الأطباء في القطاع العمومي لمدة 8 سنوات عند انتهاء مدته يتم الامتناع عن فسخه وهو ما يتحول إلى سبب للهجرة، موضحا أن قبول استقالة الأطباء بالمغرب تكاد تكون شبه موقوفة.

وفي هذا الصدد، قال زكيري إن المنظومة الصحية بالمغرب أصبحت في خطر “أمام الوضعية الراهنة لهجرة الأطباء والنقص الحاد في عددهم”، داعيا لتوفير الإمكانيات في المستشفيات والمؤسسات الصحية والرفع من الأجور وتقديم تحفيزات مالية حتى يتسنى لهؤلاء الطلبة البقاء في بلادهم.

وأشار إلى اعتماد شراكة بين القطاع العام والخاص في الصحة تتيح فتح المجال لأطباء القطاع العمومي للاشتغال في القطاع الخاص بعد إنهاء دوامهم وبشروط معينة، وكذلك الأمر بالنسبة لأطباع القطاع الخاص.

ويتخوف مراقبون ومهتمون بالشأن الصحي في المغرب من التداعيات الخطيرة لـ”نزيف الأطباء المغاربة إلى الخارج”، وهو ما يشرحه الدكتور الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية بالقول إنه “لا يمكن لأي منظمة صحية أن تكون جيدة وناجعة من دون توافر عدد كافٍ من الأطباء والمهنيين العاملين في المجال الصحي.

وأردف حمضي أن “مشروع تعميم التغطية الصحية الذي أعلن عنه العاهل المغربي الملك محمد السادس سيزيد الضغط على كاهل الأطباء داخل البلاد، حيث إن التغطية ستشمل زهاء 36 مليون مغربي، وهو عبء ثقيل على الموارد البشرية الحالية”.

ولفت المتحدث إلى مسألة الانتقال الديموغرافي أيضاً داخل المجتمع المغربي، فإن كل مواطن مغربي من بين كل عشرة مواطنين، بلغ أكثر من ستين سنة من العمر، وهذا الرقم سيتضاعف ثلاث مرات في أفق عام 2050، وهو ما يعني توجهاً نحو شيخوخة المجتمع، بالتالي الحاجة إلى أطر صحية إضافية.

واستطرد الباحث إلى أن هناك أيضاً مشكلاً آخر يتجسد في الانتقال من الأمراض السارية إلى الأمراض المزمنة التي تتطلب علاجات طويلة الأمد ومتعددة التخصصات (مريض واحد يستوجب علاجات القلب والكلى والعيون… إلخ)، الشيء الذي يستوجب الحاجة إلى مزيد من الأطر الصحية في خضم واقع هجرة الأطباء إلى الخارج.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أنه إذا كان 23 ألف طبيب مغربي يمارسون المهنة داخل البلاد، فإن هناك حاجة إلى 32387 طبيباً إضافياً حسب المعايير الأساسية لمنظمة الصحة العالمية، كما أن المغرب بحاجة إلى أكثر من 64774 عاملاً صحياً. 

وإلى جانب التداعيات السلبية لهجرة الأطباء على الوضع الصحي في المغرب، من قبيل وفيات الأمّهات والأطفال دون الخامسة من عمرهم، خصوصاً تبرز خسائر تتعلق بالنفقات الكبيرة لتخريج أطباء في المغرب، وذلك بعد هجرتهم وعدم استفادة وطنهم من كفاءاتهم وخبراتهم. وفي هذا الإطار، وبحسب تقرير أصدرته المجلة الطبية البريطانية في يناير/ كانون الثاني 2020، فإنّ نسبة تكلفة هجرة أطباء المغرب تتراوح ما بين 0.10 و0.25 في المائة من الناتج المحلي، الأمر الذي يُظهر الحجم الكبير لما يخسره المغرب سنوياً من جرّاء هجرة أطبائه.

من جهة أخرى، انتقد تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان ضعف التمويل الصحي، إذ إنّه ما زال يتراوح ما بين ستّة وسبعة في المائة من الموازنة العامة بدلاً من 12 في المائة الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية. وبيّن التقرير أنّ الأسر المغربية تتحمّل أكثر من 50 في المائة من المصاريف الصحية، وأكثر من 63 في المائة منها إذا احتُسبت مساهمتها في التغطية الصحية، موضحاً أنّ الأمر يمثّل عائقاً حقيقياً أمام المواطنين في الحصول على العلاج.

 

صادرات الفوسفاط تتجاوز 10 مليارات دولار خلال 10 أشهر ..هل ستوفر الحكومة الاحتياجات الأساسية لـ(أكثر من 3 ملايين مغربي تدهورت أوضاعهم المعيشية…)