108 أطفال موجودين في السجون المغربية برفقة أمهاتهم ..التقارير والشهادات صادمة

0
89

كشف الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، أن عدد بلغ السجينات المصحوبات بأطفالهن في المغرب إلى غاية شهر نوفمبر من السنة الجارية ، 107 سجينة و عدد الأطفال داخل أسوار السجن ،108 أطفلا، مع وجود سجينة واحدة بطفلين، بحسب ما كشف عنه وزير العلاقات مع البرلمان المغربي ،مصطفى بايتاس، الإثنين، في جلسة بمجلس النواب.

وطالب الوزير بضرورة إعادة النظر في السياسة الجنائية خاصة بالنسبة للنساء المصحوبات بأطفالهن، معتبرا أن :”المكان الطبيعي للأطفال ليس المؤسسة السجنية”.

وأشار مصطفى بايتاس، خلال رده على اسئلة النواب ، الى أن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تقدم برنامجا غذائياً متنوعا لهؤلاء الأطفال ، كما تنظيم خرجات للترفيه والتسلية لفائدتهم.

من جهة أخرى، تعاني السجينات من انتهاك حقهنّ في الاتصال مع العالم الخارجي، إذ يُحرمن في أكثريتهن من الزيارة بفعل تخلي العائلة عنهنّ، كعقاب اجتماعي يستند إلى الوصم الذي يلحق بنساء ارتكبن جرائم يعاقب عليها القانون. أما بالنسبة إلى السجينات الأمهات، فهنّ يعانين من حرمانهنّ من زيارة أبنائهنّ الصغار بسبب العراقيل الاجتماعية المتعلقة بالنظرة المجتمعية تجاه السجينة، إلى جانب العراقيل القانونية التي لا تخصص ترتيبات استثنائية لتمكين الأطفال من زيارة أمهاتهم في السجون. أيضاً، تغييب برامج تشجيع الأهالي على زيارتهنّ. إلى ذلك، تُقصى السجينات، أيضاً، من الحياة العامة، من خلال حرمانهنّ من الاطلاع على أخبار العالم وكل ما يتصل بالعالم الخارجي. 

إلى ذلك، تتعرض السجينات إلى عنف تتعدّد أشكاله ما بين نفسي وجسدي وجنسي، يرتكبه في حقهن موظفو وموظفات السجون. ويتمثل في سوء المعاملة والابتزاز والتحرش والتخويف والتهديد، في ظل تغاضى الإدارات عن هذه الممارسات. ويعيد التقرير ذلك إلى “نظام عدالة لا يراعي خصوصياتهنّ وأوضاعهنّ”، وبناء عليه لا تحظى السجينات بالدعم النفسي والاستشارة القانونية والمساعدة القضائية، ابتداءً من مراحل التحقيق وانتهاءً إلى فترة الحكم، باستثناء بعض الحالات النادرة. ويسلط التقرير الضوء، أيضاً، على ظروف الاحتجاز، ويصفها بالمزرية. الزنازين صغيرة تفتقر إلى الإضاءة والتهوية، وتنعدم فيها وسائل التدفئة والتبريد، ولا تحترم فيها قاعدة الفصل بين السجينات القاصرات والبالغات ولا بين السجينات الاحتياطيات والمدانات بأحكام، ولا بين المريضات والمدمنات والمسنّات.

فيلم وثائقي: صمت الزنازين.. أو حكاية سجينات في المغرب”




إلى صعيد التدريب والتعليم، يبيّن التقرير أن نسبة الأميّة تنتشر بشكل لافت بين السجينات. أكثر من 600 سجينة، لم يسبق لهنّ دخول المدرسة، وهنّ يشكلن نحو 40% من مجموع السجينات، بينما 5% فقط بلغن المستوى الجامعي. ويبرز التقرير الاختلالات التي تتعلق بحق السجينات في ممارسة الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية التي من شأنها أن تساعد في محاربة الأمية، فالإدارات لا تخصّص لهنّ مرافق لممارسة هذا النوع من الأنشطة، بينما توفّر مرافق ثقافية مثل المكتبات للسجناء الذكور. وبالطبع، لا تستطيع السجينات الاستفادة منها، بموجب مبدأ الفصل بين أقسام السجن. وفي تنميط واضح، تفتح الإدارات مجال التدريب للنساء، في الخياطة والنسيج وخدمة الفنادق، بينما يستفيد الذكور من خيارات متنوعة مثل النجارة والإلكترونيات وغيرها.




وحسب تقرير رسمي نشر أواخر يوليوز الماضي، صادر عن المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، يوجد أكثر من ربع الشباب في المغرب ما بين 15 و24 سنة، أي ما يمثل 2 ,16 % من الساكنة الإجمالية خلال 2021، “لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين”. وبالتالي ليس أمامهم سوى الضياع والانخراط في دروب المجهول وسبل الجريمة المؤدية إلى بوابات السجون. 

ناهيك عن المحكوم عليهم من المعتقلين على خلفية الحراك الاجتماعي، مثل الحراك الشعبي في الحسيمة وجرادة وزاكورة، أو بسبب آراء ومواقف معارضة، إلا أن معظم هؤلاء المعتقلين يقبعون اليوم في الزنازين بملفات جنائية لا صلة لها بحقيقة حرمانهم من الحرية. 

كل هذا يفسر عزم الدولة بناء سجون جديدة، لتدبير ظاهرة الاكتظاظ في السجون، من أجل استيعاب أعداد السجناء الذين عرف عددهم ارتفاعا بنسبة حوالي 40 في المائة خلال العقد الأخير.  

حسب إفادة أدلى بها المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، بشأن الاكتظاظ، فإن الاستثناء الحاصل في انخفاض عدد السجناء، حدث خلال تفشي جائحة كورونا، ما بين نهاية ديسمبر 2019 ونهاية أبريل 2022. أي خلال أربعة أشهر سجل فيها انخفاضا من 84 ألف و393 معتقلا إلى 78 ألف و256 معتقلا. وهو استثناء “لم يسبق تسجيل مثيل له منذ أواخر سنة 2016″، كما أكد المسؤول الأول عن سجون المملكة. إذ إن الانخفاض النسبي لمعدلات الجريمة جاء نتيجة مباشرة لفرض الحجر الصحي، في المدة التي عرفت فيها المحاكم تعليق أنشطتها مقتصرة على القضاء الاستعجالي. لكن ما إن تم رفع الإجراءات الاحترازية وإنهاء الحجر الصحي، حتى استأنفت المحاكم عملها، لتعود  ماكينة أرقام الساكنة السجنية إلى الارتفاع، عائدة إلى الأرقام المسجلة سابقا قبل جائحة “كوفيد- 19”.  

رافق هذا الوضع العام، تزايد الاهتمام بالشأن السجني من طرف هيئات المجتمع المدني خلال الألفية الحالية، بإنشاء جمعيات محلية ووطنية متخصصة تعنى بأوضاع السجناء، خاصة الفئات المستضعفة، النساء والأحداث منهم مع الشباب، إذ تسعى هذه الجمعيات لمساعدة هؤلاء المساجين وإعادة إدماجهم في المجتمع بعد استرجاع حريتهم. 

هذا إضافة إلى مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء (رسمية)، تم إنشاؤها ﺳﻧﺔ 2002 “ﺗﻧﻔﯾذا ﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﺟﻼﻟﺔ الملك ﻣﺣﻣد اﻟﺳﺎدس اﻟراﻣﯾﺔ إﻟﯽ ﺗوﻓﯾر اﻟدﻋم واﻟﻣواﮐﺑﺔ ﻟﻔﺎﺋدة اﻟﺳﺟﻧﺎء اﻟﻣﻔرج ﻋﻧﮭم”. تأسست في سياق حيوية المجتمع المدني في المغرب جمعيات حقوقية غير حكومية ومستقلة. منها “جمعية حلقة وصل سجن/ مجتمع”، أنشئت في سنة 2005،  لـ”مكافحة ارتداد السجناء إلى حياة الجريمة، ومن أجل توفير المساعدة وتقديم خدمات إعادة التأهيل والعمل على إعادة إدماج السجناء في المجتمع بعد مغادرة السجن، مع أنشطة تدريب للسجناء السابقين وتوفير الخدمات للسجناء الحاليين”. 

قبلها، في سنة 1999 تأسست منظمة “المرصد المغربي للسجون”، بهدف “حماية وتعزيز حقوق السجينات والسجناء”. 

وفي الأعوام الأخيرة شرع المرصد في إصدار دراسات وتقارير سنوية حول أوضاع المؤسسات السجنية والسجناء في المغرب.  

وقد تميز الأسبوع المنصرم بتقديم التقرير السنوي للمرصد المغربي للسجون للعام 2021، تحت شعار: “حالة السجون مرآة المجتمع، فكيف نريدها؟”، وذلك خلال ندوة صحفية عقدت بالعاصمة الرباط، صباح الخميس 4 أغسطس 2022.  

اشتمل التقرير على مجموعة من البيانات والمعطيات الإحصائية الخاصة بالمؤسسات وبالساكنة السجنية، ووضعية الفئات الهشة وذوي الإعاقة والأحداث والأجانب، ومعالجة وتحليل ومتابعة الشكايات والتظلمات الواردة على المرصد، وانتهى بخلاصات وتوصيات. 

حسب التقرير وصل عدد المعتقلين في المؤسسات السجنية في المغرب نهاية سنة 2021، ما مجموعه 88914 معتقلا، 2.34% منهم نساء. من بينهن 69 سجينة أجنبية.  

– 43 %  من الساكنة السجنية تتراوح أعمارهم ما بين 20 و 30 سنة. 

–  30 % أعمارهم ما بين 30 و40 سنة. وعدد الأحداث دون سن 18 سنة 1028 حدثا.  

–  79 % من الصادر في حقهم حكم الإعدام، بينهم امرأتان. علما أن تنفيذ أحكام الإعدام متوقف منذ  ثلاثة عقود. 

– 1132 أجنبيا سجينا.  

تتصدر جهة الدار البيضاء- سطات المرتبة الأولى بـ 19% من عدد السجناء، تليها جهة الرباط – سلا – القنيطرة بنسبة 18%. 

يسجل انخفاض في عدد المؤسسات السجنية مقابل ارتفاع عدد السجناء، مع تقليص في المساحة المخصصة لكل سجين، التي وصلت إلى 2.0 متر مربع، دون أن تستجيب للمعاير الدولية الموصى بها والاتفاقيات المصادق عليها (4 متر مربع)، والتي توفر لكل سجين مرفقا صحيا معزولا.  

كما تتكرر ظاهرة احتجاج آلاف السجناء على سوء أوضاع حبسهم والمعاملات اللإنسانية التي يتلقونها، بلجوئهم إلى خوض الإضراب عن الطعام، إضافة إلى ارتفاع الوفيات وحالات الانتحار بين السجناء، علما أن بعض تلك الحالات لا يتم إجلاء الحقيقة كاملة بشأن ملابساتها.