ثلاثة مؤرخين مغاربة يطالبون “الهاكا” بوقف مسلسل “فتح الاندلس”

0
265

راسل ثلاثة مؤرخين مغاربة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري “الهاكا” ، حول مسلسل “فتح الاندلس” والذي تبثه القناة الاولى حلال شهر رمضان ، مؤكدين انهم ومن خلال مشاهدتهم لحلقاته يودون  إثارة الانتباه الى :”الملاحظات المتعلقة بالمضمون التاريخي التي يعرضه المسلسل”،معتبرين “

ان المسلسل لم يحترم الحقائق التاريخية التي رافقت الحدث التاريخي للعبور الى الاندلس وعرضها بشكل يفتقر الى الاحترافية في غياب تام للخبرة التاريخية الموضوعية للمؤرخين المغاربة”.

وأشار المؤرخون في رسالتهم ، الى المسلسل :”اكتفى بالاعتماد على الروايات التاريخية التقليدية التي لم تعد صامدة امام الابحاث العلمية التي قربت الاحداث التاريخية للعبور الى الاندلس الى الحقيقة التاريخية”، المقاربة التي يرون أنها:” همشت الدور المغربي الاساسي في الحدث التاريخي لحساب الدور الاموي الذي لم يكن اساسيا في عبور القائد المغربي “طارق بن زياد” الى الاندلس اضافة الى عدم التحلي بتحري في تفاصيل الاحداث التي رافقت  ذلك الحدث التاريخي المغربي, مما جعل المسلسل يتميز بالانتقائية في الاحداث لتضخيم الدور الاموي و تقزيم الدور المغربي. وبالتالي فان المشاهدين المغاربة وغيرهم  وخاصة الفئة الناشئة و الشباب سيعتقدون ان تلك هي الحقيقة”. 

وخلص المؤرخون الى أنه :”اعتمادا على الالتزامات الواردة في دفتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة المغربية وخاصة منها المادة الاولى المتعلقة باحترام  ملاحظات واراء الجمهور، وكذلك المادة الثانية بضمان حرية المواطن في التقييم و الرقابة وكذلك المادة الثالثة بالتزام بالدقة الموضوعية وعدم التحيز، وكذلك الاستجابة لحاجيات المشاهدين في الثقافة و التربية” ، اضافة الى وعيهم :” كمؤرخين وكمواطنين غيورين على التحقق من الاحداث التاريخية التي تهم بلادنا، وانسجاما مع الرؤية الوطنية الجديدة لإعادة كتابة التاريخ المغربي و اعتمادا على الرؤية العلمية و الموضوعية التي تعتبر ان التاريخ المغربي هو اعرق واقدم تاريخ بحوض البحر الابيض المتوسط اذ قام المغاربة منذ انسان جبل اغود بأدوار حضارية تاريخية ساهمت في الحضارة الانسانية ونشر الاسلام في الاندلس و افريقيا ، مما يتعين عليه ابرازها بهدف تقوية الروح الوطنية المغربية”.

وعلى اعتبار أن: “المسلسل  لا يحقق المذكور، ويتنافى مع الالتزامات السابقة ذكرها”

ويعتبرون أنه  بناءا على كل ماسبق فان مسلسل “فتح الاندلس” يتعارض مع  الاهداف الوطنية  ويخل  بالالتزامات الواردة في دفتر التحملات، مما يفسر الدعوات الكثيرة للمشاهدين  المطالبة بإيقاف ذلك المسلسل لما يشوبه من خلل كبير قد يؤدي الى ترسيخ حقائق تشوه تاريخ المغرب ودوره في نشر الاسلام في الغرب الاسلامي،مطالبين  بوقف   بث ذلك المسلسل “فتح الاندلس” .

وعبّر المحتجون عن رفضهم عرض المسلسل بقولهم إنه “جعل من المغرب الكبير مجرد طريق جغرافية لجيوش المشرق الأموية، والمغاربة مجرد (كومبارس) تحت قيادة شخصيات شامية؛ بينما التاريخ المدون عندنا كله عكس ذلك”، وتساءلوا إن كان وزير الثقافة سيتخذ إجراءات بحق ما تضمنه المسلسل من “مغالطات وسرقة وتزوير الحقائق التاريخية” بحسب وصفهم.

دعوى قضائية لإيقاف البث

أحدث ما جاء في هذا الجدل هو قرار المحكمة الابتدائية في الرباط يوم الأربعاء، بتأجيل النظر في دعوى استعجالية لإيقاف المسلسل الذي تبثه القناة الأولى المغربية، إلى 20 أبريل/نيسان الجاري، وذلك بطلب من الممثل القانوني للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية من أجل “مهلة الجواب”.

يأتي هذا بعد أن كان المحامي المغربي بهيئة الرباط، محمد ألمو، قد قرر اللجوء إلى القضاء للمطالبة بوقف عرض المسلسل التاريخي، بدعوى أن الاستمرار بعرضه يمثل “زعزعة للعقائد الوجدانية المترسخة لدى المغاربة،” وبأن العمل “يتضمن محتوى لا ينسجم مع ثوابت التاريخ المغربي”.

جدل في البرلمان المغربي

واعتبر النواب أن المسلسل الذي أنتج خارج المغرب دون مشاركة المغاربة في التأليف ودون استشارة المؤرخين لتدقيق المعطيات، “مليء بالمغالطات المعرفية ويحمل في كثير من حلقاته تزويراً لكل ما تتفق عليه المصادر التاريخية الموثوقة”، على حد قولهم.

وفي السياق نفسه، وجه النائب مهدي الفاطمي، عن حزب الاتحاد الاشتراكي، سؤالاً مكتوباً إلى وزير الثقافة والشباب المغربي، تساءل فيه عن “الإجراءات التي ستتخذها الوزارة بغاية صون وتخليد تاريخ المغرب بعيداً عن جميع المغالطات والسرقة وتزوير الحقائق التاريخية”.

وتابع الفاطمي في رسالته، التي يرى العديد أنها تعبر عن الغضب المغربي، قائلاً “إن الفتح تم عبر شمال المغرب وبجيوش شمالي إفريقيا، ولغة القائد طارق بن زياد وثقافته مغربية أمازيغية هو وجنوده، ولكن المسلسل يحجب كل هذا تقريباً ويجعل المغرب الكبير مجرد طريق جغرافية لجيوش المشرق الأموية، والمغاربة مجرد كومبارس تحت قيادة شخصيات شامية بينما التاريخ المدون عندنا كله عكس ذلك”.

غضب عبر مواقع التواصل

وجاءت معظم ردود الفعل عبر مواقع التواصل في المغرب منتقدة للعمل.

وبرزت وسوم من بينها: #مقاطعة_مسلسل_فتح_الأندلس ، #العرايشي_إرحل ، و #نلتمس_من_ملكنا_حماية_تراثنا ، وحتى وسم “#فتح_الأناناس” للسخرية من العمل.

البعض طالب عبر وسم #العرايشي_إرحل باستقالة فيصل العرايشي المدير العام للشركة المغربية للإذاعة والتلفزة.

ومنهم من أشار إلى أموال دافعي الضرائب التي دفعها التلفزيون المغربي لاقتناء، ما وصفوه، بالعمل الذي “لا يولي أهمية للتراث المغربي”. 

وذهب بعضهم للقول إن المسلسل “لا علاقة له بالأندلس”، مشيرين إلى أن المؤرخين المغاربة “لم يُستشاروا في العمل”.

وإضافة إلى هذا، فقد انتشر أيضاً وسم #نلتمس_من_ملكنا_حماية_تراثنا ، إذ ناشد رواد مواقع التواصل الملك المغربي محمد السادس بالتدخل لإيقاف عرض المسلسل.

كما أطلق منتقدو فتح الأندلس عريضة تطالب بتدخل ملكي “لتوثيق التراث وحمايته”.

رد المخرج

وكان المخرج الكويتي، محمد العنزي، قد تحدث إلى برنامج بي بي سي تريندينغ وحاول الرد على بعض الانتقادات التي وجهت له.

وفيما يتعلق بأصول طارق بن زياد، قال إنه “كصاحب رؤية فنية وليس توثيقا تاريخيا، ارتأينا أنا وفريقي أن نخرج من إطار وضع طارق بن زياد في إقليم ومكان معين وقررنا التقليل من أهمية أصوله”.

ولدى سؤاله عن السبب وراء عدم استعانته بأي من الكتاب المغاربة، قال: “إن الجميع في الوطن العربي وعلى مدار عشرات السنين يعلم أن أفضل الكتاب في المنطقة هم الكتاب السوريون والمصريون في الدراما التاريخية، ولذلك عملنا معهم لتقديم عمل درامي جيد بغض النظر عن جنسياتهم”.

وختم العنزي حديثه بالتأكيد على الفرق بين العمل الدرامي والعمل الوثائقي، فقال: “العمل الدرامي غالباً ما يعتمد على الوقائع التاريخية، لكن لا يوجد في العالم كله عمل درامي يكون مئة بالمئة وثائقي لأن الدراما تقوم على عوامل مختلفة عن التوثيق”.




نسب طارق بن زياد

ويختلف المؤرخون وعلماء التاريخ وعلم الاجتماع والرحالة فيما بينهم حول أصل طارق بن زياد ونسبه، فثمة من يُرجع أصله إلى القبائل العربية، وهناك من يشدد على أصوله البربرية (الأمازيغي) كفريق النوّاب المعارض المذكور سالفاً والمكوَّن من الأعضاء المنحدرين من أصل أمازيغي، وفريق آخر يزعم أن ابن زياد من أصل فارسي وينحدر من “همذان”.

  • يتناول مسلسل فتح الأندلس حقبة دخول المسلمين إلى الأندلس أو شبه الجزيرة الأيبيرية بين عامي 711 و718 ميلادية.

  • وطارق بن زياد، قائد عسكري مسلم، قاد الفتح الإسلامي للأندلس في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.

  • لكن أصول طارق بن زياد لا تزال إلى يومنا هذا تثير خلافاً بين المؤرخين.

  • فمنهم من يعتبر أصوله عربية أو فارسية، ومنهم من يقول إنه أمازيغي من شمال إفريقيا، وهذا الرأي هو الأكثر انتشاراً في تلك المنطقة.