حصل مكتب محاماة فرنسي يوم الخميس 13 أكتوبر 2022، من المحكمة الإدارية في نانت على حكم يلغي جميع قرارات رفض التأشيرة التي طعن فيها ووجهت المحكمة أمرا لوزير الداخلية الفرنسي بإصدار تأشيرات العمل للمغاربة الراغبين في العمل في فرنسا خلال شهرين. من إعلان الأحكام.
ويأتي الحكم بعد أكثر من عام من إعلان الحكومة الفرنسية عن تخفيض حصص التأشيرات الممنوحة لمواطني المغرب وتونس والجزائر .
وأكدت شركة FB Avocat والتي حصلت على الحكم لجورنال دي لافريك الفرنسية ، أن “قرارات رفض التأشيرات كانت قرارات سياسية بحتة وخالية من أي أساس قانوني تسببت في قدر كبير من الضرر للشركات الزراعية الفرنسية، التي تستقدم اليد العاملة من المغرب”.
وقال “أنا فاتو بابو”، المحامي الذي حصل على الحكم القضائي بنانت، للجريدة ذاتها إن القطاع الفلاحي في فرنسا يعاني من نقص كبير في اليد العاملة، وللتغلب على هذا الخصاص الحاصل، يجب منح التأشيرات للعمالة الوافدة وخاصة العمالة المغربية خلال الموسم الفلاحي.
وأكد فاتو بابو أن هناك حالات أخرى لرفض التأشيرات لدخول فرنسا والتي عاينها في المغرب وتونس والجزائر، خاصة بالنسبة للأزواج الفرنسيين، وكذلك الطلاب الأجانب، حيث ترفض القنصليات بشكل متزايد تأشيرات من النوع D، وتأشيرات الإقامة الطويلة، فيما تم تخفيض منح تأشيرات من النوع C، و تأشيرات الإقامة القصيرة بشكل كبير.
وفي الأسابيع الماضية، بدا لافتاً اتّساع دائرة رفض منح تأشيرات لفئات، لتشمل وزراء ومسؤولين سابقين وأطباء ومهندسين كانوا ينوون المشاركة في لقاءات علمية تحتضنها فرنسا، إلى جانب فنانين ورجال أعمال وطلاب ومواطنين اعتادوا زيارة فرنسا منذ سنوات طويلة والحصول على تأشيرات طويلة الأمد.
وكانت الحكومة الفرنسية قد قررت في سبتمبر/ أيلول من عام 2021 “تشديد شروط منح تأشيرة الدخول” للمتقدّمين من دول المغرب العربي الثلاث؛ تونس والجزائر والمغرب. وخفّضت العدد السنوي المسموح به بنسبة 30 في المائة للتونسيين و50 في المائة للجزائريين والمغربيين. لكن بعد مرور نحو عام على تلك الإجراءات، خُفّفت القيود المفروضة عن التونسيين والجزائريين، في حين ازدادت حدّة بالنسبة إلى المغاربة، الأمر الذي أثار غضباً متصاعدا في البلاد، وصل إلى حدّ المطالبة بمقاطعة المنتوجات الفرنسية ومعاقبة باريس. وقد بدا ذلك واضحاً من خلال مطالب برلمانية لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بـ”إعادة النظر في المقاربة الرسمية المعتمدة من قبل المغرب، خصوصاً بالنسبة إلى الدول التي تفرض التأشيرة على المغاربة في إطار المعاملة بالمثل”، إلى جانب “فرض استخلاص الرسوم في المطارات” على الدول التي تشترط على المغاربة الحصول على تأشيرة مسبقة للدخول.
وعزت باريس هذا القرار لعدم تعاون المغرب في إعادة مهاجرين غير نظاميين، وهو ما نفته الرباط، واعتبره وزير خارجية المملكة “غير مبرر”.
تراجع أعداد التأشيرات
والسنوات الأخيرة، تراجعت أعداد التأشيرات التي تمنحها مصالح القنصليات الفرنسية في المغرب بشكل ملموس.
وحسب تقارير المديرية العامة للأجانب بفرنسا التابعة للداخلية، كان عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة قبل 2020 يفوق 300 ألف تأشيرة سنويا، 323 ألفا سنة 2017، 330 ألفا سنة 2018، 342 ألفا سنة 2019.
غير أن هذا العدد انخفض بنسبة 70% سنة 2020، وبلغ 97 ألفا و572 بسبب تشديد القيود على السفر خلال جائحة كوفيد.
ونقلت وسائل إعلام مغربية عن مصدر قنصلي قوله إنه تم، العام الجاري، رفض ما بين 70% و80% من طلبات تأشيرة “شنغن”.
وفي خطوة أخرى تؤشّر إلى حجم الغضب المغربي، قررت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (أكبر تنظيم حقوقي مستقل في المغرب) تنظيم وقفة رمزية أمام مقرّ بعثة الاتحاد الأوروبي في الرباط، يوم الثلاثاء المقبل في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، للاحتجاج على ما يتعرّض له طالبو التأشيرة “من انتهاكات متعدّدة للحقّ في حرية التنقل وما ينتج عن ذلك من معاناة حقيقية لهم ولذويهم”.
وعبّرت الجمعية، في بيان لها، عن استنكارها الشديد لـ”الاستهتار الذي تواجه به قنصليات الدولة الفرنسية بالمغرب مصالح المواطنات والمواطنين المغاربة”، مبدية استغرابها “تزكية الدولة الفرنسية لعملية استخلاص رسوم غير مستحقة”، ومطالبة بـ”وضع حدّ لهذه الممارسات المشينة”، وتعويض المواطنين والمواطنات المغاربة الذين رُفضت طلبات حصولهم على تأشيرات سفر عن المصاريف التي استخلصتها المصالح القنصلية.
وتابعت الجمعية أنّ “اتّخاذ الدولة الفرنسية قرار خفض عدد التأشيرات إلى النصف، ليس له تفسير إلا حساباتها الاستعمارية والابتزازية التي تمارسها على الدول التي كانت جيوشها قد استعمرتها في السابق، من أجل الضغط عليها لفرض مزيد من الإذعان لمصالحها العسكرية والاقتصادية والجيو-استراتيجية”.
جدر الإشارة إلى أنّ إجمالي عدد المغاربة الذين تقدّموا بطلب الحصول على تأشيرة الاتحاد الأوروبي “شنغن” بلغ في العام الماضي 157 ألفاً و100 شخص، في حين رُفض 39 ألفاً و520 طلباً، وهو ما يمثّل إجمالي 27.6 في المائة، الأمر الذي يعني أنّ معدّل الرفض أعلى بكثير مقارنة بمتوسط معدّل الرفض العالمي لطلبات تأشيرة “شنغن”.
وقد كشف تقرير صادر عن الهيئة العامة للأجانب في فرنسا أنّ القنصليات الفرنسية في المغرب أصدرت 69,408 تأشيرات فقط في عام 2021 مقارنة بـ342.262 تأشيرة في عام 2019، و98 ألف تأشيرة في عام 2020 على الرغم من تقييد السفر الدولي على خلفية أزمة كورونا الوبائية.