حقائق مؤلمة وأرقام مرعبة قدمتها الأمم المتحدة بخصوص حركة المهاجرين واللاجئين عبر البحر المتوسط. وتشير هذه الإرقام إلى ارتفاع مأساوي في عدد الوفيات فاق 130 بالمائة مقارنة بما سبق.
ذكر تقرير حديث للمنظمة الدولية للهجرة أن المغرب، أصبح من بين أكثر 10 بلدان الذي يلقي مواطنوه حتفهم في طريق الهجرة، كما أن الطرق المؤدية إلى أوروبا عبر المغرب من بين الأكثر الطرق بحراً فتكاً بالمهاجرين.
كما سجل التقرير، احتل المغاربة الرمكز السادس عالمياً المغاربة في عدد الوفيات بحراً، حيث يقدر المغاربة اللذين لقيوا حتفهم من سنة 2014 إلى 2022 حوالي 702 وفاة.
وأشار التقرير إلى أن حوالي 60 % من المهاجرين غير النظاميين الذين لقوا حتفهم خلال هذه المدة والبالغ عددهم أزيد من 51 ألف شخص غير محددي الجنسية، في حين أن أكثر من 9 آلاف شخص ممن تم التعرف على جنسياتهم ينحدرون من القارة الإفريقية.
ويحتل المهاجرون المغاربة الرتبة السادسة عالميا، مسبوقين بالمهاجرين من أفغانستان وميانمار وسوريا وإثيوبيا والمكسيك تواليا، كما تأتي دول الجزائر وفنزويلا وغواتيمالا وهايتي بعد المغرب، كأكثر 10 بلدان يموت مهاجروها.
وأبرزت المنظمة أن الطرق المؤدية نحو أوروبا هي الأكثر فتكا بالمهاجرين، بين متوفين ومفقودين، مشيرة في ذات الوقت إلى أن آلاف الأطفال والنساء من بين الضحايا.
وإلى جانب كون المغرب على رأس البلدان التي يتوفى مواطنوها على طريق الهجرة، فإن الطرق من المملكة نحو أوروبا، سواء عبر البحر الأبيض المتوسط، أو المحيط الأطلسي نحو جزر الكناري، تعد من بين أكثر الطرق التي تخلف وفيات ومفقودين، وتقدر المنظمة عدد ضحاياها بالآلاف منذ 2014.
وأكد التقرير على أن سياسات الهجرة المتبعة حول العالم لا تضمن الهجرة الآمنة للجميع، ما يدفع الآلاف إلى ركوب الخطر سنويا، داعية إلى ضرورة احترام الدول لالتزاماتها تجاه الهجرة الآمنة، من خلال مراجعة السياسات التي تؤدي إلى مزيد من الوفيات، وسن قوانين جديدة لإنقاذ الأرواح.
تضاعف عدد الوفيات على طول طرق الهجرة عبر البحر المتوسط في النصف الأول من عام 2021 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لبيانات نشرتها الأمم المتحدة.
في الوقت نفسه، زاد عدد الأشخاص الذين حاولوا العبور بحراً من شمال إفريقيا إلى أوروبا من هذا العام بنسبة 58 بالمائة، ليصل إلى قرابة 76 ألف شخص من كانون الثاني/ يناير إلى حزيران /يونيو الماضي، وفقاً لما قالته المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
من جهة أخرى،أوقفت قوات الأمن المغربية، أكثر من 32 ألف مهاجر غير نظامي خلال العام 2022، 85 بالمائة منهم من جنسيات أجنبية ما يكشف حجم النجاحات المغربية في مواجهة الهجرة غير النظامية.
وكشف بيان صادر عن المديرية العامة للأمن الوطني في المغرب حول حصيلة العام 2022 بأن “جهود مصالح الأمن الوطني لمكافحة شبكات تنظيم الهجرة غير الشرعية تكللت بتوقيف 32 ألفا و733
مرشحاً للهجرة من بينهم 28 ألفا و146 من جنسيات أجنبية مختلفة بما يعادل 85 بالمائة من إجمالي الموقوفين”.
وذكر أنه “تم تفكيك 92 شبكة إجرامية وتوقيف 566 منظما ووسيطا للهجرة، بنسبة زيادة فاقت 36 بالمائة مقارنة مع سنة 2021، التي عرفت توقيف 415 منظماً للهجرة”.
ولفت البيان، إلى أن “وثائق السفر وسندات الهوية المزورة المحجوزة خلال محاولات الهجرة غير النظامية بلغت 832 وثيقة، فضلا عن حجز 193 قاربا و156 محركا بحريا و61 ناقلة استخدمت في تنظيم عمليات الهجرة”.
وفي 2020، أوقفت السلطات المغربية نحو 12 ألفا و231 مرشحا للهجرة غير النظامية، وفكّكت 150 شبكة إجرامية تنشط بتنظيم الهجرة السرية، فيما تمكنت من تفكيك أكثر من 265 شبكة في 2021، حسب بيانات رسمية.
وتعد مدينتا مليلية وسبتة (المحتلتين)، الواقعتان على الساحل الشمالي للمغرب، أشهر نقطتين لعبور المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا.
وتخضع المدينتان للحكومة الإسبانية، فضلاً عن الجزر الجعفرية وجزر صخرية أخرى في المتوسط، في حين يعتبر المغرب الجزر والمدينتين “ثغوراً محتلّة”.
والأسبوع الماضي استقبل المغرب اجتماعا لوزراء دفاع 18 دولة أعضاء مبادرة “5+5 دفاع”وبمشاركة 9 دول هي: فرنسا، وإيطاليا، وليبيا، ومالطا، وموريتانيا، والمغرب، والبرتغال، وإسبانيا، وتونس بهدف تنسيق الجهود في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة السرية والاتجار بالبشر.
وتعتبر المغرب ركيزة أساسية في المنطقة وجنوب المتوسط لمواجهة الهجرة غير النظامية التي تؤرق الجانب الأوروبي وخاصة اسبانيا.
وأشادت العديد من الدول الأوروبية بجهود المغرب لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية خاصة بعد ان أبرمت الرباط اتفاقات مع بروكسل ومدريد مرفقة بمساعدات قبل عدة سنوات.
ورغم الجهود التي تبذلها الرباط لمواجهة الظاهرة إلا أن الحكومة المغربية تؤكد انه لا يمكن وقف المهاجرين غير الشرعيين بالتعويل فقط على البعد الأمني وان الافضل التركيز على جهود تنمية البلدان الإفريقية الفقيرة وإقناع شبابها بالبقاء فيها.
وبالتوازي أعلنت النيابة العامة الاسبانية الجمعة أنها أغلقت تحقيقها في مقتل 23 مهاجرا إفريقيًا خلال محاولتهم دخول جيب مليلية الإسباني من المغرب في 24 حزيران/يونيو بعد أشهر من اعلان لجنة تقصي الحقائق المغربية عن أسباب وفاة المهاجرين والتي تمثلت أساسا في الاختناق بسبب التدافع.
وقالت النيابة الاسبانية في بيان إن هذا القرار جاء لعدم العثور على “مؤشرات إلى ارتكاب جنح في سلوك عناصر قوات الأمن” الإسبانية خلال هذه المأساة.
وأضاف البيان “لا يمكن أن نستنتج أن تصرفات عناصر الأمن زادت من المخاطر على حياة المهاجرين وسلامتهم الجسدية، وبالتالي لا يمكننا اتهامهم بالقتل غير العمد”.
لكن النيابة قالت إنها أرسلت إلى مسؤولي قوات الأمن عناصر لاتخاذ إجراءات تأديبية محتملة ضد عناصر أمن يشتبه في قيامهم بإلقاء الحجارة على مهاجرين.
أعلنت النيابة الإسبانية عن فتح هذا التحقيق بعد أيام قليلة من المأساة من أجل “إلقاء الضوء على ما حدث”.
لقي ما لا يقل عن 23 مهاجرا حتفهم في هذه المأساة، وفقا للسلطات المغربية، عندما حاول ما يقرب من 2000 مهاجر عبور السياج المرتفع الفاصل بين مليلية ومدينة الناظور الحدودية شمال المغرب.
وأفادت منظمات غير حكومية وخبراء مستقلون بتكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن 37 حالة وفاة خلال هذه المأساة، وهي أكبر حصيلة للوفيات على الإطلاق على الحدود بين المغرب وجيبي سبتة ومليلية الإسبانيين اللذين يمثلان الحدود الوحيدة للاتحاد الأوروبي في القارة الإفريقية.