النائب بوانوكيف سمح البرلمان الأوروبي لنفسه بدعوة رئيسته لإحالة قرار “حول حقوق الإنسان وملاحقة الصحافيين في المغرب” على الحكومة والبرلمان المغربيان، تصرف البرلمان الأوروربي يكشف بقايا عقلية استعمارية مدانة تسمح لنفسها بانتهاك السيادة الوطنية لمؤسسات دولة شريكة.
جاءت مداخلة رئيس فريق العدالة والتنمية (معارضة)، إثر جلسة مشتركة عقدها، الاثنين، البرلمان المغربي بمجلسيه (النواب والمستشارين)، خصصها للرد على تصويت البرلمان الأوروبي على قرار حول حقوق الإنسان وملاحقة الصحافيين في المغرب.
وفي بيان تلقت “المغرب الآن” نسخة منه، قال عبد الله بوانو ، في إطار الإجماع الوطني الذي ميز أمتنا عبر تاريخها الطويل، في مواجهة الحملات التي تتعرض لها، إيمانا منا بأن المسار الذي خطته بلادنا في مجالات مختلفة، سياسية واقتصادية واجتماعية، هو مسار بناء ديمقراطي وتنموي طموح وواعد، مستهدف بالتشويش والإرباك ممن يتصرفون بعقلية الاستعمار والهيمنة، ومنطق الحماية والتبعية.
وتابع بوانو، قوله بأن هذا المسار الذي يظهر في السياسة كما في غيرها من المجالات، تابع العالم جزء منه في منافسات كأس العالم بقطر، حيث حقق منتخبنا الوطني إنجازا تاريخيا، ليس بوصوله إلى نصف النهاية، وهو إنجاز كروي كبير، ولكن بالقيم التي نثرها لاعبوه على ملاعب قطر، وتابعتها الملايين في كل البلدان والقارات، قيم الأسرة الجامعة، وقيم ابتغاء رضا الخالق ورضا الوالدين، وقيم الصدح بالتوحيد، رمزا وصوتا، والانتصار لقضايا الأمة من خلال رفع علم فلسطين، كل هذا على مرأى ومسمع من الجميع، وخاصة المسؤولين السياسيين من أوروبا، الذين حضروا في بعض مباريات المنتخب الوطني، ومنهم من سبق له أن اعتبر بوقاحة شتم الرسول صلى الله عليه وسلم حرية تعبير.
إن هذا المشهد الذي عكس تميز وتفرد المغرب وتشبته بثوابته وهويته، مقدر في السياسة أن يكون له رد فعل تجاه بلادنا، لأنه يشكل تجاوزا للخطوط الحمراء التي حاولت أوروبا وغيرها، رسمها لنا وللدول التي تشبهنا.
وأضاف النائب البرلماني بوانو، نؤكد في المجموعة النيابية للعدالة والتنمية من منطلق قناعات حزبنا الراسخة ومرجعيته الوطنية الثابتة في الدفاع عن سيادة ووحدة وهوية وطننا، إدانتنا القوية لقرار البرلمان الأوروبي ورفضنا الجازم لكل الإملاءات الخارجية، أيا كان مصدرها وتحت أي عنوان أو ذريعة كانت وفي أي موضوع كان.
وقال موقف حزبنا مؤسس على رفض الحزب المبدئي والمطلق لأي تدخل أجنبي في قضايانا الداخلية، وإيمانه العميق بأن الشعب المغربي وقواه الحية بقيادة جلالة الملك حفظه الله وفي إطار الثوابت الوطنية الجامعة والاعتزاز المتين بهويتنا الإسلامية والحضارية قادر على التصدي لكل المؤامرات ومواجهة كل التحديات ومعالجة كل الاختلالات.
واستغرب بوانو، بكون البرلمان الأوروبي سمح لنفسه بإعطاء الدروس وتوجيه الإملاءات بمنطق محكوم بالوصاية في حق دولة مستقلة وشعب عريق رسم مساره بنفسه في بناء دولته الوطنية المستقلة وترسيخ الحقوق والحريات الدستورية بفضل نضال قواه الحية وشعبه الحر ومازال.
وأضاف ،إن تعبير حزبنا عن موقفه الرافض والمدين لكل تدخل خارجي في الشؤون الداخلية لبلدنا هو موقف من موقع حزب وطني مسؤول ومستقل، إذ بقدر ما يرفض بقوة هذه الوصاية الاستعمارية، لا يتردد في التنبيه إلى الاختلالات الموجودة والمطالبة بمعالجتها، في إطار السيادة الوطنية والمؤسسات الدستورية.
وتابع إذ ، نؤكد في المجموعة أن عزم بلادنا على صيانة استقلالية قراره وتحصين سيادته ووحدته الوطنية والترابية لا يعادله إلا حرصه الكبير على مواصلة إقرار الحقوق والحريات الدستورية ومعالجة كل الإشكالات المرتبطة بها والتي لا يتوانى أبناؤه البررة من إثارتها والدعوة إلى معالجتها، دونما حاجة لأي تدخل أجنبي أو وصاية خارجية.
البرلمان المغربي يقرر إعادة النظر في علاقاته مع البرلمان الأوربي وإخضاعها لتقييم شامل
إن علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي، بمختلف مؤسساته، ليست وليدة حدث أو زمن قريب، ولقد دبر المغرب دائما هذه العلاقة في إطار الندية والاستقلالية والسيادة الوطنية رافضا وهو الدولة العريقة، أن يتم التعامل معه كملحق أو تابع لأحد، أو أن يكون حديقة خلفية لأي كان، ولم يقبل ولن يقبل في أي وقت وتحت أي ظرف الوصاية أو التدخل في سيادته ووحدته الوطنية والترابية أو التدخل في شؤونه ومشاكله الداخلية التي تبقى موضوعا يهم المغاربة وحدهم بمختلف مؤسساتهم وقواهم وممثليهم ولا يحق لأي طرف أجنبي أن يسمح لنفسه بالتدخل فيها.
وفي هذا الصدد، ننبه في المجموعة إلى الانحراف الخطير الذي تعرفه للأسف بعض مؤسسات الاتحاد وعلى رأسها البرلمان الأوروبي الذي تحول إلى منصة تسخرها بعض دول الاتحاد في مساعيها لتحقيق مصالحها الخاصة، بعد أن فشلت في فرض سياساتها وتصوراتها على بلدنا للحد من تطوره التنموي ومن انفتاحه على محيطه ومن تنويع شراكاته، في اعتزاز بهويته وثوابته وسيادته ووحدته، وأصبحت هذه الدول تتخفى وتسخر من وراء الستار وبشكل مفضوح البرلمان الأوروبي لممارسة الابتزاز والضغط بالوكالة على المغرب، المغلف بالدفاع عن الحقوق والحريات الذي يغيبها ويستدعيها بطريقة ماكيافيلية حسب الأحوال والظروف.
إن هذا القرار سواء من حيث خلفياته والقائمين عليه أو من حيث تركيبة داعميه أو المصوتين عليه أو من حيث مراميه وأهدافه، يمثل انحرافا جسيما على قواعد الشراكة وحسن الجوار التي جمعت المغرب بالاتحاد الأوربي، وضربة لما تراكم طيلة عقود على مستوى العلاقات بين كل من البرلمان المغربي والبرلمان الأوربي من فضاءات حوار وتواصل مبني على الاحترام والتقدير والمصالح المشتركة، وليس الإساءة او الوصاية مثلما جسده هذا القرار.
ولا يسعنا في الختام إلا أن نستغرب أيضا في المجموعة النيابية كيف سمح البرلمان الأوروبي لنفسه بدعوة رئيسته لإحالة هذا القرار على الحكومة والبرلمان المغربيان، وننبهه إلى أن تصرفه هذا يكشف بقايا عقلية استعمارية مدانة تسمح لنفسها بانتهاك السيادة الوطنية لمؤسسات دولة شريكة، وهو أمر مرفوض وغير مستساغ من مؤسسة المفروض فيها أن تحترم سيادة واستقلال الأمم والشعوب، كما تكشف جهل البرلمان الأوروبي بنطاق سيادته التشريعية والرقابية وبمجال تدخله الجغرافي الذي يبدأ وينتهي عند حدود دول الاتحاد الأوروبي.