“500 درهم للأضحية”.. ما قصة الدعم لخروف العيد الذي أثار الجدل بالمغرب؟

0
408

استياء عاما في البلاد؛ بسبب الأسعار الباهظة التي لن تمكن الكثير من الأسر من الاحتفال بالعيد كما اعتادوا.

خلف تصريح مسئولين مغاربة بشأن وجود أضاحي بمبلغ “700 درهم” (70 دولارا) جدلا كبيرا بين المغاربة، وذلك قبيل أسابيع من حلول عيد الأضحى.

واحتدم النقاش  تحت قبة البرلمان، بعد أن انتقد أحد النواب قرار الحكومة تخصيص مبلغ 500 درهم (حوالي 50 دولار) مقابل كل رأس يتم استيراده من الخارج “بهدف تخفيض تكاليف استيراد الأغنام نظرا لارتفاع الأسعار في السوق العالمية وتوفير الأضاحي بأسعار مناسبة في الأسواق المحلية”.

وجاء في سؤال برلماني موجه لوزير الفلاحة بأنه “كان حريا إيجاد صيغة لدعم المواطن الفقير بصفة مباشرة من خلال اعتماد قاعدة الاحصائيات المتوفرة” مع وضع آلية لضبط أسعار بيع هذه الأضاحي وحماية الأسواق من المضاربين والسماسرة.

ويأتي الدعم الحكومي إلى جانب إجراءات أخرى في خضم أزمة غلاء مجموعة من المواد الأساسية في خضم موجة تضخم هي الأعلى منذ التسعينات (نحو 10٪)، مما يثير تساؤلات حول مدى نجاعة دعم مستوردي الأغنام في التخفيف من القدرة الشرائية للمواطنين.

فخلال الفترة الماضية، انتشر على مواقع التواصل وسم #إلغاء_عيد_الأضحى، مطالبين الحكومة بضرورة منع نحر الأضاحي هذا العام بسبب الأزمة الاقتصادية.

لكن رئيس الحكومة الملياردير عزيز أخنوش  أكد أنه بالإمكان إحياء شعيرة الأضحى المقدسة لدى المسلمين، والمتزامنة مع موسم الحج، مضيفا أن حكومته تعمل على ضبط الأسعار لتبقى في متناول المواطنين.

ورغم أن التصريحات الحكومية والتقارير الصحفية تفيد بوفرة الماشية في المغرب، لكن استطلاعات الرأي المصورة المنتشرة في المواقع الإخبارية المغربية تعكس استياء عاما في البلاد؛ بسبب الأسعار الباهظة التي لن تمكن الكثير من الأسر من الاحتفال بالعيد كما اعتادوا.

في سياق متصل، قال رئيس الاتحاد المغربي لجمعيات حماية المستهلكين، محمد كيماوي، بأن الحكومة تنهج نفس الخطة والإجراءات التي اعتمدتها بالنسبة لمستوردي الأبقار بهدف تخفيض أثمنة اللحوم “إلا أن ذلك أثبت فشله وهو خطأ لا يجب الوقوع فيه مرة أخرى بالنسبة للأضاحي”.

وتابع  أن أموال الدعم التي توجهها الحكومة لمستوردي الأغنام هي من المال العام ومن مال دافعي الضرائب ولا يجب صرفها دون محاسبة في غياب أي شروط لمراقبة ومتابعة هذه الأغنام المستوردة والأثمنة التي ستباع بها.

وحذّر كيماوي من التسيب في الأسعار من قبل الوسطاء والمضاربين “وهو الأمر الذي تعجز الحكومة على الحد منه مع اقتراب عيد الأضحى”، مؤكدا أن الدعم الحكومي لن يكون له أي تأثير على التخفيف من القدرة الاستهلاكية للمواطنين في ما يخص شراء أضحية العيد.

وارتباطا بذلك، ينتقد كيماوي، توجيه الدعم للمستوردين بدل استفادة الفلاحين المغاربة منه خاصة مربي المواشي الذين يعانون من ارتفاع تكلفة الإنتاج لاسيما مع أزمة ندرة المياه وغلاء الأعلاف.

ويوضح الكابت والمحلل ،جمال السوسي، أن الإعداد لقرارات حكومة أخنوش يحب أن  تكون وفق معطيات موضوعية مبنية على إحصاءات حكومية، وعلى مدى وفرة قطيع الماشية أو عدم الوفرة، مضيفا أن الحكومة أكدت أن إقامة الشعيرة لن يكون لها تأثير على القدرة الشرائية.

“هذا هو مبعث التخوف، فالحديث اليوم عن ندرة الماشية بحكم تداعيات الجفاف، وأن إقامة الشعيرة هذه السنة سوف تؤدي بالمحصلة إلى ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق”.

أما نبيلة منيب، أمينة عام الحزب الاشتراكي الموحد، فترى أن على الدولة تحديد الأسعار بما يتناسب مع دخل غالبية الشعب، إذ يتخطى ثمن الخروف الواحد دخل الموظف لشهر كامل.

وقالت منيب في فيديو مصور نشرته على الإنترنت، إنه على الدولة أن تنظر في أمر الفقراء وتوزع عليهم الأضاحي بدلا من المجهودات الشعبية أو دفعهم للاقتراض، موضحة أن هؤلاء أولى من البرلمانيين الذين توزع عليهم الأضاحي ضمن امتيازات مقاعدهم في البرمان، وفق منيب.

ومن جانبه، بيّن رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، عبد الرحمان مجدوبي، في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، أنه رغم دعم المستوردين بـ500 درهم لكل رأس إلا أن الأغنام المستوردة لا تزال أثمنتها مرتفعة مقارنة مع الأسواق المحلية.

ويفيد مجدوبي بأن المنتوج الوطني لوحده يكفي لحجم طلب المغاربة وهو يتوزع على الأسواق بجودة عالية وأثمنة في المتناول عكس ما يتم ترويجه، مشيرا إلى أنه حاليا ليس هناك أي نقص بل “العرض يفوق الطلب”.

وفي هذا السياق، يقول مجدوبي إن “الأسواق المغربية توفر خرفانا جيدة ابتداء من 1500 درهم ونعاجا بـ 700 درهم”، مردفا أنه مقارنة مع أسعار الأضاحي خلال السنة الماضية فهناك زيادة طفيفة وأن ما يتم ترويجه من غلاء يرجع أساسا لتوجه بعض المستهلكين لشراء أضاحيهم من الوسطاء والمضاربين.

وبشأن نجاعة الدعم الحكومي لمستوردي الأغنام، يستبعد مجدوبي أن يكون له أي تأثير لاسيما أن كمية الاستيراد لن تتعدى في مجملها على الأكثر 10 آلاف رأس “والتي يتم تسويقها داخل الأسواق الصغيرة أو ما يسمى بالأسواق الأسبوعية”.

وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، قد أكد على أن الإجراءات الحكومية المرتبطة بتزويد الأسواق المحلية برؤوس الأغنام والماعز ودعم المستوردين ستعطي نتائجها بتوفير الأضاحي بشكل كبير.

وأضاف بايتاس في ندوة صحفية عقب اجتماع المجلس الحكومي، الأربعاء، أن هذه الإجراءات ستساهم إلى حد كبير في التحكم في أسعار الأضاحي، لافتا إلى أن جميع المؤسسات تشتغل في مجال مراقبة الجودة وتتبع الأسعار.

وأبرز وزير الفلاحة المغربي، محمد الصديقي، في عرض حول برنامج التحضير لعيد الأضحي خلال اجتماع المجلس الحكومي، أن الوزارة أعدت برنامجا للتتبع المستمر لوضعية تموين السوق بالماشية المخصصة لعيد الأضحى وكذا الحالة الصحية للقطيع منذ 2022، مؤكدا أن “العرض يغطي الطلب بكثير”.

وذكر الصديقي، أن العرض المرتقب للأغنام والماعز لعيد الأضحى يبلغ نحو 8 ملايين رأس ويقدر الطلب بحوالي 5.6 مليون رأس، وقد تم ترقيم 6٫6 ملايين رأس من الأغنام والماعز المعدة لعيد الأضحى بمجموع التراب الوطني.

تجدر الإشارة إلى أن وزارة الفلاحة المغربية أعلنت أنها منذ بداية سنة 2022، أعدت برنامجا للتتبع المستمر لوضعية تموين السوق بالماشية المخصصة لعيد الأضحى وكذا الحالة الصحية للقطيع، حيث يبلغ عرض الأغنام والماعز لعيد الأضحى نحو 8 ملايين رأس، ويقدر الطلب بحوالي 5,6 مليون رأس، حيث إن العرض يغطي الطلب بكثير.

وفي السياق ذاته، أبرزت الوزارة أن المصالح البيطرية لمكتب السلامة الصحية سجلت أكثر من 242 ألف وحدة لتربية وتسمين الأغنام والماعز المخصصة للعيد، كما يقوم المكتب، مع اقتراب عيد الأضحى، وفق صديقي، بتعزيز عمليات مراقبة وتتبع تشمل على الخصوص مراقبة جودة مياه شرب الأضاحي وأعلاف الماشية والأدوية المستعملة في الضيعات ووحدات التسمين.