هل حكومة رجل الأعمال أخنوش ‘تراوغ’ الجالية المغربية؟..عوض سحب مشروع القانون تقرّر التفاوض مجدداً حول اتفاقية تخص الجالية المغربية بالخارج

0
360

ينتشر استياء كبير وسط الجالية المغربية بالخارج من ما أعلنت عنه الحكومة بفتح التفاوض من جديد، حول اتفاقية تبادل آلي للمعلومات الشخصية للمغاربة المقيمين بالخارج، بما في ذلك حساباتهم المصرفية والعقارات التي يمتلكونها في بلدهم الأصلي، بعد توقيع المملكة عليها في 25 يونيو/ حزيران 2019، مع مجموعة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. فيما يعول البعض على تدخل ملكي لإعادة المياه إلى مجاريها.

اعتبر رئيس الرابطة العالمية للمغاربة المقيمين بالخارج، جمال السوسي، إن حكومة رجل الأعمال أخنوش تراوغ ولم تعط أي جواب واضح وصريح حول اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات المثيرة للجدل، خلال تصريحات لوزيري الخارجية والمالية ، ناصر بوريطة وفوزي لقجع، في اجتماع لجنة الخارجية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، الغريب في الأمر  لماذا لم يتم سحب مشروع القانون المتعلق بالاتفاقية التبادل الآلي للمعلومات، كما تم سحب مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي والذي يتضمن مادة حول تجريم الإثراء (الكسْب) غير المشروع والتي أثارت الكثير من الجدل داخل المؤسسة التشريعية، وفق تعبيره.

وخير دليل على ما نحن فيه ، منذ أن أحالت حكومة عبد الإله ابن كيران مشروع القانون الجنائي والذي يتضمن مادة حول تجريم الإثراء (الكسْب) غير المشروع على مجلس النواب بتاريخ 24 يونيو 2016، ظل مشروع القانون الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، خصوصا الفصل المتعلق بالإثراء غير المشروع، مثار جدل ونقاش واسع دون أن يعرف الانفراج.

وفي عهد الحكومة الجديدة اليت يقودها الملياردير أخنوش، توصل مجلس النواب بتاريخ 28 أكتوبر المنصرم برسالة من رئيس الحكومة عزيز أخنوش تطلب سحبه من المجلس، حيث بررت خطوتها “بضرورة مناقشة مشروع القانون المثير للجدل في شموليته”، وفق ما قاله الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس.

وفي اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات، قرّرت اللجنة تأجيل التصويت على مشروع القانون المتعلق بالاتفاقية التبادل الآلي للمعلومات، مع “دعوة مكتب مجلس النواب، لرفع توصية إلى الحكومة للتفاوض من جديد حول بعض البنود”.




وأحدثت اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات، ضجة كبيرة في أوساط أفراد الجاليات المغربية، بسبب انتشار أنباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بكونها تتضمن مقتضيات يتم بموجبها تبادل آلي للمعلومات الشخصية للمغاربة المقيمين بالخارج، بما في ذلك حساباتهم المصرفية والعقارات التي يمتلكونها في بلدهم الأصلي، بحسب الموقع الرسمي للبرلمان.

وقال بوريطة: “تأجيل البرلمان المصادقة على الاتفاق متعدد الأطراف، بين السلطات المختصة، بشأن تبادل الإقرارات عن كل بلد، سيعزز قدرة تفاوض الطرف المغربي لحماية مصالحنا”.

وزاد: “الإرجاء سيساعدنا لنأتي باتفاقية يقرها البرلمان بالإجماع”.

وعبرت الكتل البرلمانية (أغلبية ومعارضة)، في اجتماع اللجنة البرلمانية، رفضها لمضمون الاتفاقية، لكونها تتعلق بـ”تبادل المعطيات الشخصية لمغاربة”.

من جهته، قال لقجع: “لدينا موقف موحد، سيسمح لنا بالتفاوض كي لا تكون لنا قراءات مختلفة للاتفاقية، سنوضح أننا منخرطون في عمليات محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، لكن مصالح الجالية لن تمس”.

وأضاف: “بعد المفاوضات سنعود إليكم بخلاصاتها، وسنتفاوض من أجل توضيح كل التفاصيل، وستتدخل الحكومة لحذف أي جملة من الاتفاقية تضر بمصالح الجالية”.

وتقول المذكرة التقديمية لمشروع القانون المتعلق بالاتفاقية، إن “الاتفاق يشكل نموذجا لإطار قانوني، ذي طابع دولي، يسمح للدول الأعضاء، بممارسة الشفافية في المجال الضريبي”.

وتتيح الاتفاقية للإدارات الضريبية، “ولوج المعلومات حول التوزيع العالمي للأرباح، والضرائب المدفوعة، ومؤشرات معينة من موقع النشاط الاقتصادي، لمجموعات الشركات المتعددة الجنسيات، وذلك بفضل التبادل الآلي للتصاريح السنوية لكل بلد”.

وأثارت الاتفاقية، وفق مراقبين، تخوفا خاصة لدى الجالية المغربية المقيمة بالخارج، لأنه بعد معرفة دول الاستقبال باستثماراتهم في المغرب، فإنها يمكن أن تفرض عليهم ضرائب أو تتخذ بحقهم إجراءات لا تكون في صالحهم.

وفي 2009، تأسس المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات للأغراض الضريبية، من طرف كل من مجموعة العشرين، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، لتطبيق المعايير الدولية لتبادل المعلومات.

استطاع المغاربة المقيمين بالخارج أن يحافظوا على ريادتهم المالية والاستثمارية في دعم بلادهم، سواء على المستوى الرياضي أو الثقافي أو الاقتصادي، خاصة أنهم يشكلون أول مصدر للعملة الصعبة ويحركون عجلة الاقتصاد عبر تحويلاتهم المالية وزياراتهم المتكررة.

وما تزال التحويلات المالية للمغاربة المقيمين بالخارج في ارتفاع مستمر، ولم تتأثر بتداعيات كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية، إذ تشكل المصدر الأول للنقد الأجنبي في البلاد.

وقال مكتب الصرف (حكومي) إن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بلغت 45.17 مليار درهم (4.5 مليار دولار) خلال الأشهر الـ5 الأولى من 2023، مقابل 39.29 مليار درهم (3.9 مليار دولار) على أساس سنوي.

وأوضح المكتب في تقرير له أن هذه التحويلات سجلت بذلك ارتفاعا بنسبة 14.9 في المئة.

ويعتبر قطاع العقارات واحدا من المجالات الأساسية التي يفضل المغاربة المقيمون في الخارج استثمار أموالهم فيها، إذ كشفت وزيرة التعمير والإسكان المغربية فاطمة الزهراء المنصوري خلال جلسة برلمانية أن 70 في المئة من استثمارات أفراد الجالية المغربية مرتبطة بالعقار.

وأكدت المنصوري حرص الوزارة على تسهيل ولوج المغاربة المقيمين بالخارج للإدارة وتيسير مساهمتهم في تنمية بلدهم الأم إما عن طريق اقتناء سكن أو عقار للاستثمار.

وأبرزت أن الوزارة نظمت النسخة الأولى من حملة مواكبة مغاربة العالم في الفترة بين 28 يوليو/تموز و10 أغسطس/آب 2022، وذلك عبر تجهيز فضاءات للاستقبال بجميع نقاط العبور كالمطارات والموانئ وأيضا بباحات الاستراحة.

وتساهم الجالية المغربية كذلك في تحريك عجلة التجارة في عدد من المدن، خاصة في فصل الصيف، حيث يختار جزء كبير منهم قضاء هذه العطلة في مدنهم الأصلية.

وتعد عودة المغاربة المقيمين بالخارج إلى بلادهم خلال عطلة الصيف من بين أكبر عمليات التنقل في العالم، حيث يتراوح عددهم بين مليونين وثلاثة ملايين مغترب.

فقد زار خلال الصيف الماضي، أزيد من 3 ملايين مغربي من أفراد الجالية بالخارج بلادهم، بزيادة 198 في المئة مقارنة بسنة 2021، و4 في المئة مقارنة بـ2019.

وقال المجلس الاقتصادي والاجتماعي (حكومي) مؤخرا، إن عدد المغاربة المسجلين لدى شبكة قنصليات المملكة عبر العالم بلغ 5.1 مليون شخص حتى أبريل/نيسان 2021.

وأضاف المجلس في تقرير له صادر عام 2022، أنهم يمثلون 15 في المئة من سكان المغرب.. “حجم التحويلات المالية لمغاربة العالم تمثل 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي”.

ويساهم المغتربون خلال فصل الصيف في الحركية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، خصوص بمجالات العقار والسياحة والتجارة والاستثمار، فضلا عن الجانب الاجتماعي، عبر بناء مؤسسات ومرافق تقدم خدمات اجتماعية مختلفة.

وتشهد عدد من مدن المملكة انتعاشا وحركية اقتصادية، خلال فصل الصيف جراء عودة المغتربين، وذلك بعد “كساد” طوال باقي أشهر السنة، عبر اقتناء العقارات والسفر، وهو ما ينعش الحركة التجارية، خصوصا بالمناطق الساحلية والسياحية.

ويبلغ عدد المغاربة المقيمين بالخارج حوالي 5 ملايين نسمة موزعين في أكثر من مئة بلد، أغلبهم في أوروبا، وهو ما يجعلهم ثاني أكبر جالية لبلد أفريقي، ويقوم حوالي 42 في المئة منهم بتحويل أموال إلى أفراد من أسرهم.

وتستقبل أوروبا 89 في المئة من المهاجرين المغاربة (4.5 ملايين)، فيما يتوزع البقية على أكثر من 100 بلد في العالم (في آسيا 202 ألف، وفي أفريقيا 212 ألفا، وفي أميركا 150 ألفا).

وتضم فرنسا أكبر عدد من مغاربة العالم بأكثر من مليون شخص، وفي إسبانيا بلغ عددهم 900 ألف، أما في بلجيكا فقد بلغ عددهم 570 ألفا، وفي هولندا نحو 415 ألف مغربي، وفي إيطاليا 423 ألفا.

وسطع نجم عدد من أبناء الجالية في سماء كرة القدم العالمية، خاصة في الدوريات الأوروبية، حيث يتكون أغلب عناصر الفريق المغربي لكرة القدم من مغاربة محترفين في هذه الدوريات.

ولعل احتلال المغرب المرتبة 4 في مونديال قطر، أبرز مثال على الخدمة التي يقدمها المغتربون لبلدهم في المجال الرياضي، فضلا عن وصول عدد منهم إلى مناصب عليا في بلدان الاستقبال.