إنقلاب آخر في الغابون يلغي نتائج الانتخابات ويحل كل المؤسسات وضع علي بنغو قيد الإقامة الجبرية

0
291

أعلن مجموعة من كبار ضباط الجيش في الغابون، اليوم الأربعاء، استيلاءهم على السلطة ووضع الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية بعد ساعات قليلة من إعلان لجنة الانتخابات فوزه بولاية رئاسية ثالثة، في حين خرجت في شوارع العاصمة ليبرفيل مظاهرات مؤيدة للانقلاب.

أكدت مجموعة كبار ضباط الجيش تضم أكثر من 10 ضباط في الغابون في بيان تلي عبر محطة “غابون 24” التلفزيونية إلغاء نتائج الانتخابات وحل كل مؤسسات الجمهورية.




وأكدوا أنهم يتحدثون باسم “لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات” أنهم “بسبب حوكمة غير مسؤولة تتمثل في تدهور متواصل للحمة الاجتماعية ما قد يدفع بالبلاد إلى الفوضى، قررنا الدفاع عن السلام من خلال إنهاء النظام القائم”.

وقالت المجموعة، إنها تمثل جميع قوات الأمن والدفاع في البلاد. وأرجعت الخطوة التي أقدمت عليها إلى افتقار الانتخابات العامة الأخيرة للمصداقية.

الرئيس الغابوني بونغو تحت الإقامة الجبرية

وبعد ساعات من البيان الأول، أعلن قادة الانقلاب عبر التلفزيون الرسمي وضع الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية واعتقال أحد أبنائه وأعضاء بالحكومة بتهمة الخيانة العظمى.

وقال الانقلابيون إن بونغو محاط بعائلته وأطبائه. وكانت آخر مرة ظهر فيها بونغو عندما أدلى بصوته في الانتخابات التي جرت السبت.




ولم يصدر حتى الآن تعليق من حكومة الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

ولم ترد تقارير بعد عن مكان بونغو الذي كان آخر مرة ظهر فيها علنا عندما أدلى بصوته في الانتخابات يوم السبت.

وقال الضباط “باسم الشعب الغابوني قررنا الدفاع عن السلام من خلال وضع نهاية للنظام الحالي”.

وقرأ أحد الضباط البيان المشترك بينما وقف أكثر من عشرة خلفه في صمت وهم يرتدون الزي العسكري.

وقدم الضباط أنفسهم بصفتهم أعضاء في لجنة الانتقال واستعادة المؤسسات. وشملت مؤسسات الدولة التي أعلنوا حلها الحكومة ومجلس الشيوخ والجمعية الوطنية والمحكمة الدستورية ومركز الانتخابات.

وإذا نجح هذا الانقلاب فإنه سيكون الثامن في غرب ووسط أفريقيا منذ 2020. وأدت انقلابات في مالي وغينيا وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر إلى تقويض التقدم الديمقراطي في المنطقة في السنوات القليلة الماضية.

وفي الشهر الماضي، استولى الجيش على السلطة في النيجر مما أثار موجات من الصدمة في أنحاء منطقة الساحل واجتذب قوى عالمية صارت مصالحها الاستراتيجية على المحك.

وخلال هذا الإعلان سمع صحافيو وكالة الصحافة الفرنسية إطلاق نار من أسلحة أوتوماتيكية في العاصمة ليبرفيل، كما أفاد مراسل من “رويترز” بسماع دوي إطلاق نار في العاصمة الغابونية في الساعات الأولى من صباح الأربعاء.

يأتي ذلك بعد إعادة انتخاب علي بونغو، الذي يحكم الغابون منذ 14 عاماً، رئيساً للبلاد لولاية ثالثة بحصوله على نسبة 64.27 في المئة من الأصوات، بحسب ما أعلنت الهيئة الوطنية المكلفة الانتخابات.




اوتفوق بونغو في انتخابات جرت بدورة واحدة على منافسه الرئيسي ألبير أوندو أوسا، الذي حصل على 30.77 في المئة، فيما حصل 12 مرشحاً آخر على ما تبقى من أصوات بحسب ما أوضح ستيفان بوندا رئيس المركز الغابوني للانتخابات عبر التلفزيون الرسمي، وبلغت نسبة المشاركة 56.65 في المئة.

وتصاعد التوتر في الغابون وسط مخاوف من حدوث اضطرابات بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والتشريعية التي أجريت يوم السبت، وسعى بونغو من خلالها لتمديد قبضة عائلته المستمرة على السلطة منذ 56 عاماً فيما ضغطت المعارضة من أجل التغيير في الدولة الفقيرة والغنية في الوقت نفسه بالنفط والكاكاو.

وأثار غياب المراقبين الدوليين وتعليق بث بعض وسائل الإعلام الأجنبية وقرار السلطات قطع خدمة الإنترنت وفرض حظر ليلي للتجوال في جميع أنحاء البلاد بعد الانتخابات مخاوف بشأن شفافية العملية الانتخابية.

وأحبطت الغابون انقلاباً عسكرياً في يناير (كانون الثاني) 2019 بعد أن استولى جنود لفترة وجيزة على محطة إذاعية وبثوا رسالة مفادها أن بونغو الذي عانى من جلطة قبلها بأشهر لم يعد صالحاً للمنصب.لكن تم تدارك الموقف بعد ساعات بعد مقتل اثنين ممن يشتبه في تدبيرهم الانقلاب واعتقال آخرين.

في السلطة منذ 2009

وتولى علي بونغو (64 سنة) الرئاسة خلفا لوالده عمر بونغو في 2009. وخاض السباق الرئاسي الأحدث ضد 18 مرشحا دعم ستة منهم أوندو أوسا في محاولة لتقليص الفارق.

وقالت الحكومة من قبل إن قطع خدمة الإنترنت وفرض حظر التجول ضروريان لمنع انتشار الأخبار الزائفة وحماية الأمن العام.

وفي 2016، تم إضرام النيران في مبنى البرلمان عندما نشبت احتجاجات عنيفة في الشوارع على إعادة انتخاب بونجو لولاية ثانية في خطوة أثارت الجدل والنزاع وقتها أيضا وقطعت الحكومة حينئذ خدمات الإنترنت لعدة أيام.

ورفض فريق بونغو اتهامات بتزوير الانتخابات أطلقها أوندو أوسا وتحالفه المعارض بعد تصويت شابه فتح العديد من مراكز الاقتراع أبوابها بعد الموعد المحدد بساعات.

كما أبلغ تحالف المعارضة عن مخالفات أخرى يقول إنها وقعت خلال التصويت منها عدم توزيع بطاقات اقتراع مرشحي التحالف بشكل صحيح في بعض المناطق. ولم يتسن لـ”رويترز” التحقق بشكل مستقل من تلك الاتهامات.

ولم تتم دعوة الاتحاد الأوروبي لمراقبة هذه الانتخابات. وتشكك مراقبون من التكتل من قبل في صحة فوز بونغو بفارق ضئيل في انتخابات رئاسية في 2016.

ويوم الإثنين، عبرت منظمة “مراسلون بلا حدود” المعنية بمراقبة وسائل الإعلام عن قلقها من قطع خدمة الإنترنت في الجابون وتعليق السلطات هناك لفترة مؤقتة بث محطات فرنسية دولية.

وقالت المنظمة في منشور على الإنترنت “مراسلون بلا حدود تندد بالهجمات الخطرة على حرية الصحافة وتعددية مصادر المعلومات وهي حقائق ستؤثر سلبا على الأرجح على شفافية الانتخابات العامة”.

واحتجت المعارضة على فوز بونغو في التصويتين الرئاسيين السابقين مشيرة إلى وقوع تزوير.

مشكلة كبيرة لأوروبا

قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن وزراء دفاع دول التكتل سيناقشون الموقف في الغابون، وإذا تأكد وقوع انقلاب هناك فذلك سيأتي بمزيد من الاضطرابات للمنطقة، ووصف ما يحدث في غرب أفريقيا بأنه يمثل مشكلة كبيرة لأوروبا.

وأضاف بوريل متحدثاً أمام اجتماع لوزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي في توليدو بإسبانيا “إذا تأكد ذلك، فسيكون انقلاباً عسكرياً آخر يزيد من الاضطرابات في المنطقة بأكملها”.

فرنسا تتابع عن كثب

قالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن، الأربعاء، إن بلادها تتابع الموقف في الغابون عن كثب، وذلك خلال إلقائها لخطاب أمام اجتماع للسفراء في باريس، ولم تقدم بورن أي تفاصيل أخرى.

قالت شركة التعدين الفرنسية “إراميت”، التي تملك وحدة “كوميلوج” لإنتاج المنجنيز في الغابون، الأربعاء إنها علقت جميع عملياتها في أعقاب التطورات التي وقعت خلال الليل بالبلاد. وانخفض سهم الشركة بنحو خمسة في المئة في أعقاب هذا الإعلان.

وقال متحدث باسم الشركة لـ”رويترز”، “بدءا من هذا الصباح تم تعليق كل عمليات كوميلوج وستراج، فضلاً عن وقف عمليات النقل عبر السكك الحديدية”.

و”كوميلوج” هي وحدة للتنقيب عن المنجنيز وتملك “إراميت” حصة أغلبية فيها، وستراج هي وحدة للنقل عبر السكك الحديدية.

وانخفض سهم “إراميت” 4.7 في المئة إلى 72.95 يورو بحلول الساعة 0702 بتوقيت جرينتش.