وزير العدل يطالب بتجريم مطالبة نزلاء الفنادق بتقديم عقد الزواج..معركة “تحويل الفنادق إلى بيوت دعارة” في البلاد؟!

0
389

تقرير: جمال السوسي

أصبح أهل الإسلام يلهثون وراء الغرب يُقلِّدونهم في كل شيء، لا يعبؤون إن كان هذا الشيء مُحرَّمًا ويصطدم بالشرع، أو مكروهًا والأَولى تركه، أو حتى تافهًا لا يستحق عناء كل هذا اللهث، وكأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حيٌّ بيننا يصف ما تحياه الأمة وصفًا دقيقًا مُعبرًا.

فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لتتبعُنَّ سَنَنَ من كان قبلَكم، شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضبٍّ تبعتُمُوهم))، قلنا: يا رسولَ اللهِ، اليهودُ والنصارى؟ قال: ((فمَنْ؟)) [البخاري: 7320].

الرباط – أكد وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي أنه سيمضي قدماً في تدشين مشروع قانون لتجريم مطالبة نزلاء الفنادق بعقد الزواج.

ويبدو أن عبد اللطيف وهبي وزير العدل والحريات، يسعى إلى توسيع هامش الحريات الفردية وحقوق المرأة (خاصة) في المملكة المغربية الشريفة بتشريع قانوني رغم الانتقادات التي تطاله بهذا الشأن، معتبرا أنه يجب تجريم مطالبة الوافدين على الفنادق بعقد الزواج ضمن معركة “تحديث المجتمع”.

وقال وهبي في لقاء نظمته المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان حول حصيلة فحص التقارير الوطنية للمغرب المقدَّمة للآليات الأممية لحقوق الإنسان، الأربعاء بالرباط “لا يمكن أن أسال مواطنة تملك البطاقة الوطنية وفي مستوى المسؤولية لماذا تريد أن تدخل إلى الفندق وهي تسكن في نفس المدينة.. هذه جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون”.

وأضاف “كما أن الرجل يمكن أن يدخل إلى الفندق ويستأجر شقة في المدينة حيث يسكن، يجب أن تعامل المرأة بالمثل”.

وتعاطى الوزير بنفس المنطق مع مسألة مطالبة الوافدين على الفنادق بعقد الزواج، حيث عبر عن رفضه لهذا الإجراء الذي تطبقه جميع الفنادق في المغرب، دون الاستناد على نص قانوني صريح، قائلا “كيف يمكن أن أسأل شخصين بالغين مسؤوليْن وأقول لهما إنه ليس من حقهما الدخول إلى الفندق لأنه ليس معهما عقد زواج”.

واعتبر أن هذه الممارسة تعني “أنني أقرر وأحكم مع نفسي أنهما جاءا إلى الفندق لارتكاب جريمة قبل حدوثها، وهنا أكون قد ارتكبت جريمة”.

ويحيل حديث وزير العدل إلى مشروع القانون الجنائي الذي ستناقشه الحكومة بعد أيام، إذ يبدو أنه سيتضمن نصا يمنع وإن بشكل غير مباشر، مطالبة نزلاء الفنادق بعقد الزواج.

وتتجه وزارة العدل إلى إحالة العديد من النصوص القانونية على الأمانة العامة للحكومة في الأيام القليلة المقبلة، لا سيما مشروع القانون الجنائي.

ولفت وهبي “المغرب لن يتمكن من الانفتاح والدخول إلى المستقبل إلا إذا قبل بتغييرات شجاعة وقوية ومؤثرة”.

وأضاف “أعرف أن هناك مجازفة؛ فإذا نجحنا فإن ذلك سيُحسب للجميع، وإذا أخفقنا سيتم تحميل المسؤولية للوزير.. ولكنني سوف أتحمل هذه المسؤولية إذ لا يجوز، احتراما لهذا الوطن واحتراما للمرأة، أن نتراجع في إنصاف المرأة ومنحها حقوقها، وإلا فنحن كجيل سنكون قد قمنا بخيانة تاريخية تجاه هذا البلد”.

في نوفمبر 2021 قالت مجلة “إيكونوميست” في تقرير بنفس العنوان إن “أصحاب الفنادق المتضررين يريدون من المغرب إضفاء الشرعية على ممارسة الجنس قبل الزواج” فيما القانون يقول إنه “بدون شهادة زواج لا يوجد مفتاح غرفة”.

واعتبرت المجلة “وزارة الداخلية عقبة كبيرة”. ونقلت عن وزير سابق قوله: “إنهم يخشون تحويل الفنادق إلى بيوت دعارة”.

وزعمت المجلة “يقول آخرون إن الشاغل الرئيسي هو المال: لا يريد المسؤولون خسارة الرشاوى التي يبتزونها من الفنادق والأزواج غير المتزوجين الذين يتنقلون فيها”.

وبحسب المجلة “تقترح مواقع السفر حلولاً بديلة. يقترح أحدهم ارتداء خاتم الزواج.. وآخر طريقة الغرفتين: استئجار غرف فردية، ثم انطلق بسرعة عبر الممر بعد حلول الظلام”. لكن آخرين سئموا النفاق. وقد تم إطلاق هاشتاغات مثلا “الحب ليس جريمة” و “Stop490” عبر الإنترنت.

وختمت “الإيكونوميست” تقريرها بالقول “المحافظون يحثون الشباب المغربي على احترام التقاليد. ويرد الشباب بالقول إن مقدمة المادة 490 قدمتها فرنسا في عام 1953، قرب نهاية الحقبة الاستعمارية. ويشيرون إلى دول إسلامية أخرى تتخلص من الأعراف القديمة، مثل الإمارات العربية المتحدة، التي توقفت عن تجريم ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج قبل عام. ويقول السعوديون إن فنادقهم توقفت عن مطالبة الأزواج بإبراز شهادات الزواج”.

ورغم أنه لم يتم بعد الإفراج عن مشروع القانون الجنائي الجديد في المغرب أو الكشف عن مضامينه، إلا أن العديد من تصريحات وزير العدل أعطت انطباعا بأن المشروع قد يحمل جديدا بخصوص الفصول التي يرى حقوقيون أنها “تقيد” الحريات الفردية والتي تثير سجالا حادا بين مطالبين بإلغائها أو تعديلها ومنادين بالإبقاء عليها.

وفي تأكيد على الاستمرار في رفع سقف التحدي أمام خصومه ومعارضيه، قال وهبي: “على السياسي أن يتحدث بوضوح، وأن يفكر كثيرا قبل أن يغلق فمه، إذا كان علي تحمل الشتم والسب والاتهامات في مواقع التواصل الاجتماعي من أجل المرأة المغربية ومن أجل بلدي، فأهلا وسهلا، سيغفر الله ذنوبي بهذا.

ويعوّل وهبي على الدعم الملكي للدفع قدما بالإصلاحات القانونية التي يدافع عنها، لاسيما بعد أن وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس رسالة إلى رئيس الحكومة بشأن تعديل مدونة الأسرة.

وتشكلت لجنة لتعديل مدونة الأسرة، تتكون من وزير العدل والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة والأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان والوزيرة المكلفة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.

واجتمعت اللجنة بعد الأمر الملكي للاشتغال وفق منهجية المزاوجة بين مركزية الأبعاد القانونية والقضائية، مع زوايا النظر الشرعية والحقوقية، أو المتعلقة بالسياسات العمومية في مجال الأسرة، بوصفها الخلية الأساسية للمجتمع.

وحسب خبراء قانونيين فإن مدونة الأسرة لن تكون خاصة بالمرأة فقط، بل ستعمل على الحفاظ على حقوق مكونات الأسرة، يعني المرأة والرجل والأطفال بما يتماشى مع التغييرات المجتمعية الحالية.

ومن بين الأمور المنتظر تعديلها في النسخة الجديدة من مدونة الأسرة في المغرب هو زواج القاصرات، إذ يسمح القانون القديم بزواج الفتيات أقل من 18 سنة، شرط أن يتم عقد القران على يد قاض في محكمة الأسرة.

وتسعى لجنة تعديل مدونة الأسرة إلى إلغاء زواج القاصرات أقل من 18 سنة بشكل نهائي، ومحاسبة كل من ساهم في أي زيجة لفتاة قاصر، لأن طفلة في هذه السن غير مؤهلة لتأسيس أسرة ورعاية أطفال.

كما تسعى المدونة الجديدة أن يكون للزوجين معاً حق في الأموال والممتلكات التي تم اكتسابها خلال فترة الزواج، سواء كانت في اسم الرجل أو المرأة، وإذا حصل الطلاق فإن للاثنين معاً نصيب في هذه الأموال.

ومن المتوقع أن تتضمن مدونة الأسرة حق اقتسام الأموال المكتسبة إبان العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة إذا حصل طلاق الزوجة تشارك في الإنفاق وتساهم مادياً إذا كانت تعمل، كما أنها تتحمل مسؤولية تدبير البيت وتربية الأبناء.

ومن المتوقع أن تُبقي النسخة المعدلة من قانون مدونة الأسرة موانع الزواج على رأسها التعدد، فإذا كانت الزوجة وضعت شرط عدم التزوج عليها، فعقد قران الرجل على الجديدة يبقى مقروناً بموافقة المرأة الأولى.

ويقول الفصل 40 باب الموانع المؤقتة للزواج في النسخة الحالية من مدونة الأسرة “يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها”.

وستبقي النسخة الجديدة من المدونة شروط توفر الرجل على الموارد المادية للتعدد لإعالة الأسرتين، وضمان جميع الحقوق من نفقة وإسكان ومساواة في جميع أوجه الحياة، ولن تأذن له المحكمة في غياب أي مبرر استثنائي موضوعي.

ويبقى للمرأة الحق أن ترفع دعوى قضائية تثبت من خلالها بالحجج عدم المساواة بينها وبين الزوجة الأخرى أو عدم الإنفاق عليها وعلى أطفالها، حتى وإن تمت الزيجة ومرت عليها سنوات.