•لو افترضنا أن خطيب الجمعة أنهى خطبتيه وقال،جزاكم الله خيرا على استماعكم لخطبتي هذه المتميزة والثرية والهادفة والمفيدة،هل سيكون الأمر منطقيا بحضور خمسين أو مئة شخص مثلا ؟!
•كاتب صحفي أنهى مقالته بعبارة ،”فائق امتناني لقراءتكم مقالي المدهش والحصيف هذا ،والذي قدم لكم خلاصة لم يقدمها سواي”
•فنان في سهرة تلفزيونية مباشرة وبعد نهاية السهرة،خاطب الملايين قائلا “أشكر المشاهدين على متابعتهم لأغانيّ الرائعة ولأدائي المتميز خلال هذه السهرة “،
•مذيع اختتم نشرة الأخبار بقوله “أشكركم على متابعتكم لهذه النشرة ولأدائي الرائع فيها،
•هل يبدو الأمر عاديا ؟؟
بالطبع لا ،
منذ زمن بعيد وحتى في ظل فترات أحادية وازدهار الإذاعة والتلفزيون والصحافة،معروف أنه لايجوز بأي حال من الأحوال أن تكون أنت بصفتك المذيع أو مقدم البرنامج مهما بلغ شأنه أن تتحول الى حَكَم ،فتقرر أن محتوى ماقدمته كان عظيما أو مدهشا ،بل عليك ترك الحُكم للمتلقي ،
فما بالكم الآن في زمن متغير تماما ،قد لايشاهد أحد محتواك في الأصل،في وقت تفرض أنت رأيك على ماتبقي من متابعيك بأن محتواك هو الأفضل والأجمل والأروع…
•تخيلوا أن مذيعين ومقدمين يخالفون كل هذه البديهيات والمُسَلّمات المهنية يوميا ويختتمون برامجهم مخاطبين الملايين بعبارات إطلاق الأحكام من قِبلهم على أنفسهم على غرار (انتهت حلقتنا الأكثر من رائعة،،وصلنا الى ختام هذه الحلقة المتميزة ،،انتهى هذا البرنامج الرائع …
يعني يتحولون الى مقدمين ومتلقين في الوقت ذاته ،وهذا مستحيل ،فعناصر العملية الاتصالية والإعلامية (مرسل ومحتوى ومستقبِل ورجع صدى )
•الأدهى من ذلك هو أن يفتتح مذيع ومقدم برنامجه بعبارات الحكم هذه ،كأن يقول (أهلا بكم الى هذه الحلقة الرائعة !)،فيكون الحكم منذ المقدمة ،
•في كل مؤسسات الإعلام العالمية والمهنية،فإن هذا المسلك يعد مخالفة مهنية ،تؤخذ على المذيعين والمقدمين ،ويتم منعها،وتدرس دورات وتعطى محددات في هذا الشأن ،
•ليس عيبا أن نخطئ ونكرر ،ولكن العيب أن نتجاهل مثل هذه المسلمات والعيب الأكبر ألا نتعلم ولا نتدرب ،ففي العرف المهني (لا أحد فوق التدريب )،خاصة في مجال الاعلام الذي يتطور كل يوم ،وقاعدته التي لاتتغير هي (تدرّب ثم تدرّب ثم تدرّب)،،