تقرير ..المغرب يتفوق على إسبانيا وهولندا في تصدير الطماطم إلى المملكة المتحدة لهذه الأسباب تدهورت القدرة الشرائية ؟!

0
438

يشهد المغرب منذ شهور قفزات في أسعار السلع الأساسية، وموجة غلاء غير مسبوقة تجتاح الأسواق منذ حوالي العام، وهو ما دعا آلاف المواطنين إلى الخروج للشارع في احتجاجات شهدتها العديد من كبرى المدن والبلدات. وسط انتقادات للسياسات الحكومية في هذا الصدد، لا سيما بعد أن أثارت تصريحات المندوب السامي للتخطيط جدلًا واسعًا، بعد أن أكد أن التضخم في البلاد صار هيكليًا ولم يعد مستوردًا.

لكن، وبحسب تقرير صادر عن شبكة AgroberichtenBuitenland الهولندية على موقعها الإلكتروني، تؤكد فيه أن المغرب اصبح  ثاني أكبر مورد للطماطم إلى الاتحاد الأوروبي، حيث ضاعف لأكثر من ثلاث مرات المساحة الإجمالية لإنتاج الطماطم الدفيئة لتصل إلى حوالي 14 ألف هكتار خلال العقد الأخير.

وذكرت شبكة AgroberichtenBuitenland الهولندية، أن المغرب تفوق على كل من إسبانيا وهولندا على مستوى صادراتها من الطماطم إلى المملكة المتحدة؛ وهو ما يفرض على إسبانيا تحسين مردودية وجودة منتوجها الزراعي من هذه المادة وتحسين القدرة التنافسية لقطاع الطماطم الإسباني.

وتوقع المصدر ذاته أن تستعيد هولندا قدرتها التنافسية والإنتاجية في الموسم المقبل؛ فيما اعتبر أن “مفتاح بقاء القطاع الزراعي الإسباني ليس هو إنتاج كميات كبيرة من الطماطم، بل إنتاج منتج أفضل وذي جودة من خلال استفادة المزارعين الإسبان من قربهم وموثوقيتهم من خلال توقيع اتفاقيات مع أرباب شركات التسويق وتجار البيع بالتقسيط”.

في السياق ذاته، سجل الموقع سالف الذكر المتخصص في المعلومات الزراعية أن محصول الطماطم الإسباني فقد عددا كبيرا من الهكتارات وعرف تراجعا خلال السنوات الأخيرة بسبب “المنافسة المتزايدة من المغرب الذي زاد من حجم صادراتها من الطماطم إلى الاتحاد الأوروبي الذي كان الوجهة الرئيسية للطماطم الإسبانية”.

و أشارت المعطيات إلى أن المملكة المغربية صدّرت، العام الماضي، أكثر من 740 ألف طن من الطماطم؛ أكثر من 557 ألفا منها إلى السوق الأوروبية لوحدها، خاصة في اتجاه المملكة المتحدة. وفي هذا الصدد، أفادت بأن الرباط صدرت نحو هذا البلد، وإلى حدود يوليوز من العام الماضي، أكثر من 82 ألف طن مقارنة بالرقم المسجل عام 2017 والبالغ 49 ألف طن، متفوقة بذلك على هولندا وإسبانيا اللتين صدرتا 77 و41 ألف طن من الطماطم إلى لندن تواليا.

وأوضح AgroberichtenBuitenland ، نقلا عن الخبير الزراعي توماس غارثيا أزكارتي، أن “عدم قدرة المنتج الإسباني على منافسة نظيره المغرب راجع إلى اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب؛ ذلك أن آلية الحماية الرئيسية للمنتج الأوروبي هي السعر المرجعي الذي يجب أن تراعيه المنتجات المستوردة، غير أن المغرب له امتيازات تفضيلية في هذا الإطار إذ يمكن تخفيض السعر المرجعي لحصة معينة إذا تعلق الأمر بالمنتجات المغربية”.

المصدر عينه أشار إلى أن عددا من المنظمات والهيئات التجارية الأوربية كانت قد طالبت بـ”مراجعة لوائح استيراد الطماطم من المغرب؛ ذلك أن بروكسل سبق أن غيرت طريقة احتساب سعر السوق بالنسبة للطماطم المغربية بناء على طلب من الرباط رغم معارضة إيطاليا وإسبانيا”.

وفي هذا الصدد، عاد الخبير الزراعي أنه “رغم أهمية القيام بمراجعة لتقييم آثار ذلك، فإنه من الصعب أن يتخذ هكذا إجراء؛ بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية للمغرب بالنسبة للاتحاد الأوروبي في عدد من الملفات، على غرار ملف الهجرة ومحاربة التطرق والإرهاب”.

يذكر أن عددا من التقارير المتخصصة سجلت أن المغرب عمل، في السنوات الأخيرة، على تنمية صادراته من الخضر والفواكه؛ على رأسها الطماطم، إلى مجموعة من الوجهات الأوربية بما فيها دول أوروبا الشرقية والدول الإسكندنافية، على غرار كل من رومانيا والتشيك وبولندا والنرويج.

لهذه الأسباب تدهورت القدرة الشرائية ؟!

وفق مستهلكين، فقد امتدت الارتفاعات في الفترة الأخيرة إلى أسعار اللحوم الحمراء والدجاج والبيض والخضر، خاصة الطماطم والبصل، حيث اعتبرت غير مسبوقة، علما أن المغرب اعتاد على توفير حاجياته من هذه السلع عبر الإنتاج المحلي. ودفعت الزيادات مئات المواطنين إلى الخروج في تظاهرات داخل العديد من المدن المغربية احتجاجا على غلاء الأسعار الجامح.

وجّهت الحكومة أصابع الاتهام إلى الوسطاء والمضاربين في ظل ارتفاع أسعار الخضر في السوق، في الوقت الذي عززت تدابير المراقبة في السوق بهدف تعقب عمليات المضاربة والاحتكار المحتملة وإقناع المنتجين بإحداث نوع من التوازن بين التصدير وتموين السوق الداخلية.

ولم تخف الأسر قلقها من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، فقد كشفت نتائج بحث الظرفية لدى الأسر الذي أصدرته المندوبية السامية للتخطيط، أن 98,7 في المائة من الأسر عانت من ارتفاع أسعار السلع الغذائية في 12 شهرا الماضي.

وكان بنك المغرب قرر في سياق ارتفاع التضخم رفع سعر الفائدة الرئيسية في مارس الماضي، من 2.50 في المائة إلى 3 في المائة.

جاء ذلك بعد توقع المركزي المغربي أن يصل التضخم في العام الحالي إلى 5.5 في المائة في العام الحالي، وهو معدل يترقبه البنك الدولي في حدود 4.6 في المائة بعدما قفز إلى 6.6 في المائة في العام الماضي، علما أن الحكومة تستهدف معدل 2 في المائة.

واعتبر المندوب السامي في التخطيط، أحمد الحليمي، أنه لا جدوى من رفع سعر الفائدة الرئيسي من أجل خفض الطلب والتأثير على التضخم، حيث يؤكد على أن المشكلة تكمن في عدم كفاية العرض من السلع الفلاحية، مشددا على أنه يجب التعايش مع التضخم الذي سيصبح معطى هيكليا إلى أن يتم تعظيم الإنتاج.

ووسط ارتفاع الأسعار في الأسواق المغربية، فقد انتقل النقاش إلى أروقة الأحزاب السياسية التي وجهت انتقادات شديدة للسياسات الحكومية، في ظل دعوات للاحتجاج واستنكار لما يوصف بـ”صمت الحكومة وعدم وفائها بوعودها”، بحسب مراسل “العربي”.

وأكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بن عبد الله أن الوضع استثنائي يعيشه المغرب في ظل ارتفاع الأسعار.

وقال في تصريحات صحفية: “المغاربة يئنون من غلاء الأسعار بعد وصول معدل التضخم إلى مستوى لم يبلغه المغرب” في تاريخه.

ويعيد محمد الهاكش، الخبير في القطاع الفلاحي والذي شغل منصب الرئيس السابق للجامعة الوطنية للفلاحة، التأكيد في تصريحات إعلامية على أن ضبط الأسعار في السوق لن يتأتى سوى عبر تحقيق السيادة الغذائية عوض الاكتفاء بالأمن الغذائي.

ويميز الهاكش بين الأمن الغذائي الذي يمكن بلوغه عبر الشراء من السوق الدولية والسيادة الغذائية التي يفترض تحقيقها من خلال إنتاج السلع الغذائية الأساسية مثل اللحوم والخضر والزيوت والحبوب.

ويشير إلى أن الأزمة الصحية كشفت أن تلك السيادة الغذائية أضحت مطلبا لدى جميع الدول، ما سيدفعها إلى السعي إلى تأمين حاجياتها أولا وتكوين مخزونات استراتيجية، الشيء الذي سيرفع الأسعار في السوق الدولية، وهو الأمر الذي سيطاول الأسواق المحلية.

المضاربون والوسطاء

أنحت الحكومة التي أقرت بوجود اختلالات في مسالك التسويق باللائمة في ارتفاع أسعار الخضر خلال الفترة الأخيرة على الوسطاء والمضاربين، الذين لوحت بملاحقتهم لوضع حد لممارساتهم الاحتيالية.

ويؤكد وزير الزراعة محمد الصديقي أن المضاربين يساهمون في رفع أسعار الخضر في السوق بنسبة 35 في المائة، مؤكدا على وجود اختلالات في السوق، متعهدا بمعالجتها.

وقال رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك: لا يعقل أن تتضاعف أسعار بعض الخضر بين أسواق الجملة وأسواق التجزئة، مشددا على دور الوسطاء الذين يتدخلون من أجل تعظيم أرباحهم على حساب الأسر.

ويذهب إلى أنه يفترض في السلطات المختصة العمل على تخليص السوق من الوسطاء الذين يجنون أرباحا كبيرة على حساب المنتجين والمستهلكين دون أن يكونوا مساهمين في المجهود الجبائي للدولة أو يوفون بالتحملات الاجتماعية.

أسباب داخلية للتضخم

وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي بدر الزاهر الأزرق إنه لا يزال يجري التحدث عن البعد المستورد لأزمة التضخم التي تضرب الاقتصاد المحلي منذ نحو سنة، لكنه يؤكد أن هذا الأمر لا يعفي من الالتفات إلى الأسباب الداخلية لهذا التضخم.

وأضاف في تصريحات إعلامية، أنه “عندما يجري الحديث عن نسبة تضخم تبلغ 6 أو 7% وهي نسب غير مسبوقة منذ تسعينيات القرن الماضي، فإنها مرتبطة بمواد منتجة محليًا”.

وأوضح أن التضخم الداخلي على مستوى هذه المنتجات، ارتفع من 17 إلى أكثر من 30%، وهو ما ساهم بشكل أكبر في تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، فيما اتخذت الحكومة مجموعة إجراءات دون جدوى، وهذا يعود لاحتمالين فإما أن تكون تلك الإجراءات غير كافية، أو أنها جاءت متأخرة لحد بعيد.

ووصل معدل التضخم في المغرب إلى مستوى قياسي، فبلغ المعدل السنوي العام الماضي 6.6%، وهي أعلى نسبة يسجلها منذ عام 1992، حسب ما أعلن البنك المركزي في بيان له.

وأشار المحلل الاقتصادي المغربي، إلى أن السنة الماضية كانت سنة صعبة للاقتصاد الفلاحي في البلاد، فتراجع إنتاج الأعلاف والحبوب، الأمر الذي أدى لندرة في قطعان الماشية وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، ولم تحرك الحكومة ساكنًا، حتى قبل شهرين من شهر رمضان الحالي، من خلال تخفيض رسوم استيراد العجول والأبقار وغيرها من قطعان الماشية، وهو إجراء غير كاف.

خطوات حكومية

ورأى الأزرق أن المواطن المغربي لم يعد بمقدوره تحمّل تقلص قدراته الشرائية، وهذا ما يدفع الكثير من الأحزاب والفئات الشعبية لتحركات احتجاجية، ويحتم على الحكومة التحرك سريعًا.

وكان مندوب التخطيط، أحمد الحليمي، قد حذر في وقت سابق من “انقراض الطبقة المتوسطة”، واقتصار الطبقات الاجتماعية في البلاد على طبقتين “الغنية والفقيرة” فقط، مؤكدًا أن الأسعار المرتفعة التي تسبب احتقانًا اجتماعيًا منذ عدة أسابيع لن تنخفض، وستصبح أمرًا واقعًا.

واعتبر الأزرق خلال تصريحات صحفية، أن حل الأزمة الاقتصادية يجب أن يكون عبر طريقتين، الأولى عبر إيجاد حلول آنية في كبح نسب التضخم خلال الأسابيع المقبلة، لكن هذا الأمر يجب أن يترافق مع حلول للمشكلات البنيوية في الاقتصاد المحلي، وتحديدًا في منظومة التسويق، ومنظومة الإنتاج، وأزمة تصدير المنتجات الزراعية خارج المملكة دون تلبية الحاجة المحلية منها.