العلاقة بين المخدرات والسياسة بالمغرب ثابتة منذ عقود، وتظهر بشكل واضح في كل استحقاق انتخابي عبر الكميات الهائلة من الأموال التي تضخ في الحملات الانتخابية
الرباط – في أول تعليق لزعيمة اليسار في المغرب نبيلة منيب البرلمانية نائبة الأمين العام لحزب “الاشتراكي الموحد”، إن الرأي العام المغربي يتابع حملة الاعتقالات في صفوف عدد من الناس، استغلوا مناصبهم للاغتناء غير المشروع، ووصلوا لعالم السياسة كبرلمانيين.
وجددت هذه الواقعة الحديث عن المال الحرام في الانتخابات وعلاقة تجار المخدرات بالمؤسسات السياسية بالمغرب، كما أنها تهدد كيان حزب بكامله بربط اسم أعضاء كبار بشبكات المخدرات.
وأضافت في مقطع فيديو على صفحتها على موقع التواصل “فايسبوك”، بأن “لديهم العديد من الامتيازات يستفيدون منها، فهم رؤساء أندية رياضية، وأفسدوا مع الأسف عالم كرة القدم”.
وتابعت ” المخدرات غزت البلاد والأحياء الشعبية ودمرت الشباب المغربي، وكلنا أمل أن المجرمين كيف ما كانوا سياسيين أو اقتصاديين ينالوا جزاءهم”.
وزادت ” إذا استمرت هذه الحملة بالجدية اللازمة فإنها ستعيد الثقة للشباب المغربي في السياسة، والشأن العام”، مؤكدة أن تحصين البلاد يتطلب الديمقراطية واستقلال ونزاهة القضاء، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ودعت منيب إلى القطع مع الريع والإفلات من العقاب، ومع أصحاب “الهمزة” والانتهازيين والوصوليين، الذين اخترقوا كل دواليب الدولة ووصلوا للبرلمان والحكومة، مشيرة أن هناك ناس معروفين بأسمائهم وصفاتهم عاثوا فسادا في في المؤسسات، والمغاربة ينتظرون أن ينالوا جزاءهم.
و كشف الكاتب والمؤرخ ،حسن أوريد، الناطق الرسمي باسم القصر سابقا، في كتابه الجديد : “من أجل ثورة ثقافية في المغرب”، عن معطيات خطيرة مفادها أن بلادنا عرفت في بداية العشرية الأولى من القرن الحالي، “ممارسات أقرب ما تكون إلى أساليب المافيا، برز من خلال أشخاص لهم سوابق في تجارة المخدرات، وظفوا عناصر قريبة لهم، سهلت لهم عملية التغلغل داخل بنيات الدولة من خلال شراء الذمم، حيث نفذوا إلى الجسم السياسي والإعلامي ، واستطاعوا الاقتراب من مراكز القرار”.
وأضاف أوريد، أن الاختراق وصل إلى درج أنه أصبحت هناك بنية موازية تعلو على هيكل الدولة، تأمر ويؤتمر بأمرها، وتعتبر هذه “الظاهرة من أسوأ ما عرفه المغرب الحديث من تجارب”
ويعتبر هذا التصريح لمسؤول كبير سابق في المملكة المغربية حادا، ويعكس ما يروج وسط المجتمع المغربي من اتهامات بنفوذ شخصيات متورطة في تجارة المخدرات، تمكنت من الحصول على امتيازات هامة، جعلتها قريبة من مراكز صنع القرار. وكان سياسيون مغاربة يتبادلون تهم المخدرات. وفي هذا الصدد اتهم رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران بعض منافسيه بالاتجار في المخدرات، وتوظيف أموال مشبوهة في المعترك السياسي لشراء الذمم .
وحسب تقارير أمريكية فالمغرب يتصدر دول العالم في إنتاج القنب الهندي، وأن المخدرات بالمغرب تعد من ركاز الاقتصاد المغربي.
يذكر أن رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، سبق له بدوره أن اتهم في عدة مناسبات بعض منافسيه السياسيين بالاتجار في المخدرات ، و توظيف أموال غير معروفة المصدر، في شراء الذمم خلال الاستحقاقات الانتخابية .
وقد صار المغرب وجهة مفضلة للشبكات الدولية لقربه من أوروبا، إذ تورط في الشبكة مسؤولون أمنيون وقضاة وأعيان ونائب برلماني سابق فضلا عن أفراد عاديين.
وكانت الشبكة تقوم بترويج المخدرات المغربية وبإدخال الكوكايين مستعينة بمسؤولين ودبلوماسيين أفارقة يدخلون ويخرجون من المغرب دون تفتيش بسبب حصانتهم، لكن المعتقلين المغاربة أقروا بمشاركتهم.
وتقدر التقارير الدولية أن المغرب هو أول منتج للقنب الهندي على الصعيد العالمي بحصة سنوية تزيد عن 43 ألف طن، تشتغل فيها حوالي مائة ألف أسرة بمناطق الريف، بينما تبلغ المساحات المزروعة حوالي ستين ألف هكتار.
ويؤكد الباحث أحمد ويحمان، مؤلف كتاب العزوف السياسي بالمغرب، أن العلاقة بين المخدرات والسياسة بالمغرب ثابتة منذ عقود، وتظهر بشكل واضح في كل استحقاق انتخابي عبر الكميات الهائلة من الأموال التي تضخ في الحملات الانتخابية، مؤكدا أنها ليست سوى أموال المخدرات وتجارها.
ويضيف ويحمان أن هؤلاء يلجؤون إلى الانتخابات لحماية أنفسهم من المتابعات، فضلا عن تشكيل جماعة ضغط فعال داخل مؤسسات الدولة.
وأوضح ويحمان في تصريحات إعلامية سابقة، أن التقارير الدولية سبق أن كشفت عن أسماء سياسيين ومسؤولين كبار في الدولة والأحزاب المغربية متورطين في شبكات الاتجار الدولي بالمخدرات، وأن ما كشفته السلطات المغربية اليوم ليس سوى الشجرة التي تخفي الغابة.