الوكيل العام للملك:تراجع نسبة الاعتقال الاحتياطي إلى 38% خلال 2023 والمغرب تفاعل إيجابا مع شكايات الانتهاكات الحقوقية

0
501

في المغرب هناك قرابة مئة ألف سجين، حوالي الثلث منهم لا يتوفرون على أسرة. الأسباب متعددة منها، خصوصاً أن نسب الاعتقال الاحتياطي مرتفعة، بينما تقول السلطات إن نسب الجريمة كذلك ارتفعت. 

ومن أكبر الملفات التي تساهم في ظاهرة الاكتظاظ، ظاهرة الاعتقال الاحتياطي، أي وجود سجناء لم تصدر بشأنهم أحكام قضائية تدينهم بالسجن، لكن يتم اعتقالهم نظراً لخطورة الجرائم المتهمين بارتكابها، في انتظار صدور حكم قضائي حول قضاياهم.

في هذا الصدد،  كشف الحسن الداكي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، اليوم الاثنين، عن تراجع معدل الاعتقال الاحتياطي بالمغرب إلى أدنى مستوى له خلال العقد الأخير.

وأوضح الداكي خلال افتتاح السنة القضائية 2024 أن معدل الاعتقال الاحتياطي بلغ عند نهاية شهر دجنبر 2023 نسبة 37.56% مقابل 40.85% عند نهاية سنة 2022، حيث انخفض عدد المعتقلين الاحتياطيين إلى 38552 معتقلا من مجموع الساكنة السجنية البالغ عددها 102650 نزيلاً.

وأكد الوكيل العام للملك تركيز النيابة العامة على ترشيد الاعتقال الاحتياطي والحرص على بذل الجهود الممكنة للمساهمة في البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين داخل آجال معقولة، وهو ما أسفر عن تحقيق أدنى معدل اعتقال احتياطي تم تسجيله خلال العشر سنوات الأخيرة.

وليس الاعتقال الاحتياطي وحده هو الذي يرفع عدد السجناء، بل كذلك عدم تنفيذ أحكام قضائية تقضي بإيداع محكوم عليهم في مؤسسات العلاج، خصوصاً منهم من يعانون من المرض العقلي، وكذلك من يعانون من إدمان المخدرات، وفق ما يشير إليه الجباري.

لكن الوكيل العام للملك تحدث عن أن السلطات الأمنية لا تلجأ إلى الاعتقال إلّا عند الضرورة، وأن أغلب عدد المقدمين كانوا رهن الحراسة النظرية في إطار حالات التلبس، وقد تم خلال سنة 2023 تقديم ما مجموعه 643 ألفا و44 شخصا، منهم 619 ألفا و883 راشدا، أي بنسبة 97% من مجموع المقدمين، بينما بلغ عدد المقدمين من الأحداث ما مجموعه 23161 حدثا، بنسبة لا تتجاوز 3%، فيما بلغ عدد الإناث المقدمات خلال سنة 2023 ما مجموعه 44396، ما يشكل نسبة تقدر بحوالي 7% من مجموع المقدمين.

حسب الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية لإدارة السجون وإعادة الادماج على 85 مؤسسات سجنية توزع كالاتي : سجون المركزية عددها 2 – السجون المحلية عددها 75 ، مراكز الإصلاح و التهذيب عددها 2 – السجون الفلاحية عددها 6 .

وأكد الوكيل العام للملك حرص النيابة العامة خلال سنة 2023 على التفاعل الإيجابي مع كافة الشكايات المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك تلك الخاصة بادعاءات العنف وسوء المعاملة والاعتقال التعسفي، وغيرها، حيث أكد تحريك المتابعة كلما توفرت شروط ذلك ضمانا لمبدأ المساواة أمام القانون ولقاعدة عدم الإفلات من العقاب.

وأضاف رئيس النيابة العامة أنه تم الحرص على حماية الحقوق المكفولة لفائدة الموقوفين بما في ذلك الحق في السلامة الجسدية من خلال إصدار أوامر بإخضاع 232 موقوفا للفحص الطبي.

وفي إطار تجسيد الدور الرقابي في مجال حماية الحقوق والحريات، أبرز الداكي أن قضاة النيابات العامة قاموا خلال سنة 2023 بزيارات تفقدية للأشخاص الموقوفين بالأماكن المخصصة للحراسة النظرية، بلغ 21930 زيارة، بزيادة فاقت نسبة 115% من الزيارات المفترض القيام بها قانونا والمحددة في 18952 زيارة، إضافة إلى 183 زيارة لمستشفيات علاج الأمراض العقلية، أي بنسبة بلغت 143 % من عدد الزيارات المفترضة قانونا خلال السنة.

ويقول رئيس نادي قضاة المغرب في مقال نشره على صفحته على فيسبوك أن “ارتفاع نسبة الجريمة بكل أنواعها يحتم ضرورة توفير الأمن للمواطنين”، وأن ارتفاع حالة العودة لارتكاب الجرائم يبين “فشل السياسة العقابية التي تعتبر فيها العقوبة السالبة للحرية قطب رحاها”.

حوالي مئة ألف سجين في المغرب، بينما لا تتوفر السجون سوى على 64.6 ألف سرير. هذه الأرقام لم تصدر عن منظمة غير حكومية أو جهة حقوقية، بل عن إدارة السجون المغربية (المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج) التي ذكرت أن رقم السجناء وصل حداً غير مسبوق.

من أسباب الاكتظاظ حسب عبد الرزاق الجباري هناك “عدم تفعيل مؤسسة الإفراج المقيد بشروط”، التي يمكن تبت في اقتراحات مسؤولي السجون بالإفراج عن من تحسن سلوكه، وكذلك تعثر مراجعة القوانين الجنائية، وهي مراجعة من شأنها “رفع لتجريم عن العديد من السلوكيات البسيطة” و”إقرار العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية القصيرة المدى”.

وكانت الحكومة المغربية قد صادقت يونيو/حزيران الماضي على مشروع قانون رقم  43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة، قدمته وزارة العدل. ويتيح القانون للقاضي في إطار سلطته التقديرية تطبيق عقوبات بديلة، على الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها 5 سنوات، لأجل المساهمة في حل مشكلة الاكتظاظ داخل السجون وترشيد التكاليف حسب ما ذكره الناطق باسم الحكومة المغربية.

والظاهرة قد ترتفع أكثر، إذ تحذر هذه الإدارة أن استمرار الاعتقال بالوتيرة الحالية من شأنه رفع نسبة العجز بين السجناء وبين عدد الأسرة. ودعت المندوبية “السلطات القضائية والإدارية إلى الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ، لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع من اختلالات أو حتى انفلاتات أمنية”.

وكانت المندوبية قد أشارت في وقت سابق أنه لكل 100 ألف نسمة هناك 265 سجيناً، وهي النسبة الأعلى مقارنة بدول الجوار.

ودعا المرصد المغربي للسجون، وهو منظمة غير حكومية، إلى تأسيس “لجنة وطنية للرصد والإنقاذ” تقوم بزيارة السجون ورصد ظروفها، وتفعيل حقيقي لـ”الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، باعتبار أن الاكتظاظ هو أيضاً تعذيب حسب القرارات الأممية”، و”اتخاذ إجراءات لإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والحركات الاجتماعية”، حسب بيان من المرصد.

ويشكل المعتقلون احتياطياً نحو 39 بالمئة من مجموع السجناء، بحسب رئاسة النيابة العامة التي تفاعلت في بلاغ لها مع قلق المندوبية العامة للسجون. وذكرت النيابة العامة أن هناك تراجعاً في نسبة الاعتقال الاحتياطي مقارنة بسنوات سابقة، كما أن النسبة ليست مرتفعة كثيراً مقارنة مع دول أوروبية.

نادي قضاة المغرب، أشار على لسان رئيسه عبد الرزاق الجباري إلى أن إشكالية الاعتقال الاحتياطي تعود إلى عدة أسباب منها أن السياسة الجنائية للحكومة تعتمد “على العقوبة السالبة للحرية وميلها إليها كحل سهلٍ لمواجهة الجريمة”، حتى في مواجهة جرائم غير خطيرة للغاية كخرق الطوارئ الصحية والغش في الامتحانات.