من ينظر إلى الفوارق الاقتصادية والاجتماعية الحادة التي يعايشها المغاربة يعلم ما يواجهه هذا البلد من تحديات مستقبلية على الأمدين القصير والطويل. ففي الوقت الذي يعيش فيه أثرياء المغاربة حياة فارهة، يعيش ملايين الفقراء دون أن يحصلوا على أدنى حد من المقومات الأساسية للحياة الكريمة.
فنتيجة القرار المفاجئ الذي اتخذته المكتب الحدودي للجمارك فى انواذيبو شمال موريتانيا منذ 2 يناير 2024 تطبيق تعرفة التخليص الجمركي الجديدة على الخضروات المستوردة من المملكة المغربية ، بنسبة 150 %، شهدت أسعار مجموعة من الخضروات في الأسواق المغربية انخفاضاً كبيراً، حيث أصبحت في متناول جميع المواطنين حتى البؤساء والفقراء والمهمشين ، بعدما كانت حكرا على (الأغنياء) بسبب الارتفاع الصاروخي منذ 2021 حتى اليناير 2024 .
الاجراء الموريتاني انتبه 40 مليون مواطن مغربي في عدد من المدن المغربية، بالتراجع الكبير في أسعار الخضر الأساسية، مثل الطماطم والبصل والبطاطس، والتي عادت إلى مستوياتها التي كانت عليها قبل حكومة رجال الأعمال. كما انخفضت الأسعار كذلك في أسواق الجملة للخضر والفواكه.
وتوقع خبراء اقتصاديون أن تنخفض الأسعار أكثر خلال الأيام المقبلة، وذلك نتيجة وفرة العرض. وعزا الخبراء هذا التراجع الكبير في أسعار الخضر والفواكه إلى عدول عدد من المصدرين عن تصدير خيرات وثراوت البلاد إلى السوق الموريتانية والإفريقية، وذلك نتيجة القرار المفاجئ الذي اتخذته السلطات الموريتانية برفع رسوم دخول الخضر والفواكه إلى أسواقها 150 % .
بدورهم كشف خبراء اقتصاديون عن الدوافع التي تقف وراء قرار موريتانيا زيادة الرسوم الجمركية على الخضروات المغربية، فيما دعا مصدرو هذه المنتجات بالمغرب الحكومة الموريتانية لإلغاء قرارها هذا.
وأشار المحلل الاقتصادي أمم ولد أنفع، في حديث لـRT أمس الأربعاء، إلى أن القرار بشكل أساسي يهدف لحماية المزارع الموريتاني.
وقال إن “القرار يأتي أساسا في إطار إنهاء العمل بالإعفاءات الجمركية المطبقة على الخضروات منذ 2020 بعد انكشاف الجائحة ولله الحمد وعودة الاقتصادات العالمية إلى الانفتاح من جديد”.
وتابع قائلا: “كما يأتي القرار في إطار توجه عام للسلطات الموريتانية لنقل تجربة الأرز الناجحة إلى الخضروات من أجل جعل الاقتصاد الموريتاني أكثر قدرة على التعامل مع اضطرابات الأسواق مستقبلا حيث تشير الأرقام الحالية إلى وصول نسب الاكتفاء الذاتي من الأرز والخضروات إلى 89% و30% على التوالي، ما يعني أنه لايزال الكثير من العمل لتوطين الخضروات خاصة أن موريتانيا تمتلك مؤهلات زراعية كبيرة لاتزال خارج حيز الاستغلال”.