المغرب يسترجع ملكية عقارات وأراضي قدمها للمقاومة الجزائرية ودعوات بالجزائر لما يعرف بـ”المسيرة السوداء” (صور)

0
357

لم يقف دعم الملك الراحل محمد الخامس للقضية الجزائرية عند التصريحات والتنديد وإثارة المشاعر العربية والإسلامية والإنسانية وحسب، بل كان إلى جانب ذلك يقابل ويحتضن قادة الثورة الجزائرية، ويمد الثورة بالسلاح والاراضي والعقارات التي تضر أموال على المقاومة، ويستقبل المجاهدين والسياسيين فكان له الدور العظيم في نجاح الثورة الجزائرية..بتوجيه من الملك محمد الخامس، فتحت القوات المغربية الحدود للمجاهدين الجزائريين، وجعلت من أراضيها ميدانًا لتدريبهم، وبعض مدنها قواعد خلفية للثورة. وهذا الدعم الكبير زاد من قوة الثورة، بل شتت خطط الفرنسيين الذين بدؤوا يضعفون أمام هجمات الثوار الحدودية.

أفادت “الجريدة الرسمية المغربية” بأن الحكومة المغربية استرجعت ملكية العديد من العقارات والأراضي، كان الملك الراحل محمد الخامس وهبها للمقاومة الجزائرية في فاس وأغادير العاصمة الرباط.

ويأتي قرار  استرجاع مبنى  من بين ما اشرنا إليه أنفاً لتوسعة مبان إدارية لصالح وزارة الخارجية وتوسيع مقرات المصالح التابعة لها.

اتخذت قرارا يقضي باسترجاع ملكية عقارات محيطة بمقر وزارة الشؤون الخارجية بالرباط، الأول مساحته 619 متر مربع، وآخر على 630 متر مربع، يضم في طابقه السفلي مكاتب، فيما خصص الطابقان الأول والثاني للسكن. كما يستهدف فيلا على مساحة 491 متر مربع، تحمل اسم “فيلا الشمس المشرقة”، بحسب ما ورد في وثائق الجريدة الرسمية إطلعت عليها “المغرب الآن.

المغرب تنزع ملكية عقارات وأراض جزائرية في الرباط (صور)

وأشارت الوثيقة إلى أن “المنفعة العامة تقتضي استرجاع ملكية عقار تبلغ مساحته 491 مترا مربعا، يسمى “فيلا دي سولاي لوفون”، وهي عبارة عن فيلا وبها مرافق، بالإضافة إلى نزع ملكية ثلاثة عقارات أخرى تعود ملكيتها لمغاربة”.

المغرب تنزع ملكية عقارات وأراض جزائرية في الرباط (صور)

ووقع القرار الذي اتخذ باقتراح من وزارة الاقتصاد والمالية، وبعد التشاور مع وزارة الداخلية، رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش.

وبحسب الوثيقة، يأتي القرار تطبيقا “للمنفعة العامة ولتوسعة مبان إدارية لفائدة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بجماعة الرباط بعمالة الرباط”.

وأمهل القرار، المنشور في الجريدة الرسمية يوم 13 مارس الجاري، ملاك العقارات المعنية مدة شهرين، لإبداء ملاحظاتهم أو اعتراضهم على هذا الإجراء.

وقد أثار القرار جدلا واسعا وسط متتبعين في الجزائر والمغرب، إذ حاول البعض أن يربط القرار الحكومي بتوتر العلاقات الثنائية بين الرباط والجزائر.

وفي هذا السياق، أوضح المحلل السياسي عبدالفتاح الفاتيحي أن قرار نزع الملكية إجراء قانوني طبيعي قامت به الدولة المغربية التي تبقى دولة مؤسسات، وهو خيار قانوني تعتمده الدول من أجل المصلحة العامة ومن اجل إقامة مشاريع ذات طبيعة عمومية في سياق دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات.

وأكد الفاتيحي في تصريح لجريدة “العمق” المغربية على أن القرار لا يحمل أي إشارة سياسية،لأن المملكة المغربية تحترم سيادة الدول وتحترم الملكية الخاصة أيا كانت ولأي جنسية كانت، وهو أمر متعارف عليه في جميع الدول وتعتمده كلما كانت في حاجة إلى وعاء عقاري من أجل انجاز مشاريع لها صبغة المصلحة العامة.

وأشار المتحدث إلى هذا الأسلوب يعتمد كثيرا في المملكة المغربية بسبب الأوراش الكبرى التي تباشرها من قبيل الطرق السيارة والسكك الحديدية ومشاريع أخرى.

وأضاف: “أعتقد أن وزارة الخارجية بحكم العلاقات الكبرى التي تربطها مع الدول والوزن السياسي للمملكة والمشاريع الجيو استراتيجية التي دخلت فيها المملكة، كان أمامها ضرورة إضافة مشاريع أو بنيات ذات طبيعة عمومية، فلجأت بموجب القانون لهذا القرار الذي يمكنها من التوسع على حساب عقار موجود بجانبها”.

وقال أيضا إن الوزارة يمكنها أن أن تلجأ لهذا العقار أو أي عقار آخر يوجد بمكان تريد أن تقيم فيها المصلحة، انطلاقا من هذه الممارسة القانونية المتمثلة في نزع الملكية وليس انطلاقا من حساسية تتعلق بجنسية المالكين لهذه العقارات.

وخلص المتحدث إلى أن المغرب بالرغم من خلافاته مع الجارة الشرفية، لا يتعامل بمنطق الجزائر التي انتزعت ممتلكات 40 ألف مواطن مغربي وقامت بطردهم خلال ما يعرف بـ”المسيرة السوداء” لان المغرب دولة تحترم الملكية الخاصة، وتعتمد أسلوبا قانونيا في التعاطي مع هذه الأمور، وفق تعبيره.

وخلال مراحل الدعم المغربي للثورة الجزائرية، فقد وضع حوالي خمسمائة متطوع مغربي من مدينة مراكش تحت تصرف جيش التحرير الوطني بأمر من العاهل المغربي محمد الخامس، الذي أصدر في وقت مبكر أمرًا بالسماح بمرور المعدات العسكرية وحتى المتطوعين الأجانب إلى الجزائر، كما سمحت السلطات المغربية للشعب بالتظاهر دعمًا لقضية الجزائر للوصول إلى الحرية والاستقلال.  وكذلك شكلت المغرب زمن الملك محمد الخامس أماكن طبية آمنة للمصابين من ثوار الجزائر لتلقي علاجهم في مراحل اشتداد الخناق على الولايات الحدودية. أمام هذا الدعم للثورة والتسهيلات المقدمة لرجالها؛ قدمت فرنسا شكاوى رسمية لمجلس الأمن الدولي، كما زرعت الألغام والأسلاك المكهربة على طول الحدود، وكثفت من دوريات الحراسة طوال الليل والنهار، إلا أن ذلك لم يمنع المجاهدين من الاستمرار في عملياتهم انطلاقًا من قواعدهم الخلفية في المغرب.

وبحلول عام 1960 استقبل العاهل المغربي الملك محمد الخامس في مراكش وفدًا حكوميًا جزائريًا، عرض عليه المضايقات التي يتلقاها الجزائريون من طرف القناصل الفرنسيين في وجدة وبوعرفة، فاستجاب الملك لطلب الوفد وأغلق القنصليتين مباشرة، وهذا ما دفع برئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة السيد فرحات عباس إلى زيارة الرباط، وصرح قائلًا: “إن الجزائر هي المغرب، وإن تضامننا أبدي، وإن الصحراء هي مسألة تهم الجزائر والمغرب فقط، ولا تهم من بعيد أو قريب الاستعمار الفرنسي”.

هكذا أدى المغرب حكومة وشعبًا في عهد العاهل المغربي محمد الخامس دورًا عظيمًا في نصرة قضية الشعب الجزائرية والوقوف في محنته ودعمه ماديًا ومعنويًا، ولم يتوقف هذا الدعم يومًا رغم كيد الفرنسيين وبث الضغائن بين الطرفين، فنال الجزائر استقلاله بدعم إخوته المغاربة في عام 1962.