بدلاً من تخويف الناس.. يجب على الحكومة أن تتبنى سياسات واستراتيجيات فعّالة لإدارة الموارد المائية بشكل مستدام

0
358

تخويف الحكومات مواطنيها بخطر الجفاف كل سنة قد يكون استراتيجية غير فعّالة إذا تم استخدامها بشكل مفرط أو غير متزن. الجفاف هو تحدي جدي وخطير يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للمواطنين وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام، ولذا يجب التعامل معه بجدية واحترام.

في هذا الصدد، قال وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، اليوم الثلاثاء، بأن معدل التساقطات بلغ إلى حدود أبريل الجاري 224 ملم، أي بارتفاع بنسبة 9 في المائة مقارنة مع السنة الماضية.

وأشار  صديقي، في معرض جوابه على سؤال محوري خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، إلى أن هذا المعدل يظل أقل بـ 27 في المائة مقارنة مع سنة فلاحية عادية، أي بمعدل السنوات الـ 30 الأخيرة، مضيفا أن إجمالي مخزون السدود التي تستعمل في المجال الفلاحي وصل إلى 31 في المائة، مقارنة بـ 32 في المائة خلال السنة الماضية، أي حوالي 4.3 مليار متر مكعب.

وأبرز أن هذا الوضع انعكس على الحصة المائة للسقي بدوائر السقي الكبير، التي أصبحت لا تتجاوز 680 مليون متر مكعب خلال الموسم الفلاحي الجاري، تم استعمال 300 مليون متر مكعب منها منذ بداية السنة، مشيرا إلى أن المساحة القابلة للسقي في دوائر السقي الكبير لاتتعدى 400 ألف هكتار من أصل 800 ألف هكتار، أي بتراجع نسبته 44 في المائة.

وبخصوص وضعية الزراعات إلى حدود اليوم، أفاد صديقي بأن المساحة المزروعة من الزراعات الخريفية والشتوية، خاصة الحبوب الخريفية، بلغت حوالي 2.5 مليون هكتار، مقارنة مع 4 ملايين هكتار في السنوات العادية، أي بانخفاض مهم بلغ 31 في المائة، لافتا إلى أن من شأن التساقطات المطرية التي شهدتها بعض مناطق المملكة مؤخرا تحسين وضعية الحبوب، خاصة في مناطق فاس سايس والغرب واللوكوس.

ملء السدود في المغرب فاقت نسبة 75% وأخرى تجاوزت 50% لخدمة الرأسمال الصناعي و دعم كبار الملاكين للأراضي الفلاحية

وأشار إلى أن مساحات الزراعات العلفية بلغت 470 ألف هكتار ، والقطاني الغذائية 109 آلاف هكتار، والزراعات السكرية 22 ألف هكتار، أي أقل بـ 42 في المائة من المتوقع، وذلك راجع لعدم توفر إمكانية السقي في مناطق دكالة وتادلة.

وبالنسبة للخضروات الخريفية والشتوية، أفاد الوزير بأن المساحات المزروعة والمسقية بلغت 90 ألف هكتار، أي نسبة 90 في المائة من البرنامج المسطر، منها 57 ألف هكتار للخضروات الشتوية، مبرزا أن الإنتاج من الخضروات الشتوية والخريفية سيمكن من تلبية حاجيات السوق الوطنية إلى غاية شهر يونيو المقبل.

وبخصوص الزراعات الربيعية التي انتعشت بفضل التساقطات الأخيرة، بلغت المساحة الإجمالية منها 112 ألف هكتار ، أي أزيد من 70 في المائة من البرنامج المسطر قبل ثلاثة أسابيع من إنهاء البرنامج، حيث سيمكن الإنتاج المتوقع من تلبية حاجيات السوق الوطنية خلال موسم الصيف.

من جهة أخرى، أكد  صديقي أن دعم الأسعار بلغ مستوى غير مسبوق، خاصة في ما يتعلق بعوامل إنتاج البذور والأسمدة والأعلاف، وذلك من أجل خفض كلفة الإنتاج تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للتخفيف من آثار العجز المائي على النشاط الفلاحي، مشددا على أن هذا الدعم سيتواصل في الشهور القادمة.

وأبرز في هذا السياق أنه تم لأول مرة بالمملكة دعم الأسمدة الآزوتية، التي يتم استيراد مجملها، بغلاف مالي بلغ 2.2 مليار درهم، وتوزيع 1.3 مليون قنطار من هذه الأسمدة، خاصة في المناطق السقوية أو المناطق التي شهدت التساقطات المطرية الأخيرة، وتوزيع 672 ألف قنطار من البذور المدعمة بنسبة تتراوح ما بين 50 و70 في المائة من سعر الاقتناء، وذلك من أجل خفض تكلفة الإنتاج والأثمنة للمستهلكين، مشيرا إلى أن حوالي 18 ألف منتج استفادوا من هذه الإعانات التي بلغت لحد الآن 140 مليون درهم.

من الضروري توعية المواطنين بخطورة الجفاف وأثره السلبي على الموارد المائية والزراعة والحياة اليومية، وتشجيعهم على اتخاذ التدابير الوقائية والحفاظ على الموارد المائية. ومع ذلك، يجب أن لا يتم تضخيم الأمور أو تحريك المخاوف بشكل غير مبرر، حيث قد يؤدي ذلك إلى خلق حالة من الهلع والقلق الزائد بين المواطنين دون أن تكون هناك حاجة فعلية لذلك.

بدلاً من تخويف الناس، يجب على “وزارة الفلاحة والصيد البحري” أن تتبنى سياسات واستراتيجيات فعّالة لإدارة الموارد المائية بشكل مستدام، وتعزيز الحفاظ على البيئة وتحفيز الاستخدام الذكي للمياه. كما ينبغي عليها تطوير خطط طوارئ لمواجهة الجفاف عند حدوثه، بما في ذلك توفير المساعدة والدعم للمناطق المتأثرة بشكل خاص.

إدارة الموارد المائية بشكل فعال ومستدام تعتبر أساسية للتصدي لمشكلة الجفاف وضمان توفير المياه اللازمة للمواطنين والقطاعات الاقتصادية بشكل مستمر. من خلال اتخاذ سياسات واستراتيجيات مدروسة، يمكن للحكومات التحكم في استهلاك المياه، وتعزيز الكفاءة في استخدامها، وتعزيز التحلية وإعادة تدوير المياه، وتعزيز حماية الموارد المائية من التلوث والتدهور.

يمكن أن تشمل السياسات والإجراءات المستدامة لإدارة الموارد المائية ما يلي:

  1. تشجيع ممارسات الاستدامة في الزراعة والري المحسن، مثل استخدام تقنيات الري الحديثة والمحافظة على التربة والمحاصيل المقاومة للجفاف.

  2. تطوير البنية التحتية لتحلية المياه واستخدام تقنيات تنقية المياه لزيادة الموارد المتاحة.

  3. تحفيز التوعية بأهمية المياه وتشجيع السلوكيات المستدامة لتوفير المياه في المجتمعات.

  4. وضع سياسات لحماية الحوض المائي وإدارته بشكل فعّال، بما في ذلك التحفيز للتعاون الدولي في مجالات مشتركة لإدارة المياه.

من خلال اتخاذ هذه الإجراءات، يمكن للحكومات أن تحقق التوازن بين تلبية احتياجات المواطنين والاقتصاد والحفاظ على الموارد المائية بشكل مستدام للأجيال القادمة.