على الرغم من الإصلاحات التي عرفتها منظومة التربية والتكوين في المغرب في السنوات الأخيرة، والبرامج التي أطلقتها الحكومات المتعاقبة لمكافحة التسرّب المدرسي، يُبدي مسؤولون ومهتمون بالشأن التعليمي في البلاد، حالياً، مخاوفهم من استمرار الهدر المدرسي وما ينتج عن ذلك النزيف من تحديات وتداعيات على المجتمع، خصوصاً في ما يتعلق بانتشار الجريمة في المجتمع وتزويج القاصرات.
أكد شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن “ميزانية التعليم تمثل 20 % من إجمالي الميزانية العامة، فيما لا تجاوز النفقات السنوية على كل تلميذ سقف 7000 درهم، وهو مبلغ يظل غير كافيا”.
وأضاف بنموسى، خلال حلوله ضيفا على صباحيات “HEC Paris” بالدار البيضاء، المنظمة من قبل جمعية قدامى طلبة المدرسة المذكورة، أنه “من أجل بلوغ هدف الحصول على مدرسة بجودة عالية للجميع، فإننا بحاجة إلى استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار الحقائق على أرض الواقع، وتطور العالم والمجتمع المغربي، وهو ما ينطبق بشكل صريح على الإصلاح الجديد للتعليم”.
وشدد الوزير على ان فقدان المجتمع الثقة في المدرسة العمومية هو موضوع مقلق، موضحا أنه لاستعادة هذه الثقة، يتعين استنفار جميع مكونات المنظومة التعليمية، ومدها بالإمكانيات المالية اللازمة، مشددا على أن أوجه إصلاح التعليم تختلف، لكنها تتوحد عندما يتعلق الأمر باللغة، إذ يتعين تعزيز تعليم اللغات بالمدارس، خصوصا اللغة الإنجليزية.
وفي 12 إبريل العام الماضي، كشف وزير التربية الوطنية والتعليم الأوّلي والرياضة شكيب بنموسى، في خلال عرض قدّمه أمام أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، أنّ نحو 331 ألف تلميذ وتلميذة غادروا صفوف الدراسة في خلال العام الدراسي الماضي (2020-2021)، بنسبة ارتفاع بلغت 0.3 في المائة مقارنة بالعام الدراسي الذي سبق (2019-2020)، موضحاً أنّ هذه المعطيات تؤثّر سلباً على مؤشّرات التنمية البشرية والتربية والاقتصاد بالبلاد، ولافتاً إلى أنّ انقطاع التلميذات عن الدراسة يشكّل أحد أسباب تزويج القاصرات.
ومنذ سنوات يطمح المغرب إلى وقف النزيف المدرسي عبر مجموعة من البرامج التي توفّر النقل المجاني والطعام والمبيت للتلاميذ الذين يقطنون بعيداً عن مقار تعليمهم، أو عبر تقديم الدعم المادي للأسر واستقبالها في سكن التلميذات والتلاميذ، مع مبادرة توزيع مليون حقيبة تحوي لوازم مدرسية، بالإضافة إلى إنشاء مدرسة الفرصة الثانية التي تقدّم دعماً مدرسياً وتكويناً (تدريباً) حرفياً للتلاميذ الذين تسرّبوا من التعليم.
لكنّ معطيات رسمية تضمّنها مشروع الموازنة الفرعية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأوّلي والرياضة لعام 2022 تكشف أنّ الهدر المدرسي ما زال يشكّل تحدياً مقلقاً لقطاع التعليم في التعليم الثانوي الإعدادي، وما زالت مؤشّرات الانقطاع الدراسي من أقسام الابتدائي والإعدادي والثانوي مرتفعة.
