أبو الشمائل .. رياح واستسلام

0
398
المكي ابو الشمائل: كاتب وشاعر مغربي
المكي أبو الشمائل، كاتب وباحث فكر (essayiste).

كان من المنتظر في بلاد الإسلام وبلاد مذهب الإمام مالك رضي االه عنه، أن يمنع المغني الفرنسي الموجود حاليا بالمغرب من الدخول إلى هذا البلد الأمين المستقر بفضل الله حتى لا يلوث عقول شبابنا ذكورا وإناثا بغناء الرداءة والعفن، ولا تزرع فوق أرضنا، أرض الكرامات، بذور الانحلال الخلقي الذي منه ما يسمى خطأ بالمثلية الجنسية والسحاق، ولا يشجع بذلك، أى بواسطة الكلام الساقط الملئ تسيبا، الاجتراء على الله بانتقاده والاستهزاء به وبرسول الله صلى الله عليه وسلم، والاجتراء على دين الله بالأكل في نهار رمضان، وبالامتناع عن الزكاة، وبالاستخفاف بالحج، وهلم جرا.

لا يختلف اثنان على أن فساد الأخلاق وتفشي جريمة الانتحار والتطاول على دين الله هنا وهناك في السنين الأخيرة أوبئة اجتماعية ورذائل خطيرة وخبائث مدمرة تنتشر بين ظهرانينا بقدر ما نغض الطرف عنها متساهلينن حيالها بدعوى التسامح ووسطية الإسلام، وغير ذلك من كلام الحق الذي يراد به الباطل او التستر عليه.

بيد اننا، ونحن هنا بصدد عود على بدء، نندهش للتساهل مع ذلك المغني العنصري الحاقد رغم تطاوله على نسائنا المغربيات بالولوغ في دمائهن بسائق العنصرية والعنجهية والغرور والعجب، فكان من نتيجة ذلك التساهل الغريب المريب أن تم تأويل التساهل المذكور على أنه اهتمام بذلك المغني وتقدير له، وتم التساهل في هذا الصدد، على غير المألوف، إلى الحد الذي بيعت معه التذاكر كلها تقريبا، كسلع نادرة، ونفدت نفادا تاما، وكأن الأمر يتعلق بلقاء عظيم من عظماء الدنيا، بينما الذي اشتريت التذاكر لحضور حفلة غنائه هو في الحقيقة لا يساوي عند الله جناح بعوضة.

اما ذهاب اموالنا المغربية داخل حقائب ذلك المغني خارج بلادنا، فذلك تبذير لا يغتفر لمن حضروا حفلته الغنائية، ولا يمكن أن يعبر عنه أسفا وكمدا سوى الفقراء الذين لا يجدون ما ينفقون لضيق ذات اليد لديهم، إلا أنهم لا يسألون الناس إلحافا.

كلا، لسنا بحاجة في بلادنا إلى غناء وطرب، ونحن سادة الدنيا بما أوتينا من علم بلغت أصداؤه الآفاق، وبشهرة من عرف بين ظهرانينا من رجالات عظام، كما لسنا بمتسامحين مع من يصرف المال بسخاء على الطرب واللهو واللعب وبيننا من هم بحاجة إلى هذا المال، مال الله، كى يصرف عليهم ابتغاء مرضاته.

فهذه الأرض المباركة، أرض المغرب، حيث يتعهد القران الكريم والسنة النبوية المطهرة بالصيانة، وموطن السلف الصالح، تذرع إلى الله تعالى لكى يحميها من غوائل الاستسلام لرياح التلوث الأجنبي والخنوع والانبطاح، وغير ذلك من المهلكات، ومما هو أصل كل الشرور.