تراجع المغرب تسع مراكز في مؤشر حرية الصحافة في عام 2023 الذي أصدرته اليوم الأربعاء منظمة “مراسلون بلا حدود” الدولية، إذ احتل الرتبة 144 من بين 180 دولة في العالم، بعدما كان في المركز 135 العام الماضي.
في أول تعليق للحكومة أخنوش على تقرير منظمة مراسلون بلا حدود حول حرية الصحافة الذي سجل تراجع المغرب في هذا المؤشر، اعتبرت الحكومة أن المنظمة معروفة بعدائها الممنهج ضد المغرب.
جاء على لسان الناطق الرسمي باسمها، مصطفى بايتاس،إنها الحكومة المغربية تتقبل بصدر رحب جميع الانتقادات بشرط أن تكون موضوعية وبناءة، لكن “مراسلون بلا حدود” تكن العداء للمغرب.
وقال بايتاس خلال الندوة الصحافية التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي اليوم الخميس بأن المؤسسة أصبحت مطية لمجموعة من الأجندات التي لا علاقة لها بمسار الصحافة بالمغرب.
وعزا تقرير “مراسلون بلا حدود” تراجع المغرب إلى “استمرار الاعتقالات في صفوف الصحافيين”، لافتاً إلى أنه “في السنوات الخمس الماضية، ابتلي الصحافيون المستقلون بفضائح جنسية مثل الاغتصاب والاتجار بالبشر والزنا وإجراء عمليات إجهاض غير قانونية”.
وجاء في التقرير أنّ “الاعتقال دون أمر قضائي والحبس الاحتياطي لمدة طويلة من الممارسات الشائعة في المغرب” مسجلاً أنه “في السنوات الخمس الماضية، اتخذت القضايا المرفوعة ضد الصحافيين المستقلين طابعاً أخلاقياً، علماً أنّ معظم هذه المحاكمات “تصاحبها حملات تشهير من تدبير وسائل إعلام مقربة من دوائر السلطة”، بحسب المنظمة.
ويأتي ذلك في وقت انتقد فيه رئيس “منظمة حريات الإعلام والتعبير”، محمد العوني، عدم التفات المؤسسات العمومية بما فيها الهيئات الحكومية لـليوم العالمي لحرية الصحافة، معتبراً أنّ ذلك يبرز “الحالة السيئة لحرية الإعلام بالمغرب؛ لاسيما أنّ العالم يخلد اليوم أيضاً الذكرى الثلاثين لإقرار الأمم المتحدة لهذا اليوم”.
وقال العوني، في تصريح صحفي أمس، إنه “كان المطلوب أن يكون اليوم فرصة لتطارح وتقييم أوضاع الإعلام، انطلاقاً من الخصاص المهول في الحرية كأساس لاستقلالية الإعلام ومهنيته. ولا أدل على ذلك من استمرار اعتقال الصحافيين والمدونين والتضييق على العمل الإعلامي الحر، واحتكار مؤسساته العمومية وتدجين الخاص منها، وحرمان المتلقين من إعلام يقدم خدمة عمومية مجتمعية تساهم بقوة في توفير شروط الانتقال الديمقراطي”.
منظمة حاتم : الحرية مدخل أساسي لتجاوز هشاشة الإعلام وإعمال حقوق لإنسان
وفي السياق، أوضح العوني أنّ “مرصد حريات” التابع لمنظمة حريات الإعلام والتعبير (حاتم)، وثّق الكثير من حالات انتهاكات وخروقات حرية الإعلام والإعلاميين وحرية التواصل الرقمي.
إلى ذلك، اعتبرت “النقابة الوطنية للصحافة المغربية” أنّ تطوير المشهد الإعلامي في المغرب الـ”متسم بالهشاشة والضعف وعدم القدرة على المنافسة، ومسايرة التطورات الرقمية المتسارعة”، “رهين بتحسين الأوضاع المادية والمهنية لجميع العاملات والعاملين في القطاع الصحافي من جهة، وفي تطوير المنظومة القانونية الكفيلة بضمان ممارسة حقيقية لحريات الصحافة والتعبير والنشر، وبتوفير حماية فعلية للصحافيات والصحافيين أثناء مزاولتهم لواجبهم المهني وتكون قادرة على التفعيل السليم لميثاق أخلاقيات المهنة”.
ولفتت نقابة الصحفيين المغاربة، في بيان لها الأربعاء، إلى أنّ تكريس حرية الصحافة وضمانها، لم يعد يقتصر على الضمانات السياسية والحقوقية التي تبقى ضرورية، ولكنه يتطلب أيضاً القضاء على جميع مظاهر الهشاشة الاجتماعية والمادية لدى الصحافيين، لأنه من شأن هذه الهشاشة أن تفقد الصحافيات والصحافيين استقلاليتهم وحرياتهم في تناول القضايا العامة من زاوية مهنية خالصة.
وبناءً على ذلك، قالت النقابة إنه “بالقدر الذي تدعو به إلى حماية حرية الصحافة من جميع أشكال التضييق المقترفة من طرف مختلف الجهات، فإنها تؤكد أيضاً وبالقدر نفسه، على حتمية الاهتمام بالأوضاع المادية والمهنية للصحافيات والصحافيين وجميع العاملين في قطاع الصحافة”.
من جهة أخرى، نبّهت النقابة إلى “مخاطر استمرار تراجع مبيعات الصحف الورقية، مما يهدد بإغلاق ما بقي منها، وحذّرت بهذا الخصوص من مخاطر فقدان الكثير من مناصب الشغل في السنوات المقبلة داخل القطاع الصحافي، مما ينذر بأزمات اجتماعية خطيرة”.
واعتبرت أنّ الإسراع بتغيير شامل للمنظومة القانونية لقطاع الصحافة والنشر وحماية الأمن الوظيفي بإقرار اتفاقية جماعية منصفة وملزمة، “أصبح ضرورة حتمية. كما أصبح لازماً إصلاح منظومة الدعم المالي العمومي التي تأكد عدم فعاليتها في صيغتها الحالية، حيث عادت بالنفع على بعض أرباب المقاولات، في حين لم يكن لها أي أثر على أوضاع العاملين والعاملات”.