“الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان”: على حكومة أخنوش الجديدة منح الأولوية لحقوق الإنسان والحريات تعيش “أسوء مراحلها ” في المغرب

0
291

يعدّ المجال الحقوقي أكبر ملفات الخلاف، فإن كان الجميع تقريباً يقرّ بأن عهد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان قد ولّى ولم تعد البلاد تأوي معتقلات سرية يموت فيها المعتقلون ببطء كـ “تزمامارت” أو حالات اختفاء قسري ينتهي فيها مصير المعارضين إلى المجهول، فإن الكثيرين لا يتشاطرون الرؤى ذاتها حول مدى التزام الدولة بتحسين أوضاع حقوق الإنسان، خاصةً تلك المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، أو الحريات الفردية، وأحياناً حتى بعض الحقوق الاجتماعية.

الرباط – قال “الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان” اليوم إنه ينبغي لـ “حكومة أخنوش الجديدة” أن تلزم نفسها بتحسين حقوق الإنسان بشكل ملحوظ في المغرب و الاستجابة للمطالب الحقوقية المستعجلة وجعلها أولويات في السياسات العمومية، “لكي تكون السلطات جديرة بثقة المواطن”، وذلك بعد اطلاعه على التصريح الحكومي أمام البرلمان وعدم تضمينه لأهم القضايا الحقوقية”، حسب تعبير الائتلاف.

وطالب الائتلاف في مذكرة رفعت لرئيس الحكومة “عزيز أخنوش”، “بتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي ظلت الحكومات عاجزة على تنزيلها، وفي مقدمتها الإعتراف بالحقوق الإنسانية للنساء سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بالمساواة، وكشف الحقيقة عن جريمة قتل المهدي بنبركة ومصير المختطفين الحسين المنوزي وعبد الحق الرويسي وعمر الوسولي ووزان قاسم وسالم عبد اللطيف ومحمد إسلامي وغيرهم”.

واعتبر الائتلاف أن من واجب الحكومة وقف ما أسماه ب”الانحراف والشطط الذي ترتكبه بعض المرافق بوزارة الداخلية بنفوذها وبسلطاتها الأمنية”، كتقييد ممارسة الحريات الفردية و العامة، مشيرا إلى أن هذه التجاوزات أصبحت في بعض الأحيان قاعدة ثابتة مثل انتهاك قانون الجمعيات برفض الولايات والعمالات والباشويات تسليم الوصل المؤقت والنهائي للعديد من التنظيمات عند وضعها للملف القانوني حتى بعد سنوات من الانتظار.

وأكد “الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان على ضرورة الالتزام بالتعهدات والتفاعل مع القضايا الدولية العادلة، ومناهضة التطرف العنيف والإرهاب وفي مقدمته الإرهاب الصهيوني والإلغاء التام لكل اشكال التطبيع مع الكيان، دعما لمقاومة الشعب الفلسطيني في استقلاله وبناء دولته، وإلغاء كل الاتفاقيات المبرمة معه بكل اوصافها وإغلاق مايسمى بسفارة إسرائيل بالرباط، وتقديم مشروع قانون تجريم التطبيع امام البرلمان، ووفاء المغرب بالتزاماته الدولية في المجال المتعلق بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها، والاسراع من جهة لتقديم التقارير الدورية ذات الصلة في آجالها المحددة، ومن جهة أخرى الاعمال الفعلي لمقتضياتها وللتوصيات والتعاليق الصادرة عن اللجن الأممية.

وسجل  الائتلاف بأن “السلطات العمومية قد أَلِفَت ممارسة الشطط وتجاوز حدود القانون برفض تطبيقه أو تجاوزه او انتهاكه في العديد من المجالات، وما ينعكس بسبب ذلك على ممارسة الحقوق والحريات المنصوص عليها بالدستور وبالقانون الدولي لحقوق الانسان، عوض التقيد بسيادة القانون وضمان حماية تلك الحقوق واحترام حق المواطنين في الاستفادة من حمايتها ومساواة الجميع أمامها”، مشيرا إلى أن “الاستقلال الحقيقي للسلطة القضائية وتنزيل فعلي لوظيفتها في مجالات العدالة والمحاكمات وضمان النزاهة في الإجراء ات والاحكام وتنفيذ القرارات القضائية وهي كلها تعرف تطاولا مكشوفا للسلطة عليها تنتهك حرمتها وهيبتها“.

واعتبر الائتلاف أن “الاشكال ليس دائما  في قلة النصوص والقواعد التي تشرع للحقوق او تنص عليها، او في قلة  الآليات الكفيلة  بالوقاية والحماية والتصدي لانتهاكها، بل ان المخاطر مردها أيضا و بالاساس الى ان الاجهزة الملقى على عاتقها مسؤولية احترامها وتفعيلها ومحاسبة منتهكيها، والتي  تلعب احيانا الادوار السلبية المهددة  للحريات وحقوق الانسان، وتسمح لنفسها بالتضييق على المنظمات الحقوقية او على نشطائها خارج نطاق المشروعية.

وأكد الائتلاف أنه “دق ناقوس الخطر أمام التراجعات التي يعرفها  الوضع الحقوقي بشكل واسع  ببلادنا منذ ما  يقارب العقد من الزمن، والتي تفاقمت أكثر في  ظل جائحة كوفيد 19، وسن قانون الطوارئ الصحية ، واستقواء السلطات العمومية بتعليمات رؤسائها، و دخولها مبكرا حلبة الاجهاز على الحقوق الاساسية وتجاهلها لضوابط القانون، ورفع درجات التضييق على المواطنين بما فيها فتح المئات من المتابعات عشوائيا واطلاق اليد  للحراسة النظرية وللاعتقال الاحتياطي، تحت ذرائع مفتعله أحيانا ،هو ما ادى الى تقويض قواعد دستورية وقانونية مثل قرينة البراءة والامن القانوني والقضائي”، مشددا على أن ” السلطات فتحت باب المغرب ـمام المجهول مماجعل الائتلاف ينبه إلى خطورة الوضع في بلاغات ومراسلات عديدة  دون تجاوب  من  مختلف مؤسسات الدولة وسلطاتها مع الاسف“.

وأضاف الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، أن” السنة الماضية ستبقى لسابقاتها ملطخة بالتجاوزات في مجال حقوق الانسان، وبالانتهاكات المتوالية للحريات و لسيادة القانون ولاستمتاع المسؤولين عنها بالإفلات من قبضة المساءلة والمحاسبة والعقاب، ما اعتبرت أنه “يهدد في الصميم امن المجتمع و سلامة المواطنين”.

وطالب الائتلاف بإحالة “كل ملفات الاختلاس والفساد المالي وتبديد المال العام دون اختزال ولا انتقائية على العدالة لمساءلة المتورطين فيها دون إغفال إعادة تنظيم اختصاصات وصلاحيات أجهزة الأمن ومؤسساته بما فيها مصالح الاستخبارات ووضعها تحت رقابة المؤسسة التشريعية وممثلي الأمة، و احترام القضاء وأحكامه والامتثال إليها وتنفيذها، والمعالجة الفورية والسريعة والنهائية لملف حقوق الانسان والحريات الاساسية، والتي تبدأ  من انفراج عام بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والصحفيين والحقوقيين، والمدونين ونشطاء الحراكات الاجتماعية بالريف ورواد مواقع التواصل الاجتماعي وغيرهم،  وتوقيف المتابعات التعسفية ضد  من اجبروا على مغادرة بلدهم خشية قرارات انتقامية  أو اعتقالات أو غيرها، ورفع المضايقات على المنابر الصحفية وعلى الصحفيين والكف عن متابعاتهم لاسباب مهنية مع مدهم بكل الدعم المادي و دون تمييز او محسوبية، والقطع النهائي مع المقاربات الأمنية مثل العقاب الجماعي بالشارع العام للمحتجين او المتظاهرين سلميا”.

كما طالب بـ”الاعتراف الفعلي واحترام المهام الدستورية للمجتمع المدني وللجمعيات، من خلال منع كل تضييق عليها في  ممارسة حرياتها في التنظيم والاشتغال، ووضع اطار  تشريعي جديد لتعديل كل المساطر التي تعرقل الاعتراف بمهام وأدوار المجتمع المدني وحرية تأسيس الجمعيات وفروعها، ونقل الاختصاصات الممنوحة لوزارة الداخلية واداراتها الترابية بالولايات والعمالات والباشويات والقيادات وغيرها  فيما يتعلق بقانون الجمعيات  والمظاهرات والتجمعات للنيابة العامة، والعمل فورا على تسوية الملفات العالقة وذلك بمنح الوصولات المؤقتة والنهائية للجمعيات ولفروعها والتي رفضت وزارة الداخلية ومصالحها الخارجية الى اليوم تقديمها عقب وضع التصريح بتأسيسها أو تأسيس فروع لها بشهور وسنوات”. 

لقد تمكّن المغرب من تجاوز عواصف “الربيع العربي” بأقل الأضرار عندما أعلن الملك المفدى محمد السادس حفظه الله عن دستور جديد هو الأول في عهده، وشهد عام 2011 ارتفاعاً واضحاً لمنسوب حرية الرأي والتعبير، خاصة مع بداية العصر الذهبي للشبكات الاجتماعية، كما تم الإفراج عن معتقلين إسلاميين وتم تحويل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى مجلس وطني، وشهد الإعلام العمومي طفرة في النقاش السياسي. 

لكن الآراء تختلف بين من يرى أن المغرب استمر على النهج ذاته، وبين من يرى بوقوع ردة حقوقية بدءاً من نهايات 2013، بل إن عصيد يرى أن “الربيع العربي” كان وبالاً على المغرب، إذ استغلت السلطوية تداعياته اللاحقة لأجل أن تحاول العودة إلى ما فترة ما قبل 1999.

وما جعل المنظمات الحقوقية الدولية وأخرى مغربية توجه سهام نقدها للدولة، ما يجري من محاكمات لمعتقلي حراك الريف، وكذلك لمعتقلي احتجاجات مدينة جرادة (تم إطلاق سراحهم بعفو ملكي)، فضلاً عن شكاوى من رفض الترخيص لأنشطة حقوقية، ووجود صحفيين ونشطاء حقوقيين خلف القضبان أو محاكمة بعضهم بناءً على تهم تخصّ المسّ بأمن الدولة، في وقت أعلنت فيه وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان السابقة، عن أوّل تقريرٍ  حكومي يخصّ  حقوق الإنسان خلال السنوات الثماني الأخيرة، وما حققه المغرب خلالها من “إنجازات” و”مكتسبات”. 

وهناك من يرفض ربط الاعتقالات التي تجري مؤخراً بقضايا حرية الرأي والتعبير أو حتى الحق في الاحتجاج، وهو ما يعبّر عنه يونس دافقير في حديث سابق لمواقع أجنبية: “هناك قراءة مغلوطة لما يجري سببها أن حقوق الإنسان أضحت ملجأ لتنفيذ أجندات سياسية”، يقول المتحدث ذاته، مبرزاً أنه “لا يوجد صحفي واحد معتقل بسبب كتاباته، فالاعتقال يعود إلى قضايا حق عام”، كما أنه “لا يوجد قرار بمنع التظاهر، فالحالات التي صدرت فيها عقوبات، هي حالات ارتكب فيها بعض المتظاهرين أفعالاً تقع تحت طائلة القانون الجنائي”، ويعطي دافقير المثال بملف المعتقلين في “حراك الريف”، إذ بت القضاء في الملفات بناءً على واقع التخريب وإضرام النيران وغير ذلك وِفق قوله.

إلّا أن أحمد عصيد يذهب إلى رأي آخر، فـالسلطة تخلت عن أساليب التضييق القديمة كالاختفاء القسري والتعذيب الممنهج، ولجأت بدلاً عن ذلك إلى أساليب جديدة يقوم جوهرها على التوجه إلى الحياة الخاصة لمن يبدون مواقف نقدية حادة، وتقديمهم أمام القضاء بملفات أخلاقية، أو اعتقالهم لتهم أخرى تحت فصول القانون الجنائي، وذلك كي لا يتم تصوير المحاكمة على أساس أنها محاكمة سياسية أو من قضايا حرية التعبير. ويعطي عصيد المثال بناصر الزفزافي، متزعم حراك الريف، الذي  كان يخاطب الملك في بعض فيديوهاته المباشرة بشكلٍ غير محترم، لكنه واجه تهماً أخرى أمام القضاء لأجل التغطية على الأسباب الحقيقية لاعتقاله وفق حديث عصيد.

 

 

 

عاجل.. إعفاء وزيرة الصحة المغربية “نبيلة الرميلي”من منصبها وتعيين وزير الصحة السابق آيت الطالب