أثار الحديث عن منح المواطنين الذين حصلوا على جرعتين من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا “جرعة جديدة أو ثالثة”، جدلا واسعا في المغرب.
وأكدت وزارة الصحة المغربية واللجنة العلمية لمواجهة فيروس كورونا، استقرار الحكومة المغربية على منح جرعة ثالثة من اللقاحات، لكن بعد مرور ستة أشهر على حصول المواطن على الجرعة الثانية من اللقاح.
في المقابل، قال عدد من خبراء وعلماء الصحة، إن الجرعة الثالثة يمكن الحصول عليها بعد مرور 9 أشهر من اللقاحات.
وتقدر دراسات طبية فترة المناعة الناشئة عن أخذ اللقاحات، بما يتراوح بين 6 أشهر إلى عام، مما يعني أن الجرعة الجديدة ستنشئ مناعة جديدة ضد الفيروس، وليس تعزيز فعالية الجرعتين السابقتين.
ولكن بعض الباحثين ومسؤولي الصحة يشكون في أن الأجسام المضادة ضد الفيروس التاجي التي يتم إنتاجها من خلال اللقاحات قد تتضاءل بمرور الوقت – ربما بعد عام أو أكثر – وقد لا تحمي أيضًا من متغيرات فيروس كورونا التي يمكن أن تظهر.
وفي يوليو، قالت وزارة الصحة الإسرائيلية في بيان إنها لاحظت انخفاض فعالية لقاح فايزر من أكثر من 90 بالمئة إلى حوالى 64 بالمئة مع انتشار بعض السلالات الجديدة، وهذا يعني هذا أن الشخص الذي تم تطعيمه سيحتاج إلى جرعة معززة من اللقاح للبقاء محميًا من سلالة الفيروس التاجي الأصلية والمتحورات الناشئة حديثًا، بما في ذلك متحور دلتا، بطريقة مشابهة لكيفية التوصية باستخدام لقاح معزز ضد مرض التيتانوس (الكزاز) كل بضعة أعوام، أو لقاحات الإنفلونزا المختلفة كل سنة.
في حين أن الجرعات المعززة النموذجية تستخدم نفس صيغة اللقاح التي حصل عليها شخص سابقًا لتذكير الجهاز المناعي بالمناعة ضد مسببات الأمراض، فإن أي معززات مستقبلية للقاح يمكن أن تستخدم صيغ لقاح معدلة، وفقا لما قال ويليام موس، الأستاذ والمدير التنفيذي للمركز الدولي لإتاحة اللقاحات في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة.
وكانت شركتا فايزر وبوينتك أكدتا في بيان أنه في حين أن الجرعة الثالثة من لقاح فيروس كورونا لديها “القدرة على الحفاظ على أعلى مستويات الفعالية الوقائية ضد جميع المتغيرات التي تم اختبارها حاليًا بما في ذلك دلتا، فإن يجب اليقظة ومتابعة النتائج”.
وحسب ما ذكرته الصحيفة الإخبارية الألمانية “فرانكفورتر روندشارو” نقلا عن وكالة التأمين الصحي “كالليت”، فإن 31 بالمائة من المشاركين في الدراسة أبلغوا عن ظهور تفاعل واحد على الأقل في أجسامهم بعد التطعيم، بينما قال معظمهم إنهم شعروا بالألم في موضع الحقن في ذراعهم.
وأضافت ذات الوكالة أن 9 بالمئة من أصل حوالي 4500 شخص شعروا بتعب شديد بعد التلقيح، في حين عانى حوالي 6 بالمائة من توعك في عضلاتهم، بينما احتاج 1 في المائة إلى المساعدة الطبية بعد تلقي الجرعة الثالثة.
وبالإضافة إلى ذلك، أبلغ حوالي 0.4 عن إحساسهم بصعوبة في التنفس بعد تلقي الجرعة الثالثة، بيد أن الفريق الطبي المشرف على الدراسة أكد أن هذه المخاطر شملت في نسبة كبيرة منها الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا.
يذكر أن المغرب كان قد باشر منذ أسابيع تلقيح الفئات المسنة والهشة بجرعة ثالثة معززة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد، والأمر ذاته بالنسبة لإسرائيل، في حين تعتزم فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة القيام بذات الإجراء قريبا.
وتقدر إحصائيات وتصريحات رسمية، عدد الجرعات التي تم إعطاؤها للمواطنين، بما بلغ عدد الملقحين بالجرعة الثانية إلى 21 مليون و 835 ألف و545 شخصا، فيما بلغ عدد متلقي الجرعة الأولى 24 مليون و 53 ألف و942 شخصا من جرعة من لقاحات مختلفة.
وأكد حمضي، في السياق نفسه، أن دراسة حديثة أظهرت أن الآثار الجانبية ليست خطيرة ومماثلة لتلك التي تظهر في الجرعة الثانية، أي هو ألم في موضع الحقن وصداع، وأحيانا حمى.
وسجل المُتحدث أن ما يفوق 99% من الوفيات المُسجلة في المملكة، كانت من بين الأشخاص غير الملقحين، لتبقى نسبة الملقحين المُتوفين بسبب مُضاعفات كورونا، لا تتجاوز الـ 0.5 بالمائة.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الصحة المغربية، شروعها في تعميم الجُرعات الثالثة من اللقاح المُضاد لفيروس كورونا، وذلك في أعقاب تلقيح أكثر من نصف الأفراد.
وتأتي هذه الخُطوة الحُكومية، بعد توصيات من اللجنة الصحية لمواجهة جائحة كورونا.
وفرض الحكومة المغربية “جواز التلقيح” أن تصر بيان جديد تبنت سلسلة من الخطوات التي تشجع المواطنين على تلقي التلقيح من جديد.
وبدأ العمل بالجواز يوم الخميس 21 أكتوبر تشرين الأول.
وقالت سيدة (43 عاما) من الرباط قدمت نفسها باسم أمينة فقط “هذا جواز عنصري” وتساءلت “ألهذه الدرجة تهتم الدولة بصحة المواطن، وأين كانت عندما يموت المواطنون على أبواب المستشفيات من قلة ذات اليد ولم يجدوا ثمنا للعلاج”.
واحتج عشرات المواطنين في الرباط، كما أظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، ونُظمت احتجاجات في كل من الدار البيضاء وأغادير وآسفي ووجدة، قوبلت كلها بالمنع “بسبب حالة الطوارئ الصحية”.
ورفع المحتجون شعارات مثل “لا لا لجواز التلقيح” و”صامدون صامدون للجواز رافضون”.
وأضافت “لست ضد التلقيح، لكن هناك أمورا غير واضحة من حين لآخر نسمع عن وفاة أو تشوه مباشرة بعد تلقي أحد الضحايا اللقاح، وفي كل مرة لا أحد يوضح لنا حقيقة ما يجري، اللقاح في طور التجريب ونحن لسنا فئران تجارب”.
وقال شخص رفض نشر اسمه “أخذت الجرعتين الأولى والثانية لأنني بغباء صدقت في البداية أننا بذلك سنعود إلى وهم الحياة الطبيعية التي ما يمنوننا بها.
“ومن بعد تبين أن هناك جرعة ثالثة والكواليس تتحدث عن حقنة رابعة.. إلى ماذا سينتهي هذا العبث، منذ عامين ونحن محرومون من التنقل بحرية، في البداية قلت إنها مبالغة أن نتحدث عن نظرية مؤامرة الآن اقتنعت بها”.
وفرض المغرب جواز التلقيح في 21 أكتوبر الحالي، كشرط للتنقل بين المدن ودخول الأماكن العامة والأماكن التجارية الكبرى والمقاهي والمطاعم ودور السينما والمسارح وقاعات الرياضة، بعد أن قالت السلطات إن الحالة الوبائية في تحسن خلال الأسابيع الماضية.
وقال مصطفى ناجي الخبير في علم الفيروسات بكلية الطب بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء لرويترز” من الناحية العلمية لا سبيل للقضاء على الفيروس إلا بالتلقيح”.
وأضاف “هناك أشخاص يحملون الفيروس يضرون أنفسهم ويضرون الآخرين. الغاية هي الوصول إلى المناعة الجماعية بأن نصل إلى 80 في المئة من الملقحين، ومنذ أسابيع نقف عند 60 في المئة وإذا استمر الوضع كذلك سنفقد حتى مناعة 60 في المئة”.
وحتى أمس السبت تلقى أكثر من 23.5 مليون مغربي الجرعة الأولى ونحو 21.5 الجرعة الثانية وأكثر من 982 ألفا جرعة ثالثة، في البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 37 مليون نسمة.
وطالبت مجموعة من الأطباء والصيادلة المغاربة في رسالة إلى وزير الصحة بعد فرض الجواز الصحي “بوقف التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد”.
كما طالبت الرسالة “بالاطلاع على مكونات اللقاح” وأشارت إلى وفاة عدد من المغاربة بعد تلقيهم اللقاح.
وقال ناجي الخبير في علم الفيروسات “لا أظن ذلك، ليس لهذا صحة علمية، يمكن أن يكون لهؤلاء أمراض أخرى وتزامن ما حدث لهم مع تلقيهم جرعات التلقيح”.
وأضاف “أن مكونات اللقاح معروفة وليست مجهولة للمختصين”.
ودق الأطباء والصيادلة في رسالتهم “ناقوس الخطر لتنبيه السلطات أن تطبيق تدابير تقييدية لا دستورية لا ترتكز على أي أساس علمي”.
وأضافت الرسالة أن الأمر “يتعلق بمرض لا تتجاوز نسبة الوفيات في ذروته واحدا في المئة.. إضافة إلى فيسيولوجيا كوفيد19 أصبحت مفهومة أكثر لهذا لا مبرر لإجبارية التلقيح”.
* جدل حقوقي ودستوري
كما رافق فرض الجواز الصحي جدل من طرف حقوقيين وسياسيين وهيئات مجتمع مدني اعتبروه تقييدا للحريات وخرقا للدستور.
وكتب عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المستقلة، في تدوينة أن “القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له”.
كما قال في تصريحات إعلامية أن “الملقحين معرضون للإصابة أيضا ونقل العدوى مما يجعل هذا الجواز غير ذي جدوى علميا”.
ووقع نشطاء وزعماء أحزاب سياسية مغاربة عريضة رافضين جواز التلقيح” بدون نقاش وطني” أو “إشعار مسبق أو آجال معقولة”، مستغربين “عدم احترام الحكومة مخاوف وإكراهات بعض المواطنين”.
وذهبت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد،المعارض إلى أبعد من ذلك بالطعن في قرار “جواز التلقيح” وإلغائه أمام المحكمة الدستورية.
وقالت إن الجواز “تم اتخاذه خارج مقتضيات الدستور مع انتهاكه لمبادئ الحقوق والحريات”.
وفي رسالة غير مسبوقة من نقابة هيئة المحامين، اعتبرت الهيئة أن قرار فرض الجواز الصحي يتضمن “تراجعات عن مكتسبات حقوقية، ومقتضيات مخالفة للدستور لمساسها بحقوق دستورية، ومنافية لما أقرته المواثيق والإعلانات والعهود الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، فضلا عن كونها لا تكتسي أية صبغة استعجالية بالنظر لتحسن الحالة الوبائية”.
كما نبهت الرسالة إلى “غياب الأساس القانوني المؤطر لمنع المواطنات والمواطنين من الاستفادة من خدمات المرافق العمومية الحيوية، ومنعهم من ممارسة حقوقيهم الدستورية”.
وأشارت إلى أن قرار فرض الجواز بقرار حكومي “تم الإعلان عنه بقصاصة إخبارية… بدل البرلمان طبقا للفصل 71 من الدستور”.